| مقـالات
عندما نطرح السؤال التالي: هل يمكن ان تكون التربية عقيمة؟ فعليك أن تتوقع ان تأتي الإجابة عليه بنعم مؤكدة.
وعقم التربية لا يعني بأي حال عدم قدرتها على إنجاب أجيال, فخلافا لما قد نتصوره قد تكون التربية قادرة على الإنجاب حتى وإن كانت عقيمة، لكن التربية العقيمة لا تنجب سوى أجيال مشوهة مسخ لا تكاد تستبين لها انتماء واضحاً، أو هوية محددة، أو إنجازا مخلداً, التربية في عصرنا الذهبي (كانت) غاية في الخصوبة فقد أنجبت جيلا حمل معه رسالة السماء بكل قيمها العالية ومعانيها الإنسانية السامية فانفتحت لهم ولرسالتهم أبواب الشرق والغرب طوعا وكرها.
ولكن أين انتهى بنا وبتربيتنا الحال؟ لا أظن انك تحتاج إلى أن تجهد عقلك كثيرا لتعرف إجابة مثل هذا السؤال، فنحن كما تعلم ما زلنا وحتى هذه اللحظة نعتمد على غيرنا في نواح أساسية كثيرة من حياتنا، ولسوف تجد ما يكدر صفو خاطرك ويثقل همومك إن أنت نظرت في اهتمامات وسلوكيات وممارسات هذا الجيل، وفي علاقاتهم الاجتماعية والأسرية، بل إنك إن نظرت في جيوش الخريجين فسوف تصدمك الفجوة الهائلة الفاصلة بين ما يتم تلقينهم إياه في معاهدهم وبين الدور المنتظر منهم تنفيذه على أرض الواقع ثم انظر في حال جحافل بعض المعلمين، لكم هو محزن أن يأتي تعلم طلابهم وإنماء تفكيرهم وتعميق القيم العالية في نفوسهم في آخر قائمة اهتمامات هؤلاء المعلمين.
قد يستشهد أحدهم تجنيا على جودة التربية الآن بوجود عدد من الأعلام البارزين والمواهب بيننا، فوجود هؤلاء يعد في نظرهم دليلا دامغا على عظمة التربية التي استطاعت ان تنجبهم, والحق ان ظهور هؤلاء المبدعين كان سوف يتم سواء وجدت التربية العظيمة أم لم توجد يجب ألا نحكم على قوة أو ضعف التربية من خلال وجود شريحة محدودة من الناس المتميزين والمبدعين.
المسلمة الأولى في التربية العظيمة هي النية الصادقة المخلصة النقية من شوائب التقوقع حول الذات وبناء المجد الشخصي، تتحقق التربية العظيمة بقدر ما تكون لدى القيادة الإرادة القوية في تجاهل أي طريق لا يؤدي إلى الهدف التربوي البعيد مهما كان هذا الطريق مغريا لصاحب القرار ومشبعا لحاجاته.
|
|
|
|
|