| عزيزتـي الجزيرة
في كل مجتمع ظواهر سيئة وهذه الظواهر تتفاوت بين مجتمع وآخر, كما أن هذه الظواهر تتفاوت تصاعداً وهبوطاً تبعاً لدور التوجيه في هذا المجتمع وذلك ويأتي دور التوجيه فعالاً اذا احسن اداؤه واخلص الموجه في توجيهه والعكس صحيح.
ومن هذه الظواهر التي تأخذ ابعاداً مختلفة وفيها استغلال عدم وجود الرقابة الاسرية في بعض الاسر، وفيها كذلك تعبير همجي عن مشاعر واحاسيس متفلتة لا يمكن السيطرة عليها لان هذا المتفلت عشوائي التصرف احد جوانب التأثير عنده هو الرفقة التي تشجع دوماً هذه الاعمال التي يكون التفنن فيها لاظهار تربية غير سوية ويستحسنها من هم على هذه الشاكلة.
والغريب هو ان تجد هذه التصرفات تصدر ممن تحسب ان العقلانية سمة فيهم، واذا به عندما يخلو له الجو يمازح نفسه بفعلته ويستحسن تصرفه دون رادع ولا وازع.
هذه الظاهرة لا نفتأ ننظر اليها بين الفينة والاخرى منتشرة في الشوارع وعلى الجدران وعلى طرق السفر الطويلة لنجد الذكريات والالفاظ غير المسؤولة والكلمات التي تخدش الحياء العام وكل ذلك يعتبر تطاولاً على مجتمعنا العريق المتمسك بفضائل الامور كل ذلك بعيداً عن الادب واحترام مشاعر الآخرين وآرائهم فضلاً عن ان الكتابة ازعاج بصورة دون صوت.
ان الكتابة على الجدران شكل غير حضاري حيث تعدم املاك الآخرين بالكتابة عليها سواء كان هذا الملك خاصا او عاما, ولو عرف هذا الكاتب تلك الدعوات التي تنهال عليه من المتأذين وغيرهم لأقلع عن هذا التصرف المشين, ولو عرف أيضاً ان هذه الكتابة عن شخصه بوصف سوء عنه او الكتابة على ملكه لعرف شناعة ما يفعل.
وليس شرطاً ان يكون الكلام سيئاً، فقد تكون ذكريات او غيرها ولكن الفعل دنيء بحد ذاته.
ان من يكتب على الجدران يكون قد ارتكب وخرق اموراً عدة وواجه استهجان العقلاء والواعين فهو لا ادب له ولا اخلاق تردعه عن افعاله السيئة، لانعدام الرقابة الذاتية لديه وعدم شعوره بالمسئولية، فالدعوات عليه كثيرة لانه متحجر الضمير لا فكر عنده ولا تفكير ولا شيء يردعه.
حتى ان الصغار الذين يفعلون ذلك يكون هذا عندهم اما بمحاكاة من هم اكبر منهم سناً واما لعدم تربيتهم التربية السليمة التي تمنعهم من عمل ماهو مناف للعادات الحميدة والاخلاق الحسنة حيث يكونون بعيدين عن الرقابة الاسرية او احترام الآخرين بشكل عام، لان الخلل لا يكون غالباً الا عند انعدام التربية لدى الفاعل، فحب ارتكاب الاخطاء او عمل اي شيء غير لائق جبلة وسجية اصبحت تلازمهم، فعندهم الممنوع مرغوب ولدى المجبولين على التفاهة امر مقرب ومحبوب.
لكن مما يحز في النفس كثيراً هو ان تجد بعض طلبة الجامعة ومن سيصبحون يوماً ما معلمين وموجهين لجيل المستقبل، نجدهم يقترفون نفس الاخطاء مما يخدش الحياء العام حيث نجد كتابة على جدران دورات المياه في كلياتهم ونجد كتابة على أوراق ملصقة في الحرم الجامعي او غيره اما توجيهية ارشادية او بيانية لامر ما، ونجد الكتابة بشكل ملفت للنظر وكبير على طاولات الدراسة، حيث يعبر ذلك الشخص عن اقواله وآرائه وافكاره دون مبالاة ومسؤولية وقد يقول البعض بضرورة جعل لوحات خاصة لمن يريد التعبير عن اي شيء في نفسه بشكل منضبط ومرتب، فأقول: لن يكون هناك انضباط لهذه الهمجية الا بالتربية والتوجيه والردع اذا تطلب الامر حتى ننتج مجتمعاً راقياً بعيداً عن الترهات.
والله سبحانه وتعالى الهادي الى سواء السبيل.
ناصر بن إبراهيم الحمود
|
|
|
|
|