| مقـالات
* العوامل التاريخية
إن المراجعة التاريخية لتطور حضارة جزيرة العرب في مختلف العصور تظهر مدى استفادتها من منجزات الحضارات الأخرى ولا سيما الأوروبية التي تركت أثرها منذ قيام عصر النهضة على تطور شعوب الشرق الأوسط في الفترة اللاحقة، وهي علاقة متبادلة حيث إن هذه النهضة قامت إلى حد كبير على أساس الاستفادة من المكتسبات العظيمة للحضارة العربية الإسلامية التي انتقلت إلى أوروبا عبر الأندلس في القرون الوسطى، ولم يقتصر التأثير والتأثر على مجال العلوم من رياضيات وفيزياء وكيمياء وطب وفلك وهندسة فقط، بل كذلك على مجال العلوم الإنسانية أيضا من أدب وفن وفلسفة ومنطق ، واليوم حين يدخل الشرق العربي مرحلة التحديث الحضاري يكون من الطبيعي أن يلجأ إلى تعميق العلاقات مع البلدان التي حققت تقدماً كبيراً في بناء حضارتها مثل روسيا التي تحولت في فترة قصيرة من الزمن من بلد زراعي متخلف إلى دولة صناعية كبرى كانت لها الريادة في دخول ميادين العلم والتقنية والفنون والآداب، ويكفي القول إن أول رجل حلق في رحاب الفضاء هو الروسييوري جاجارون ، ولهذا فإن من الطبيعي أن تصبو المملكة العربية السعودية التي حققت في فترة زمنية قصيرة جداً أيضاً طفرات كبيرة في انتقال المجتمع من الحياة الريفية إلى أساليب الحياة العصرية، وإجراء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الجذرية، إلى إقامة علاقات وطيدة مع روسيا على أساس المنفعة المتبادلة، واحترام تقاليد وقيم الشعبين.
لقد كانت جزيرة العرب على مدى القرون حلقة الوصل التي تربط بين الشرق والغرب، إذ يحيط بها البحر الاحمر من جهة ، والخليج العربي والبحر العربي من جهة أخرى، ولهذا كانت تمر بها القوافل التجارية والسفن التي تنقل البضائع بين ثلاث قارات هي آسيا وإفريقيا وأوروبا, وازدادت أهمية جزيرة العرب بعد ظهور الإسلام فيها، فأصبحت مركزاً للعالم الإسلامي أيضاً، وبهذا أخذت جزيرة العرب تتمتع بأهمية استراتيجية واقتصادية وتجارية وروحية، وبعد اكتشاف مكامن النفط اتجهت إليها أنظار الدول الصناعية، فسعت إلى تكريس نفوذها هناك بكافة السبل، وإلى إبعاد المنافسين عنها باستخدام شتى الأساليب الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، وفي العقود الأخيرة من القرن العشرين أصبحت منطقة الخليج العربي مسرحاً للصراع الشديد والمديد بين مختلف القوى العالمية, كما كانت في العصور الغابرة مسرحاً للصراع بين الرومان والفرس والأحباش.
* العوامل السياسية:
تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول العربية الكبيرة والغنية التي تمارس دوراً بارزاً في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وتشارك المملكة في معالجة الكثير من المشكلات والأزمات وتحتكم إليها الدول العربية الأخرى لدى تسوية الخلافات بينها, علماً أنها لم تظهر على الخارطة إلا في العشرينات من القرن العشرين حين استطاع مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود جمع شمل أراضي جزيرة العرب، ومن ثم أعلن عن قيام المملكة باسمها الحالي في سبتمبر 1932م، وسبق ذلك في ديسمبر 1925م إعلان ابن سعود ملكاً للحجاز وسلطان نجد وملحقاتها، وجدير بالذكر أن الاتحاد السوفيتي كان في طليعة الدول التي أعلنت اعترافها بالمملكة العربية السعودية، وأقامت العلاقات الدبلوماسية والقنصلية معها, وذلك في 16 فبراير 1926م.
ولابد من الإشارة إلى أن الملك عبدالعزيز كان يود نفسه توطيد العلاقات مع روسيا السوفيتية انطلاقاً من مصالح ترسيخ أركان دولته الفتية على الصعيد الدولي، وهذا ما حدث في أواخر عام 1922م حين جرت أولى الاتصالات بين الجانبين أثناء انعقاد مؤتمر السلام الدولي في لوزان، والتقى تشيتشيرين رئيس الوفد السوفيتيحبيب لطف الله مبعوث الملك عبدالعزيز إلى المؤتمر من جانب آخر كان الكرملين يتوق أيضاً إلى إقامة علاقات مع المملكة، وافتتاح ممثلية له في جدة من أجل إيجاد موطئ قدم له في منطقة الخليج العربي.
علماً أن روسيا القيصرية لم تفلح قبل ثورة اكتوبر عام 1917م في منافسة النفوذ البريطاني في جزيرة العرب, واستطاعت فقط نشر نفوذها إلى السواحل الإيرانية على الخليج العربي, هذا بالرغم من اهتمام روسيا بإقامة علاقات مع جزيرة العرب بسبب وجود الشعوب الإسلامية في آسيا والقوقاز ضمن الامبراطورية الروسية، وقد استطاعت روسيا افتتاح قنصلية لها في جدة من أجل تدبير شؤون الحجاج القادمين من روسيا.
وفي الفترة السوفيتية شهدت العلاقات السعودية السوفيتية مراحل مد وجزر أثرت فيها العوامل الداخلية والذاتية في البلدين، وكذلك العوامل الخارجية، فإن فترة الحكم الستاليني، واضطهاد المسلمين في روسيا بسبب فرض الإلحاد عليهم قسراً دون اعتبار لعقائدهم وتقاليدهم أثارت النفور لدى القيادة السعودية زد على ذلك أن حملات القمع طالت حتى المبعوث السوفيتيكريم رحيموف الذي استطاع كسب مودة الملك عبدالعزيز وعمل الكثير من أجل التقارب بين البلدين، ولا سيما في المجال الاقتصادي، وكانت النتيجة أن أعدم حكيموف وغيره من العاملين في البعثة الدبلوماسية السوفيتية في جدة، ومن ثم انقطعت العلاقات بين الجانبين كلياً بمبادرة من الجانب السوفيتي، واستمرت القطيعة بين موسكو والرياض حتى مطلع التسعينيات حين جرت إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين, وافتتحت السفارة السعودية بموسكو.
* العوامل المؤثرة في العلاقات بين الطرفين:
ثمة عوامل كثيرة أثرت في عدم استقرار العلاقات السعودية/ الروسية.
العوامل الخارجية: ويتبين من تحليل مراحل نشوء هذه العلاقات أن العوامل الخارجية مارست دوراً لا يقل أهمية عن العوامل الداخلية في البلدين في عرقلة نمو هذه العلاقات في خط صاعد على أساس التفاهم المتبادل، واحترام السيادة، والسعي إلى إقامة علاقات صداقة, فقد كانت روسيا منذ أواخر القرن التاسع عشر تصبو إلى دخول ما يسمى المياه الدافئة، ونافست بريطانيا وفرنسا والامبراطورية العثمانية في هذا المجال وكانت تريد أيضاً الهيمنة على أسواق المنطقة وثرواتها الطبيعية ونشر نفوذها في هذه المنطقة الاستراتيجية.
لكن قدرات روسيا سواء في العهد القيصري أم في العهد السوفيتي لم تكن كافية لمقارعة النفوذ البريطاني في منطقة الخليج, إذ لم يكن لديها أسطول قوي ولا قواعد عسكرية دائمة تدعم نفوذها ومصالحها في المنطقة, علماً أن فرنسا وبريطانيا قد تقاسمتا أراضي الامبراطورية العثمانية، ومنها في منطقة الخليج العربي وفيما بعد ظهرت الولايات المتحدة كقوة مؤثرة في المنطقة بعد انحسار نفوذ بريطانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وماكان بوسع الاتحاد السوفيتي الذي عانى بعد ثورة اكتوبر عام 1917م من آثار الحرب الأهلية والخراب الاقتصادي, ومن ثم القمع الستاليني والتجارب الاقتصادية الاشتراكية الفاشلة، ويعد ذلك من آثار الحرب العالمية الثانية المدمرة أن يدخل في صراع مع الدول الغربية على كسب النفوذ في المنطقة، واستمرت الحال على هذا المنوال حتى مطلع الستينيات في فترة الدفء التي رافقت عهد خروشوف، ولكن الاتحاد السوفيتي اتبع سياسة خاطئة حيال دول العالم الثالث تقوم على أساس جرها إلى اتباع الأيديولوجيا الشيوعية، وإقامة النظام الاشتراكي دون مراعاة الأوضاع الداخلية لهذه البلدان، ولو اتبعت موسكو سياسة براجماتية على أساس مراعاة المصالح المشتركة دون ادخال العامل الأيدولوجي في الأمر لكانت علاقاتها مع الدول العربية ومنها المملكة العربية السعودية ستمضي في اتجاه آخر, لأن جميع دول المنطقة لا تجد لها مصلحة في البقاء في مجال تأثير دولة كبرى واحدة ما, وقد ظهر ذلك من مثال دول عدم الانحياز، فقد لعبت حركة عدم الانحياز دوراً مهماً في تدعيم استقلال دول كثيرة في العالم الثالث، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبحت هذه الدول تواجه لوحدها تسلط الغرب الذي يسيطر حالياً على الاقتصاد العالمي, وأعلن قيام نظام القطب الواحد, بينما أصبحت روسيا ضعيفة لا تستطيع فرض وجهة نظرها في الشؤون المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط عموماً والخليج العربي خصوصاً, بسبب نشوء مشكلات داخلية كثيرة، وفقدت قدراتها العسكرية والاقتصادية السابقة.
أما العوامل الداخلية المؤثرة في قيام العلاقات بين المملكة العربية السعودية وروسيا فترتبط بتطور الدولة السعودية نفسها وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، وينبغي التأكيد بهذا الصدد على سعي القيادة السعودية إلى إشاعة الاستقرار في المملكة باعتباره الشرط الأساسي لإجراء الإصلاح الاقتصادي والإداري الضروري من أجل توطيد نظام الدولة, علماً أن القيادة السعودية نجحت في ذلك إلى حد كبير، وصمدوا أمام العواصف الهوجاء التي هبت على منطقة الشرق الأوسط.
لقد اختارت القيادة السعودية الطريق السليم في تطوير البلاد بشكل ارتقائي بدون هزات اجتماعية وسياسية, وضمنت بذلك قيام النهضة الحديثة في البلاد التي يعترف بها العالم المتحضر أجمع اليوم.
ومن العوامل المهمة في تقوية النظام السعودي اتباع سياسة خارجية حكيمة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فقد مضت الرياض في علاقاتها مع الدول العربية الشقيقة في نهج دعم البلدان الفقيرة والدفاع عن المصالح القومية العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين وتسوية النزاعات، وحرصها في البيت العربي قدر الإمكان, واتبعت النهج ذاته في العلاقات مع الدول الإسلامية، لهذا فعندما حدثت الأزمة في أفغانستان عارضت المملكة التدخل السوفيتي، وقدمت كل مساعدة ممكنة إلى المجاهدين الأفغان لحين خروج القوات السوفيتية من أفغانستان، وتهب الرياض لإغاثة أي بلد إسلامي يتعرض إلى كارثة طبيعية أو مجاعة أو اضطرابات ما, غير أن انقسام الصف العربي والإسلامي إلى بلدان ذات اتجاه اشتراكي وأخرى ذات اتجاه رأسمالي سابقاً، ألحق ضرراً بالغاً بمصالح شعوب هذه البلدان، وكان الاتحاد السوفيتي يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن هذا الوضع، مما ترك أثره في العلاقات السوفيتية/ السعودية.
وفي هذا المجال غالباً ما كانت مصالح موسكو تتعارض مع مصالح الرياض في الشؤون الدولية، لكن وجدت حالات كثيرة تلاقت فيها هذه المصالح, وكانت القيادة السعودية تجري بالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية مشاورات مع المسؤولين السوفيت في المؤسسات الدولية أو الدول الأخرى, لكن المصالح السعودية كانت تتلاقى في أحيان كثيرة أيضاً مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية بسبب تشابه الأنظمة المالية والاقتصادية بخلاف الحال مع المعسكر الاشتراكي, زد على ذلك أن القيادة السعودية كانت حريصة على إبعاد البلاد عن جميع مسببات القلاقل والفتن والهزات سواء السياسية أم الاقتصادية وقد وجدت الدعم لها لدى الغرب بالذات في تحقيق هذا الهدف.
* مستقبل العلاقات والعوامل المؤثرة:
وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وقيام النظام الديمقراطي في روسيا مدت المملكة العربية السعودية يد الصداقة إلى روسيا انطلاقاً من مراعاة دورها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي, وضرورة كسبها لدى بحث الشؤون العربية في المحافل الدولية, ومضت العلاقات في الأعوام الأولى من التسعينيات بصورة طيبة لحين اندلاع نيران الحرب في شمال القفقاس فقد أدت هذه الحرب بما رافقها من حملة إعلامية مكثفة ضد المملكة العربية السعودية وتحميلها ادعاء مسؤولية الحركة الانفصالية بقيادة الرئيس جوهر دودايف إلى نشوء برود في العلاقات ، يسعى الطرفان الآن إلى ازالته على أساس التفاهم المتبادل.
ولدى النظر إلى مستقبل العلاقات السعودية/ الروسية ينبغي الاستفادة من الخبرة الثمينة للتعامل بين البلدين على مدى أكثر من سبعين عاماً, وتجنب الأخطاء السابقة, والأخذ بالإيجابيات في هذه العلاقات، ويجب في هذا المجال مراعاة العوامل السياسية الدولية والداخلية في البلدين, والمصالح المشتركة لا سيما في مجال صناعة النفط وتسويقه، وكذلك العوامل الدينية والنفسية لأن المملكة العربية السعودية تعتبر المركز المعترف به للعالم الإسلامي بينما يقطن في روسيا أكثر من 20 مليون مسلم.
ولدى دراسة العلاقات المستقبلية بين البلدين, يجب أن يبحث دور روسيا في الشرق الأوسط واهتمامها في الإبقاء على وجودها في المنطقة، وقدرتها على التأثير في الأحداث الجارية، وحماية مصالحها هناك.
وجدير بالذكر أن روسيا لم تلجأ إلى استخدام القوة لحماية المصالح المذكورة في المنطقة أبداً سواء في الماضي أم الحاضر، ولدى مراجعة تاريخ الوجود الروسي في الشرق الأوسط تجدر الإشارة إلى أن سياسة روسيا القيصرية ومن ثم روسيا السوفيتية أو الديمقراطية ليست واحدة البتة، لأن المنطلقات في خدمة المصالح مختلفة، ويجب أيضاً إجراء دراسة وافية لصراع روسيا مع الدول الصناعية الأخرى على مواقع النفوذ في المنطقة، الذي سيتواصل في المستقبل المنظور أيضاً، لا سيما إذا خرجت روسيا من أزماتها الحالية ، واستعادت عافيتها الاقتصادية وقدراتها السياسية والدبلوماسية في التأثير على الأحداث الدولية.
من جانب آخر يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار أن الدولة السعودية تعيش مرحلة متجددة في تطورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبذلك ستبرز عوامل جديدة ستؤثر في صنع قراراتها بلا شك، لكن يبقى المنطلق الرئيسي في سياسة الدولة، هو مراعاة المصالح الوطنية والقومية، وسيكون تعاملها مع روسيا قائماً على هذا الأساس دائماً، وسترحب دوماً بتوثيق العلاقات مع روسيا لدى اتباع القيادة الروسية سياسة تزيل كثيراً من السلبيات التي عكرت العلاقات بين البلدين سابقاً، مثل الموقف من الدين الإسلامي، علماً أن القيادة الروسية اتخذت العديد من الخطوات الطيبة في هذا المجال رغم الأحداث في شمال القفقاس، لكن المجتمع السعودي لا يقبل ما تروجه بعض وسائل الإعلام الروسية وبعض الشخصيات السياسية من تشهير بالدين الإسلامي وبالمسلمين، ولا يماري أحد في أن العالم بحاجة إلى روسيا القوية والديمقراطية المحبة للسلام، كما أن روسيا تحتاج إلى العالم الإسلامي لإقامة علاقات اقتصادية وثقافية متينة معه، لأن المصالح المشتركة بين الطرفين كثيرة جداً.
وتتأكد ملامح حتمية هذه العلاقة في الآتي:
* من الجانب الروسي :
1 العمق الحضاري للدين الإسلامي واللغة العربية في روسيا والمناطق المحيطة بهاضمن رابطة الكومنولث المستقلة
2 الحضور القانوني للدين الإسلامي في القانون الروسي المعاصر، باعتباره الديانة الرسمية الثانية للدولة.
3 نسبة المسلمين المحليين في روسيا التي تتراوح بين 17% 20% حسب مختلف الإحصاءات، وتأثيرها في جوانب من الحياة الروسية السياسية والثقافية والاجتماعية.
4 الطبيعة الشرقية للمجتمع والثقافة والحضارة الروسية، وظهور ذلك في السلوكيات الاجتماعية، والتفاعلات الثقافية الروسية.
5 النفوذ السياسي الروسي في بعض مناطق الشرق الأوسط والمصالح الاستراتيجية الروسية بها.
6 غربة المجتمع الروسي بمختلف شرائحه عن المجتمع الأوروبي سياسياً .
* ومن الجانب السعودي :
1 احتضان المملكة لمهبط الوحي وأرض الرسالة المحمدية، وإليها مهوى أفئدة المسلمين يومياً في صلواتهم ، وسنوياً في مناسك حجهم، ومنهم مسلمو روسيا الاتحادية.
2 ريادة المملكة للعالم الإسلامي، وصوتها السياسي المسموع على مستوى الدول والشعوب، وتأثير ذلك في المسيرة السياسية الروسية.
3 احتضان المملكة للمنظمات الدولية الإسلامية المؤثرة في القرارات السياسية وغيرها للعالم الإسلامي، ومنها منظمة المؤتمر الإسلامي, ورابطة العالم الإسلامي ، والرغبة الروسية في التفاعل معها.
4 الثروة النفطية السعودية، وعوائدها الاستثمارية الكبيرة، التي تمثل أبرز جوانب الاهتمام الروسي الاستراتيجي.
5 التطلع السعودي لمواقف روسية إيجابية بصفتها إحدى الدول العظمى الدائمة بمجلس الأمن، وذلك في قضايا العالم الإسلامي بعامة، والسعودية بوجه خاص.
ويقابل هذه الحتمية جملة من العوامل السلبية، المؤثرة بصورة عكسية في واقع العلاقات ، وقد تؤثر في مستقبلها، ومنها:
* من الجانب الروسي :
1 الخلفية التاريخية للعلاقة الروسية السوفيتية سابقاً في أفغانستان والتأثير الروسي الحالي في مجريات الشؤون الأفغانية.
2 المشكلات السياسية، ونتائجها العسكرية لمسلمي روسيا في منطقة القوقاز، وبخاصة الشيشان في المجال العسكري، وبقية المناطق القوقازية في جوانب تطورها المدني.
3 الحملات العدائية ضد المملكة في الصحافة والإعلام الروسي بإثارة الفتن والاتهامات.
4 غياب الحضور الإسلامي الفاعل في الساحة السياسية الروسية بالرغم من ارتفاع نسبة المسلمين، وقلة الدعم الروسي لقضايا المسلمين الداخلية وبخاصة ما يتصل بشؤونهم الدينية.
5 غياب التنظيم القانوني للشؤون الدينية والاجتماعية للمسلمين الروس، بما يثير بصورة دائمة إشكالات تؤثر في علاقاتهم المباشرة بالبرامج الثقافية الدينية السعودية.
6 عدم الاهتمام الروسي عملياً بتفعيل العلاقات مع المملكة وتطويرها، وبخاصة في المجال السياسي واتجاه الجانب الروسي لبناء علاقات سياسية بعيدة مع أطراف أقل أهمية وتأثيراً في الساحة الدولية.
7 التأثير الروسي سلبياً بعمق العلاقة السعودية بالعالم الغربي، والعمل من خلال تصورات مسبقة بعدم جدوى التفاعل مع المملكة.
8 غياب الدور الروسي الفاعل في القضايا الإسلامية المعاصرة والمهمة في الشرق الأوسط.
9 التوجه الروسي بالدعم المباشر للصرب في حروبهم ضد مسلمي البوسنة، وكوسوفا.
10 توقف عجلة الإنتاج والتصنيع الروسي مع غياب القوانين المنظمة للشؤون التجارية، وحماية الاستثمارات الأجنبية، مما أسهم في غياب التبادل التجاري.
11 غياب الدور الإعلامي الإيجابي في بناء العلاقات المبني على التعريف بأوجه الحياة الروسية، ومجالات التعامل معها.
* من الجانب السعودي :
1 عدم الاهتمام العملي ببناء علاقات سياسية مع الجانب الروسي، بالنظر للعوامل المثبطة والتراخي الروسي في ذلك.
2 عدم الرغبة التجارية السعودية من قبل المستثمرين في بناء استثمارات تجارية واسعة في روسيا في ظل غياب الأنظمة القانونية الراعية لذلك.
3 إشكالات العلاقات الثقافية والدينية بين المؤسسات الخيرية السعودية والمؤسسات الدينية الروسية.
4 التوجه السعودي في البعثات العلمية للعالم الغربيالأوروبي الأمريكي مع الغياب التام للابتعاث السعودي إلى روسيا.
5 القناعة العامة في المجتمع السعودي بتدني الكفاءة الروسية في المجالات المختلفة أمام أوجه التطور الغربي.
هذه جوانب مهمة ومؤثرة إجاباً وسلباً في مستقبل العلاقات السعودية الروسية، وحتميتها، وكل منها يمثل جزءاً رئيساً في مجال الدراسة العلمية للموضوع من خلال تصنيف علمي للبناء الفني المتكامل لأوجه دراسة هذا الموضوع.
أستاذ السياسات والأنظمة الإعلامية المساعد باحث مختص في الشؤون الروسية
|
|
|
|
|