| العالم اليوم
لا يمكن لأي كاتب أو أي انسان أن يلقي المحاضرات والتوجيهات للفلسطينيين وقيادتهم عن كيفية التعامل مع أشرس عدو وأخبثه على مرِّ التاريخ,, فاليهود هم قتلة الأنبياء، وقد عرفوا منذ ظهور البشرية بالغدر والخبث والعدوانية والحقد على غيرهم من البشر، والذي نشاهده من أعمال اجرامية ترتكب ضد الشعب الفلسطيني لم نر له مثيلاً في مكان آخر، ومع هذا فإن المجتمع الدولي يُعَدُّ أكثر ظلماً من اليهود، لأن من يسكت عن الظلم ويساعد الظالمين، هو أشدُّ ظلماً من مرتكب الظلم.
الأمر المهم، أننا لا نريد أن نمارس الأستذة على رجال الفداء والكفاح والنضال من الفلسطينيين وقادتهم، فما نحن إلا حَمَلة أقلام، نجلس خلف مكاتب في غرف مكيفة، وفينا من يحتسي القهوة وبين أصابعه سيجارة فاخرة الحمد لله لست منهم وفي تلك الحالة المريحة يبدأ الكاتب ينظّر،ويقترح ويوزع الاتهامات ويسِم البعض بالخيانة، ومن هؤلاء المتهمون والموصوفون بالخيانة من يكافح وينافح ويواجه الأعداء هو ورجاله ويقابلون بصدورهم الرصاص والصواريخ والدبابات.
والفلسطينيون اليوم,, شعباً وقيادة وسلطة ومعارضين,, وأناساً عاديين وأطفالاً ونساءً وشيوخاً,, جميعهم يواجهون موقفاً لا يحسدون عليه، ففي الوقت الذي فرض فيه عليهم الحصار والتعرض للرصاص وقذائف الصواريخ، يضغط على قيادتهم لتلبية دعوات تطالبهم بالاجتماع مع من وجّه الأوامر بقتل شعبهم، وتلبية مثل هذه الدعوات تضع القيادة الفلسطينية في موقف لا تحسد عليه، فهي إن لبت الدعوة رغم علمها ان أي اجتماع مع باراك أو غيره من اليهود لا طائل منه، وهو بالتالي لا يحقق أي فائدة للفلسطينيين ان لم يكن الأمر في مصلحة اسرائيل التي يريد قادتها تبرير فعلتهم القذرة وجريمتهم الشنيعة,.
نقول إن القيادة الفلسطينية إذا لبت الدعوة فإنها بهذا تترك شعبها يواجه محنته وحيداً مما يعرضها للوم والمساءلة من شعبها الصامد، وان رفضت الدعوة، اعطت مبرراً للذين يتصيدون أي هفوة للقيادة الفلسطينية لتحميلها مسؤولية تخريب السلام,, وهؤلاء الذين يضغطون على القيادة الفلسطينية والذين لا يجرؤون حتى على قول الحقيقة المجردة التي تؤكد عدوان الإسرائيليين، ينتهزون أي فرصة لايجاد توازن بتوجيه اللوم أو الاتهام للاسرائيليين والفلسطينيين وسط حيرة القيادة الفلسطينية التي تركت وحدها في مواجهة العدوان الإسرائيلي إذ لم تجد من المساندة شيئاً,, سوى الاحتجاجات والشجب.
فهل ترى أن تلبية دعوة الأمريكيين للاجتماع في باريس اليوم مع كبير الجزارين باراك قد توقف المجزرة,, وتسقط كل المبررات الأمريكية التي لا تزال شاخصة مع كل ما شاهده العالم من الجرائم الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، فقبل ليلة من الاجتماع المرتقب اليوم بين عرفات وباراك منعت أمريكا مجلس الأمن من العمل على وقف المجزرة الدائرة منذ سبعة أيام.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|