| مقـالات
لا يمر العام على كثير من الناس,, إلا وقد نازعته فكرة التجديد في منزله حتى ولو كان من غير القادرين, هناك كثيرون,, يحبون التغيير,, أو على الأقل الاصلاح، والتعديل البسيط,, كأن يغير موقع باب أو شباك، أو ينشىء,, غرفة أخرى صغيرة,, أو يحول البرندة,, الى مجلس كما يفعل أهل القرى,, فقد كنا في بداية الطفرة كما يقولون,, لا ندرك ضروريات البناء,, ولا ما يتناسب مع طبيعة بيئتنا,, فأنشأ كثير من الناس ما يسمى بالبرندات,, حتى إذا عادت حليمة لعادتها القديمة أو قل الأليمة,, واكفهرت السماء، ولوحت برياح حمراء تقذف غبارا وما في الشوارع من نفايات خفيفة,, امتلأت تلك البرندات,, وأخذت بقية غرف المنزل حظها الوافر من تلك الأشياء,, فانتبه الناس أخيرا الى أن منازلهم لا تقع على ضفاف الريفيرا الفرنسية، ولا بحيرة جنيف المشهورة فحولوا البرندات الى مجالس اضافية، أو اضافوها الى ما حولها من غرف,, تماما مثلما فعلنا عندما ضحك علينا أهل البلدان التي تكثر فيها الثلوج,, فيضطرون الى وضع القرميد على سقوف المنازل,, فأقنعونا بجمال القرميد وان كانت منازلنا لا تحتاج اليه,, بل بالعكس,, فإنه إذا ما هبت تلك الرياح,, أودعت ما حملت بين ثنايا القرميد,, فأصبح السقف من أعلاه ملاذا للقمائم الرياحية,, وهكذا دفعنا حب التقليد الى الوقوع في أخطاء كثيرة أثرت في مداخيلنا,, وحملتنا الشيء الكثير، وما زلنا نسرع الخطى في التقليد,, في كل شيء,, كأننا لا نملك أشياء تفوق ما نقلده,, وتوجد لنا ميزات اجتماعية وتراثية تجعل الآخرين يتحدثون عنا وعنها,, وقد أثر هذا التقليد في انتمائنا الديني السليم فلبسنا ما لبسوا,, وقصصنا الشعور فأصبحت المرأة,, تحمل فوق رأسها ما يشبه العشة,, حيث تبتر شعرها وهو أجمل ما يميزها ويجذب اليها الرجل,, حتى كتفيها,, والشاب يترك للحلاق الأجنبي فعل كل قبيح في حلاقة رأسه,, وحتى السلاسل لبسوها,, والبنطال والفنايل المزركشة الملونة,, المرسوم عليها صور شتى مقززة,, وعبارات لا يفهمها ذلك الأبله الذي يلبسها,, وسمعت من بعضهم من يقول عند المفاجأة بأمر من الأمور,, فاش كما يقول النصارى,, زيادة في التمدن الممرض ورأيت من يشرب الماء والشاي باليد اليسرى,, وسمعت من ينادي والده باسمه المجرد,, ووالدته كذلك,, وقبلنا في بيوتنا بعاهات وأمراض فكرية ونفسية فكانت القنوات التي تؤدي من الأدوار ما لم تؤده مدارسنا جميعا,, وهكذا نسينا أنفسنا,, حتى ذبنا في الآخرين.
|
|
|