| الاخيــرة
لئن طويت بموت هذا العلامة رحمه الله صفحة ثرية مشرقة من صفحات علماء التاريخ، والتراث، والقبائل والأنساب، والجغرافيا، والأدب في شبه الجزيرة العربية في العصر الحاضر,, ولئن توقف جريان ذلك النهر الدفّاق في شتى فروعه ومسارات إخصابه للأرض الجرداء فإن ما قدمه قبل رحيله وأنجزه في هذه الحقول,, سوف يبقى وسماً هادياً، وطريقاً لاحباً لمن يأتي بعده لمواصلة المسيرة,, ولو في تعدد الأشخاص؛ إذ يتعذر أن يوجد فرد كحمد الجاسر يقوم بكل هذه الأحمال الثقيلة في مثل أيامنا هذه,, إلا أن يشاء الله.
حمد الجاسر مجموعة علماء في عالم,, ومجموعة رجال في رجل,, وله من الميزات غير ما أشرت إليه في المقالين السابقين.
1 سعة آفاقه البحثية بقدر لم يجعل لتشعبها وتنوعها أثراً سلبياً على صدقية البحث ودقة الدراسة، والحرص على اثبات المعلومة إثباتاً يسندها واقع مشاهد,, أو مصدر تراثي موثق.
2 قدرته العجيبة على استظهار غوامض وبُهُوت المخطوطات القديمة التي أخنى الزمن على كثير من كلماتها وحروفها,, أو انطماس بعض سطورها، حتى قال بعض رفاق المهنة أو التخصص إنه لا يوجد من يماثله في هذه الخاصية في الوقت الحاضر.
3 تواضعه الذي لا أعتقد أبداً أنه يتصنعه,, بل هو طبع جُبل عليه ومن أمثلة ذلك ما عرفناه عنه حينما يَدلِف إلى قاعة المحاضرات في النادي الأدبي الذي لا يتخلف عن حضور محاضراته وندواته إلا في الفترة الأخيرة حينما عجز عن صعود الدرج فقد كنا نحاول أن نقدمه في الصف الأول فيأبى إلا أن يجلس في الصف الثالث أو الرابع، وعند إلحاحنا عليه يقول أرجوك دعني حيث أنا,, .
لقد كرّمنا باسم النادي الأدبي بالرياض أستاذنا حمد الجاسر في حفل كبير حضره المئات من الرجال والنساء في (فندق زهرة الشرق) حيث توافرت فيه صالتان كبيرتان إحداهما للرجال والأخرى للنساء وذلك بتاريخ 28/4/1407ه وجاء تكريمه تالياً لتكريم الامام الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وتضمن تكريمه الكلمات والقصائد,, ودراسة ببليوجرافية لمؤلفاته كتبها الأستاذ الدكتور يحيى محمود (الساعاتي).
كما كرمه مرة أخرى مع عدد من المثقفين.
ندوة عنه يوم 13 رجب
سيقيم النادي الأدبي بالرياض ندوة هامة عن الشيخ حمد يشترك فيها كل من: الأستاذ الدكتور أسعد عبده؛ عضو مجلس الشورى، والأستاذ الدكتور عبدالرحمن العثيمين من جامعة أم القرى، والأستاذ الدكتور عبدالله العسيلان من فرع جامعة الإمام محمد بن سعود في المدينة.
وما هذه الجهود المتواضعة التي يقوم بها النادي إلا جزءٌ مما يستحقه علّامتنا الراحل حمد الجاسر رحمه الله ومن ضمنها طباعة بعض كتبه على نفقة النادي التي تمت في السنوات الماضية.
الشيخ محمد القاسم والأستاذ سعد الدريس
في يومين متواليين من الأسبوع الماضي فقدنا هذين الرجلين الفاضلين أولهما الشيخ/ محمد عبدالرحمن بن قاسم الذي سعدت بمزاملته في طلب العلم على شيخنا العلّامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهم الله جميعاً وكان هذا الزميل يمتاز علينا نحن الطلبة بأنه يكتب الشروح التي يلقيها علينا شيخنا في حلقات دروسه في جامع دخنة بعد صلاة الفجر من كل يوم، وكان الزميل محمد القاسم مثابراً على طلب العلم والتزود منه طيلة حياته رحمه الله وعوّض أهله ومحبيه الكثيرين خيرالعوض.
أما الثاني فهو الأستاذ سعد بن عبدالرحمن الدريس من رجال التربية والتعليم في حفر الباطن أولاً,, ثم في وزارة المعارف أخيراً.
وهو ابن عمي وخال أولادي، وقد عُرفت عنه خصال يندر أن يوجد من يحافظ عليها كمحافظة هذا الرجل، فهو لا يمكن بحال من الأحوال أن تفوته صلاة الجماعة تحت أي ظرف من ظروف الحياة، حتى أنه بعد أصابته بجلطة في القلب لم تمهله سوى ساعتين وحملوه إلى المستشفى وفي الطريق إليه أصرَّ أن يصلي في المسجد الذي مرَّ به,, وبعد عودته إلى السيارة خرجت روحه الطاهرة إن شاء الله إلى بارئها, كما عرف عنه النقاء الشديد في الناحية المادية، فهو يحضر إلى عمله قبل الوقت المحدد, ولو تخلف يوماً عن عمله لظرف قسريٍّ يرفض أن يستلم راتب ذلك اليوم,أريد بالاشارة إلى مثل هذا أن نبعث الخير والمثالية والنقاء في المجتمع,, وما ذلك على عزائم الأقوياء بعزيز.
متاعب التعزية
يلاقي المعزُّون في الموتى مشقة وازدحاماً وفوضى لا تطاق, ولا أدري لماذا لا تعاد تلك العربة الكبرى التي نصبها إخواننا (الزبيريون) منذ سنوات، ليكون لها مدخلٌ يُسَلِّم المعزُّون فيه على صف مستطيل من أهل الميت، ويخرجون مع المخرج المقابل دون عناء للمعزِّي والمعزَّى؟
|
|
|
|
|