| محليــات
سفير النوايا الحسنة,.
الروائي المغربي الطاهر بن جلُوَّن الذي شرح لابنته عن العنصرية، ما يؤكد أنه أحد مناوئيها فكراً ولابد أن يكون أول من يحاربها عملاً بشتى الطرق.
تهرب خادمته,, في قلب عاصمة النور حيث يتنفس قلمه هواء النقاء، يملأ رئتيه بشواحذ الانطلاق للآهة الصغيرة، وللزفرة العميقة,, دون أن يكون أمام مخارجها أية ذرة تمنع انطلاقها في صفاء,,!
ومع هروبها: تتناول هذا الخبر أعين وأيدي الصحافة المترصدة لكل حركة وشاردة وواردة ولمحة ترد ممن يقفون عند بؤر النور,, كي تحاسبهم، وتعقد مقارنات بين ما يقولون وما يفعلون,.
ولئن هربت خادمة سفير النوايا الحسنة,,وأحد مضادي العنصرية في الفكر، والجنس، والعرق,, والناطق بالإنسانية,, في قصص الحياة، يلاحق بها نماذج الأداء البشري الداكن في غير نوايا تمثل النقاء,.
فإن هروبها ليس دليلاً على قيام التعارض، أو وجود التناقض، في حياة الكاتب الروائي إذا افتُرض جدلاً أن منزله لا يضمُّ تحت سقفه شخص الروائي وحده، وأن ما يقع على هذه الإنسان الموسومة بالخادمة من تعامل ليس بالضرورة أن يكون الروائي على علم أو معرفة به، من بقية أفراد الأسرة إذا كان لكل امرىء ما يناط به من أفعال وأقوال,, في حالة أن تكون هذه الهاربة قد هربت بفعل التعامل .
ولماذا يفسَّر هروبها في اتجاه التشكيك أو الافتراض بسوء التعامل مما ينصرف إلى إقامة التفرقة العنصرية الطبقية في دار ابن جلُوَّن الروائي ذي النوايا الحسنة؟
أولا تكون الهاربةُ، هاربةً من الحياة، لأن الحياة ذاتها لم تهيّأ لها كي تحيا فيها كما تطمح وتأمل، لا كما هو واقعها,.
أولا تكون ممن يفوق طموحه مقدراته؟
أولا تكون ممن يرفض في عاصمة الانفتاح الكلِّي، في زمن الامتزاج التفصيلي، في موقع,, كلٌّ يفعل ما يريد وفق ضوابطه الخاصة لا وفق ضوابط معيارية فكرية وخلقية ودينية و,,, بكل صفات الضوابط الوازعة الرادعة,, التي افتقدتها حياة البشر في اتساع رقعة أو رقاع الأرض؟
لست أبرّر لمن كُتب له,, بسم الله الرحمن الرحيم ,, مع السلامة,, وشكراً جزيلاً,, جزيلاً .
ذلك، لأن الشكر الجزيل المكرر في رسالة الهاربة، ليس يفسر في الخط المعاكس لنوايا الروائي ابن جلوَّن، ذلك لأن تكرار الامتنان وجزله في الوجه الأنقى للشكر هو اعتذار يُبطِّن نيّة الاعتذار في صالحه بأكثر مما يبطِّن نيَّة الاتهام ضده,.
ما يهمُّني من خبر هروب خادمة الروائي هو عقد مقارنة بين هروبها وهروب أمثالها، وغير أمثالها سواء في باريس بكل ما لها من الصفات أو في حواري القرى التابعة للمدن الكبيرة أو الصغيرة، ليس في أوروبا وأمريكا، وإنما في آسيا وإفريقيا أيضاً,, بل هروب الإنسان من دار أبيه، أو زوجه، أو مقرِّ عمله، أو من بين أيدي أحبائه، أو أطبائه، أو معلِّميه.
ما هي نوايا الهاربين والهاربات؟
وما هي المقاصد خلف سلوك من هربوا عنهم؟
وفي الوقت الذي يهرب فيه الإنسان من الإنسان، تنشأ جدليّة الافتراض,, وتُطرح الأسئلة، التي تحقق في أسباب الهروب من، وتبحث عن مواقع الهروب إلى!!,, وكثيراً ما لُفَّ حبل المقصلة الذي يُنهي ويبتر ويجتزّ حول عنق الهاربين منهم أو عنهم إما لكي يثبتوا تناقضهم في الحياة بين الأقوال والأفعال، وإما كي يوقعوا بهم في فخاخ هذا التناقض، حتى لو لم يكن قائماً,, هذا في العموم,, مع التأكيد بأن هناك ما يؤكد وقوع كثير من البشر ليس فقط عند حدود المفكرين في التناقض بين أفعاله وما عُرف عنه عند أقواله.
و,,, كنت أتفاءل ولا أزال بالفراشَة.
أحبُّها ,,, أتابعها بشغف وهي تطير,, تستقرُّ فوق الجدران,, أو ورق الشجر، أو تعلق بأطراف الثياب.
وما كنت ولا أزال أشعر بفرحة طفولية أكثر مما أشعر حين أجدها قد تسرَّبت إلى داخل بيتي ,, وأخذت تطير من ركن إلى آخر، ومن جدار للثاني,, وأسعد حين تستقرُّ فوق أوراقي أو شيءٍ منِّي.
لم أكن أفكر لماذا هربت هذه الفراشة من سعة الفضاء ,, إلى ضيق المنزل,, ذلك لأنني لم أحاول الآن وأنا أشاهدها تستقرُّ فوق ركن مكتبي وأنا أحبِّر هذا الكلام، أن أفسِّر نوايا كل شيءٍ خارج المنزل.
لكنني بالتأكيد تلمّست موقع قلبي وهو يخفق بها فرحةً.
وأدركت أنها تشعر بهذا الخنق لأنني ذهبت أبحث وراء مرمى ناظري هذه الفراشة كي استشفَّ مشاعرها,.
وعقدت مقارنة خاطفة بين مقصد الفراشة وهي تقصدني داخل محدودية منزلي بعيداً عن سعة خارجه,,,، وبين مقصد خادمة ابن جلُوَّن وهي تقصد خارجه في سعة الفضاء!!
|
|
|
|
|