تُرَدُّ الكلمات في العربية عادة إلى أصلها الثلاثي، لمعرفة مصدرها، ومن ثم صيغها الأخرى المشتقة منه،,,, لكن بعض الكلمات في العصر الحديث ، لم يكن لها مصدر إلا فاعلوها,,, أي الذين يوجدونها بأفعالهم,,, ولعل كلمة مفحِّط هي في وقتنا المصدر للتفحيط ، ويفحِّط وفحَّط ,,, فما نشأنا نسمع بها,,, حتى إنها عندما وردت للمرة الأولى إلى سمعي كنتُ أبحث عن معناها,,, فإذا بالشوارع الطويلة ترسل لي هذا المعنى صارخاً يوقظني من عز النوم في هدوء الليل المنساب,,, وهو يظلل مدينة الرياض الساحرة في هجدته,,, وصمته,,,، وهي ترسل لي هذا المعنى في أية لحظة وعلى وجه الخصوص في الأيام الأخيرة وفي كل الأوقات في الظهيرة، وعند الغروب، وفي المساء وفي الصباح,,, حتى إنني خلت هؤلاء المفحطين على اتفاق ما مع بعضهم في تحدٍ صارخ مع النداءات المكثفة للتوعية المرورية والأمنية,,, التي أخذت على عاتقها ربط المواطن بالمسؤول في مسؤولية الأخذ بالأنظمة إلى حيز التنفيذ الأمثل حين تتضافر الجهود عن وعي، وعن إيمان مطلق بحضارة الأمة والأفراد حين تنتظم منظومة الأفراد كل حسب موقعه وصفته في اتباع نظام مروري، وأمني، وسلوكي في الشارع، وفي داخل العربة، وفي المنزل، وفي المؤسسات المختلفة بما يعكس هذه الحضارة في شكلها السلوكي, ومن أجل هذا قامت ظاهرة الحملات في لقاءات تمت بين القيادات المختلفة والمتعاملين مع مرافقها من الشرائح المجتمعية البشرية المختلفة,,, وجنَّدت الداخلية في داخل أروقة وزارتها وإداراتها نفسها تجنيداً دؤوباً ملحوظاً اتخذ من الإعلام منابر للتوعية الشاملة بمثل ما اتخذت من كافة وسائلها وجميع إمكاناتها جسوراً إلى الفرد حيث يكون، وأدت بذلك الدور الأول في التواصل، وبقي على الفرد في كل مكان دوره كي يتفاعل,, فما الذي حدث؟,,.
ظل الفرد يتهاون في تعاونه، يقطع الإشارة، ويأوي المتخلف، ويتأخر في إنجاز أوراقه الرسمية ودفع ما يتطلب من رسوم في وقتها النظامي، ويسرع في سيره، ويلقي نفاياته في عرض الشارع، ويستخدم المنبِّه في غير ضرورة، ويتخطى العربات في الطرق المزدحمة، ويقف في عرض الطريق، ويتجاوز كافة ما يحقق له منافعه الشخصية على حساب المنفعة العامة,,.
وليته يقف عند هذا الحد,,, إلا أن هناك ظاهرتين تدخلان ضمن العجائب السبع ,,, هما هذه الظاهرة ظاهرة التفحيط بعد أن دخل هذا المصطلح الدوائر الرسمية، ومعها ظاهرة السرقة لكماليات العربات في عمق الليل حين تهجد الأجساد وتغفو العيون، من جوار البيوت وما أكثرها تلك البيوت التي لايوجد لأصحابها مستودعات لحفظ عرباتهم فيها بالليل,,, فيوقفونها بجوار منازلهم وعندما يصبحون يجدونها قد سُرقت، أو سُرق ما فيها,,, أما المفحِّطون فقد أصابونا بالإزعاج وخدشوا هدوء لحظاتنا وعلى وجه الخصوص في الأيام القائمة,.
إن هاتين الظاهرتين على ما تسببانه من زيادة جهود لمسؤولي الأمن كل في اختصاصه، فيهما مؤشران إلى ظاهرة أخلاقية خطيرة تتفشى في الناس: السرقة والتطاول أي الاجتراء السافر على الأخلاق التي لا بد أن تكون قوام سلوك الأفراد,,.
وفي ذلك ما يؤكد دخول الأمراض الباطنية وتفشيها في المجتمع مما يؤكد ضرورة الالتفات إلى التربية وإلى العقوبة الصارمة,,, درءاً لعدم تفشي أمراض أخرى تنجم عنهما.
فأين الوازع الخلقي من هؤلاء؟,,.
وهل الأمن تخلو مسؤولياته إلا من متابعة هؤلاء؟
إن هاتين الظاهرتين لا تمران مروراً عابراً، بل تستوجبان الاهتمام الكلي والمتابعة الدقيقة وإقامة العقاب اللازم والرادع والصارم.
ولقد جاء في تصريح مدير عام المرور العقيد فهد البشر في عدد أمس من هذه الصحيفة في الصفحة الأخيرة منها أن عقاب المفحط سحب عربته وجعلها في خدمة الأمن وإجراء العقوبة الصارمة خير ما يؤكد ضرورة تنفيذ هذا الأمر وعدم التهاون فيه، ولعل كل من ناشدهم من أولياء الأمور والأفراد أنفسهم من الشباب المارق على التربية وحسن الأخلاق، أن يتفهموا دورهم وواجبهم تجاه القضاء على هذه الظاهرة,, أما سرقة العربات فلعل متابعة ليليلة للشوارع في الأحياء السكنية الهادئة والواسعة والضيقة وإقامة العقوبة الصارمة خير ما يحاول القضاء أو معالجة الاجتراء العلني حتى لو تم ذلك في الظلام,,.
أعان الله الأمن ورجاله,,.
وساعدهم على أداء واجبهم,,.
وسدد خطاهم,,, وألهم المجتمع حسن الخلق، والوعي بالأمانة في التربية وفي مجاهدة أمراض النفوس.
|