| القرية الالكترونية
لا تزال الكلمة السحرية مجاني FREE تملك بريقها الذي تلمع به وكالات الإعلان مختلف الخدمات التي تقدم على الإنترنت وغيرها, غير ان لغة الإعلان ولعبته بدأت في تغيير دلالة الكلمة حتى فقدت معناها الحقيقي واحتفظت بمعنى سطحي مباشر لايزال المعلنون يتكئون عليه كثيرا، ونتيجة لذلك فقد فرض استخدام هذه الكلمة في لغة الإعلان في الوقت الحاضر حاجة ماسة لتعريف عملي يوضح معناها الفعلي، فالكلمة لم تعد دقيقة في وصف الكثير مما يقدم على الإنترنت وغيرها من خدمات توصف بأنها مجانية، فهل هي بالفعل مجانية؟ لا يمكن الحكم على مجانية ما يوصف بأنه مجاني على الإنترنت او غيرها حتى نتأكد من ان المستفيد من تلك الخدمة لا يدفع ثمنا لما يحصل عليه، وهنا مربط الفرس: هل يدفع المستفيد من الخدمة المجانية ثمنا لما يحصل عليه؟ في غالب الأحيان تكون الاجابة بنعم.
ورغم عدم وجود الحاجة للدخول في مماحكات لغوية على غرار ما فعله الرئيس الامريكي بيل كلينتون الذي قدم تعريفا لما لا يحتاج لتعريف ليمكنه النفوذ من مأزقه القانوني إلا انني حين اصف التعريف الذي تمس اليه الحاجة بأنه عملي فإنني اقصد بذلك ان يدل على واقع فعلي لما تدل عليه الكلمة وليس فقط سطحيا لا يمثل الحقيقة.
ويتداول الناس في نظري كلمة مجاني على انها تعني بلا مقابل مالي ولذا فإنهم يتداولون المثال الشائع شيء ببلاش ربحه بين وقولهم في مصر ابو بلاش كثر منه .
ولذا فمن اراد الحصول على خدمة مجانية فإنه لا يتوقع ان يطلب منه دفع شيء من المال، ولكن هل يمثل المال الصيغة الوحيدة لما ندفعه نحن للآخرين او نبذله للحصول على شيء ما؟ بالطبع لا، فالمرء منا يدفع من وقته وجهده وراحته وخصوصيته ومعلوماته وكفاءة اتصاله ومستوى الخدمة والكثير الكثير من الاشياء التي لا تصنف على انها اموال لكنها في بعض الاحيان اثمن من المال بل لا تقدر منه بثمن.
لعلي أضرب مثلا على ذلك وان كانت الأمثلة كثيرة: هناك برامج مثل GetRight او GoZilla والتي تستخدم لإدارة تنزيل الملفات من الإنترنت فهذه البرامج تعرض بمقابل مالي او بصورة مجانية لكن الشركات المنتجة لا تكلف نفسها توضيح ما يقدمه محبو المجانيات من تنازلات مقابل عدم دفع المقابل المادي الزهيد، فلمجرد إعداد أحد هذه البرامج في نظام احدهم فإنه يفتح بابا للإعلانات التجارية للظهور على شاشته كلما رغب في استخدام ذلك البرنامج، ويظن الكثيرون ان ذلك هو كل ما نقدمه لتجنب دفع المقابل المادي لكنهم يهمون في ذلك، فهذه البرامج ترافقها بريمجات صغيرة تختفي على القرص الصلب وتتولى جمع المعلومات عن أنشطة مستخدميها على الإنترنت وبثها الى منتجي تلك البرامج للاستفادة منها لأغراض مختلفة ولأن المعلومة ثمينة فإن ما تقدمه بريمجات التجسس هذه للشركات المنتجة لا يقدر بثمن، والأسوأ في الأمر انه لو رغب المستخدم في شراء ذلك البرنامج دفع المقابل المالي للتخلص من الإعلانات التجارية فإنه لن يتمكن من ازالة تلك البريمجات بشكل آلي بل ستستمر في عملها حتى بعد دفع قيمة البرنامج وليس من سبيل لتفادي دخول بريمجات التجسس تلك سوى شراء البرنامج وإعداده في النظام مع تزويده مباشرة بالرقم التسلسلي لتفادي تلك المشكلة الخفية.
والامر اوسع من مجرد تحديد لدلالة كلمة مجاني على الإنترنت وحسب بل يتسع ليشمل معناها في لغة الإعلان التجاري والتسويقي لكن لأن اثرها قد وسع الإنترنت فإن ذلك جعل الحديث عنها والسعي للوصول لتعريف عملي لها امر اكثر الحاحا, ولذا فإن تعريفي الشخصي لكلمة مجاني سواء على الإنترنت او غيرها هو صفة لما يحصل عليه المرء دون اي مقابل، فمهما يكن ذلك المقابل فإن بذله يزيل صفة المجانية عن الخدمة، ولذا فلابد للمستخدم ان يعرف تماما ما هو بصدد الحصول عليه وهل الخدمة مجانية فعلا ام انها تنطوي على ثمن من نوع آخر، ولعل حديثا شبكيا قادما يتيح لنا عرض أمثلة اخرى مما يبذله المستخدمون او يتنازلون عنه مقابل الحصول على خدمة مجانية من الإنترنت.
Khalid@4u.net
|
|
|
|
|