أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 1st October,2000العدد:10230الطبعةالاولـيالأحد 4 ,رجب 1421

الثقافية

ورحل أستاذي الجاسر ,, قبلما!!
حمد بن عبدالرحمن الدعيج
وترجل فارس الكلمة ,, وباحث الحقيقة ,, ولاهث الخطى نحو التحقق من الأحداث ,, والتأريخ,,والحقائق,.
رحل فارس الكلمة وشيخها,, أستاذي بل أستاذ الجميع الشيخ حمد الجاسر رحمه الله.
وأقول أستاذي لأنه ذات تعقيب على صدر هذه الجريدة علمني تواضع الكبار,,عندما يتحدثون مع تلامذتهم,, وعلمني كيف يواجه الأستاذ مشاغبة طلبته,, في تعقيب على شيخنا فيما كتبه عن الرحالة الياباني الذي وصف أشجار التين في مرات ,, وكيف أن الشيخ حمد يرحمه الله أبدى تعجبه ان يكون في مرات أشجار تين لافتة للنظر,, وجاء إيضاحي التعقيبي على مقال شيخي مبينا وموضحا ان مرات كانت تزدهر فعلا بأشجار التين,, وأخذت الإفادة من كبار السن في مرات وحيث انني أعقل حقبة حديثة من تلكم الأشجار المنتشرة في أطراف المزارع المتطرفة للمدينة,.
ولكن دهشة شيخنا من ذلك التين العجيب وفي قلب نجد وفي ذلك الزمن بالذات ,, ولعله قال: لقد اشتبه على الرحالة الياباني أشجار الحرمل مع التين وحسبها تينا!! كان هذا رأي شيخنا,, وقد جاء رد شيخي على إيضاحي ذاك كما لو كان محاضرة جميلة من ضمنها أيضا أنه وجهني إلى ذكر بن بعد اسمي للنسب إلى بنوة الأب,, واكتحل ناظري بالإطراء الذي ألبسنيه رحمه الله وألبسه مدينتي ,, وقد استطرد رحمه الله في رده ذاك حول مجيئه إلى مرات منذ خمسين عاماً فرطت ووجد فيها تقديرا وإكراما للضيف.
كان ذلك التعقيب قد أعجب الكثير من الكتاب الذين علقوا على أخلاقيات شيخ طعن في سن الكتاب والكتابة,, وتواضعه الجم من خلال تعقيبه ذاك لا يستكثر من رجل أفنى سني عمره في البحث والتقصي في ردهات المكتبات في شتى أقطار الأرض,.
إنه علامة حقا,, وأستاذ جليل,, وعلامة بارزة في تاريخ الضاد ,, والتأريخ الحديث,, وستبقى ذكراه تعطر تراثنا وتاريخنا اليعربي وستبقى ذكراه أيضا في قاعات المكتبات العربية ,, وفحيح السنين بين الكتب المرصوصة على أرفف المكتبات,.
ذاك شيخنا الذي انطفأ بعد خفوت ضوء وانحسار في اعتلال صحته يرحمه الله ,, وكان متواصلا مع الإعلام حتى أيامه الأخيرة,, غفر الله له.
وأجمل ما قرأت من تعبير ووصف لهذا الشيخ الجليل ما كتبه الزميل عبد المحسن يوسف في جريدة عكاظ:
الجاسر ابن القرية الصغيرة البرود المطوقة بالصحراء والرمل والصمت والقيظ,.
صار راية مضيئة على سطح بلاد بأسرها ,.
وأضاف الزميل يوسف :تزوج الكلمة منذ كان فتى غضا، وشرع يطارد ضوءها وطيفها، وسرابها,, وحسنها، ودلالها، وعنادها، وأقمارها البعيدة، يقبس منها جذوة، ويقطف من غصونها العالية نجمة,, لكي يبصر الطريق واستطرد الزميل قائلا: نسي الشيخ الجاسر، وجهه، وأصابعه,,في الكتب، والمخطوطات,,وكرس نفسه،ووقته، وضوء عينيه للعمل الخلاق حتى أصبح رائداً.
والشيخ الجاسر لم يكن أنانيا حين طفق ينهل من معين المعرفة بل شرع يفكر في إثراء عقول الآخرين,.
يحرض الذاكرة الجمعية على الوعي , بالوعي ,, فأنشأ اليمامة فسطع هديلها الثقافي عالياً,, واقتنى مطبعة، فشرعت تنتج أرغفة النور,, في زمن كان فيه البحث جاريا عن أرغفة الخبز,.
وأخيراً حمد الجاسر رحمه الله ,,كان رمزاً وطنيا وثقافيا عاليا وناصعا وحارساً من حراس النور والمعرفة .
إذا هل ثمة وصف لهذا الشيخ الراحل,, إنها لتعجز الكلمات ان توفي شيخنا حقه,.
ولكن جئت أتوكأ على كاهل الحزن لأنعى هنا شيخي الذي رحل دونما ان التقية برغم سؤاله عني في إحدى المناسبات وفي زيارة من أحد الأقارب له,.
كنت ألملم أوراقي ,, وأحداقي ,, وأشواقي,, لكي أقابل الأسد الهرم ,, أسد الحرف والكلمة,, ولكنها الأيام لم تسعفني,.
ولم تمهله رحمه الله ,,ولعلنا نلتقيه في جنات الفردوس إن شاء الله,.
لك مني يا شيخي الدعاء بأن يغفر الله لك ويسكنك فسيح جناته انه سميع مجيب ,, والله المستعان,.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved