أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 3rd October,2000العدد:10232الطبعةالاولـيالثلاثاء 6 ,رجب 1421

مقـالات

شدو
سرعة البديهة بين الصمت والكلام!1 - 2
د,فارس محمد الغزي
ما مِن أمة من الأمم إلا وفي ثقافتها حيز اعجاب بقوة البيان وسرعة البديهة، الأمر الذي يفيدنا كذلك عن اتفاق الثقافات تاريخيا على مقت العي والحصر والدلاخة! اللغوية, إنها غريزة انسانية تكاد الثقافة العربية أن تستحوذ على النصيب الأكبر منها وذلك بدليل أن هذه الثقافة ترى في جزالة اللفظ المناسب في الموقف المناسب عقلا مناسبا, إن تراثنا التليد منه والبليد! يزخر بأطنان وأطنانلغوية ! من الأجوبة المسكتة والمستحسنة، ورشقات اللسان، والطريف ، والنادر، والمستظرف من أقوال وخطرات وشجون اللغويين والأعراب والنساء والنحاة والسلاطين والمعلمين والبخلاء والثقلاء والطفيليين,,، إلى درجة التقوّل على ألسنة الحيوان والطير والأشياء.
إن اللسان أداة البيان وكما يقول الجاحظ؛ ولذا فمن الممكن القول أنه على الرغم مما توليه العرب للصمت من حكمةولأسباب سياسية/ تاريخية ، فإن العرب لا ريب أمةناطقة! إلى حد الصراخ المجلجل في زوايا التاريخ وآفاقه وذلك لأسباب إيكولوجية وبيولوجية لا يتسع المقام لاستعراضها, إن التمعن بتراثنا يؤكد أن للنطق مقالا ومقاما تأثيرات تصل أحيانا إلى أن تكون فيصلا بين الحياة والموت، مما يفيدنا بأن الكلامفي غير السياسة! ليس عيبا دائما كما أن الصمت ليس بفضيلة دوما, بعبارة أخرى ، فكما أن للكلام عللا فللصمت مثلها أو أكثر بغض النظر عن ثقافة الحث عليه وأقصد الصمت على علاته! ولأسباب تكاد ان تكون أحادية التفسير، وكما ذكرت آنفا, إنك في الوقت الذي تجد في التراث أبوابا وأبوابا تحث على سمة الصمت لا تعدم كذلك ملاحظة تبيان ما للكلام من حلاوة وطلاوة وتأثير ونتائج مصيرية حاسمة تاريخيا, إنه لولا فضيلة! الكلام لكان في امكان منسكت دهرا فنطق كفرا! أن يواصل عملية خداع الآخرين بكفره! من خلال الصمت! ، بل انه لولا الكلام لما وجدنا جهاز كشف الخداع! وكما تثبته المواقف الثقافية التي تشتد فيها الأعصابصمتا! فقط لتسترخي هذه الأعصاب نطقا! وذلك بدليل قصة أحدهمالذي مد رجليه فريّح أعصابه! بمجرد أن تخلى الآخر عن صمته مبينا بالتالي عن شخصيته وعلى غرار قول من قال:


وفي الصمت ستر للغبي وإنما
صحيفة لب المرء أن يتكلما!

وفي هذا الصدد يجدر بنا أن نستعرض بعض ماجاء في التراث حيال الصمت والكلام : فهذا هو الجاحظ يخبرنا في البيان والتبيين، ص 166 167 بقوله نصا :,,, وإنما حثوا على الصمت لأن العامة إلى معرفة خطأ القول أسرع منهم إلى معرفة خطأ الصمت, ومعنى الصامت في صمته أخفى من معنى القائل في قوله,, ولعمري، إن الناس إلى الكلام لأسرع ، لأن في أصل التركيب أن الحاجة إلى القول والعمل أكثر من الحاجة إلى ترك العمل والسكوت عن جميع القول, وليس الصمت كله أفضل من الكلام كله، ولا الكلام كله أفضل من السكوت كله، بل قد علمنا أن عامة الكلام ونفعه لا يكاد يتجاوز رأس صاحبه، ونفع الكلام يعم ولا يخص؟! والرواة لم يرووا سكوت الصامتين كما روت كلام الناطقين, وبالكلام أرسل الله أنبياءه لا بالصمت، ومواضع الصمت المحمودة قليلة، ومواضع الكلام المحمودة كثيرة, وطول الصمت يفسد البيان, وقال والكلام للجاحظ بكر بن عبدالله المزني: طول الصمت حبسة كما قال عمر: ترك الحركة عقلة وإذا ترك الانسان القول ماتت خواطره وتبلدت نفسه وفسد حسه انتهى.
بل إن الراغب الأصبهاني محاضرات الأدباء، ص 31 قد ذكر أن زيد بن علي لما سئل عن الصمت والكلام أيهما أفضل قال: لعن الله المساكتة فما أفسدها للبيان واجلبها للحصر ,, وقيل لبعضهم: الصمت مفتاح السلامة، فقال: ولكنه قفل الفهم, فلا غرو إذاً أن يتمثل الشاعر قائلا:


خُلق اللسان لنطقه وبيانه
لا للسكوت، وذاك حظ الأخرس!
فإذا جلست فكن مجيبا سائلا
إن الكلام يزين رب المجلس

,, إلى مقالة الخميس لمزيد من التجديف في هذا الموضوع.
خاص لأحباب شدو : الرجاء ملاحظة أن صندوق بريدي الخاص قد تغير عما كان عليه سابقا, الصندوق البريدي الجديد هو:
ص, ب 515 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved