| عزيزتـي الجزيرة
ان الناظر والمتأمل في حياة الملك عبدالعزيز وسيرته ليجد فيها العدل الذي لا يقبل الضيم والعز الذي لا يقبل الذل بل كلها حياة مشرقة بالخلال السديدة والصفات الحميدة فمن ذلك
عزة المؤمن
فقد عاش الملك عبدالعزيز رفع الله درجته في المهديين عزيزا لا يقبل الذل كريما لا يقبل الضيم لايرضى بغير الاسلام بديلا في تعامله وحكمه، وهبه الله أوفر الحظوظ من قوة العقل وصفاء القريحة، وسداد الرأي، وعمق التأمل، وبعد النظر ومتانة العقيدة وطهارة الضمير، حتى انتهى به الامر الى غايات اصبحت انوارا مشرقة وخيرا ممدودا على البلاد والعباد.
حياته كلها جد وعمل:
قلّب صفحات التاريخ لترى الحياة المستنيرة بالايمان المشرقة بالتوحيد في شخص الملك عبدالعزيز، كانت حياته كلها جد وعمل، وانتاج وافادة، ونفس كلها ضمير وواجب، وروح كلها ذكاء وعقل، وعقل كله رأي وبصيرة، وبصيرة كلها نور واشراق، قيّضه الله لقيادة هذه البلاد، ووفقه للاخلاص ويسره لليسرى وجمله بالصدق وهيأه لحمل أمانة الحق حتى اصبحت هذه الدولة دولة التوحيد، مرفوعة الرأس موفورة الكرامة، نقية من البدع طاهرة من المحدثات في الدين، فهو من الرجال الذين أُوتوا رأيا وايمانا وعقيدة هيأه الله لقيادة هذه البلاد، وأعده للقيام بهذه المهمة العظمى لاتصافه بخلال الخير والصلاح قال ابن خلدون في المقدمة ص 99 .
فمن ظهرت منه خلال الخير المناسبة لتنفيذ احكام الله في خلقه، فقد تهيأ للخلافة في العباد وكفالة الخلق ووجدت فيه الصلاحية لذلك بتصرف.
التأني في الأمور
من الصفات التي تمتدح عند العقلاء التأني في اصدار الاحكام والتثبت في الأحوال حتى لا يكون هناك تحسر او ندم على فعل يصدر، أو رأي يظهر.
ومن الصفات التي تميز بها الملك عبدالعزيز انه لا يرتجل الآراء او تلقى اليه الآراء فيهم ويلقى بين عينيه عزمه وينكب جانبا عن ذكر العواقب كلا!!
انه يدبر الرأي ويقلب وجوه الأمور، ويستشير اهل الرأي والعلم فاذا بدا له وجه الصواب واشرق نوره واختمر الرأي عنده اعطى الأمر لا يوقفه شيء الا ان يكون قدرا مقدورا.
انه تفكير دائم وهاجس دائب، لاعزاز هذا الدين، ونصرة أهله، أعزّ امانيه ان يرى البلاد تسير على نهج يستند الى دين الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغاية التي يسعى لها تمكين الدين في النفوس وجعله اساسا للحكم في البلاد، فأنفق الوقت، وبذل الاسباب، لتحقيق هذه المطالب العالية حتى تحققت بحمد الله ووضع اليد على الرجال الذين يعول عليهم في وضع النظام، على وفق المنهج الاسلامي الصحيح الكافل لمصالح البشر فثبت بذلك الدعائم وأقام الأسس وكون البنيان فشاع الأمن والاستقرار ونشأ التلاحم بين الراعي والرعية وعاش الناس آمنين مطمئنين.
ومن عجيب امر الملك عبدالعزيز رحمه الله ان وقته يتسع لطبقات مجتمعة ويعطى كل طبقة ما يناسبها ثم يتدرج مع الطبقات واحدة واحدة الى أكبرها شأنا وأرقاها علما وأعلاها درجة في أوضاع المجتمع، فتجده مع كل طبقة، وكأنه لا يحسن الا سياستها ولا يجيد الا اسلوبها فإذا وصلت معه الى الطبقات العليا تجلت لك براعته وظهرت لك حكمته وفراسته.
الرد الى الكتاب والسنة
كان الملك عبدالعزيز أعلى الله مكانه في الجنة يرد كل ما اختلف فيه الناس الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفهم السلف الصالح لهما، لا الى قول فلان ورأي علان فاذا هم متفقون على الحق الذي لا يتعدد.
وأكبر برهان على ذلك خُطبه وكلماته التي كان يلقيها في المناسبات حتى أصبح فهمه للدين ووسائل الوصول الى الحق، ورأيه في امور الدنيا التي لا تعارض الدين ميزانا للمصلحة وطريقا للرفعة، وسلم الوصول الى العز والسعادة وماهو بالمعصوم ولكن لوقوفه عند الحدود، وايثاره رضى الله على رضى نفسه، وشعوره بثقل العهد، وتحمل الأمانة، وفقه الله لاصابة الصواب، وقيادة العباد.
صدقه مع الله
كان الملك عبدالعزيز شديد المراقبة لله، يسعى للعمل بما يحبه الله ورسوله فصدق في معاملة ربه وما عاهده عليه، فوضع الله له القبول عند الخاصة والعامة.
وهذا ولا ريب جزاء من الله على الاخلاص يعجله الله لعباده المخلصين فحياته كلها جهاد في سبيل نصر الدين، وجعل البلاد تسير على الأساس الذي صلح به اول هذه الأمة، فكان الله جل وعز معه بالنصر والتأييد، والعز في الدنيا بالتمكين وبالنعيم المقيم في الجنة ان شاء الله فما غيّر عهده مع ربه، ولا نقض ولا بدل حتى أتاه اليقين.
قال الله سبحانه: الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور .
وقال جل ذكره والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين .
بتلك الخلال الحميدة، والحكمة الرشيدة والرأي السديد، قاد الملك عبدالعزيز البلاد والعباد، الى سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
وقد ادخر الله لهذا العصر من ذريته من هم اهل لتحمل الأمانة وقيادة الأمة على المنهج الذي نهجه الملك عبدالعزيز فوجد منهم من هم حماة للدين حقا، بل هم المؤتمنون عليه، وهم حفظته وأنصاره وأسماعه وأبصاره، جمع الله بهم كلمة البلاد، ولم بهم شمل العباد، فقطعوا الطريق على المتطاولين بغير حق، وقاموا بواجبهم في حماية الدين.
وبعد فالحمد لله الذي اتم علينا النعمة، وهدانا لأقوم دين وجعلنا أمة واحدة على الحق والهدى، وحق علينا ان نتواصى بالخير وان نتعاون على البر والتقوى وان نعرف نعمة الله علينا بهذا الاجتماع والاتحاد وان نحوطها بالشكر لمسديها والمنعم بها.
والله ولي التوفيق.
د, عبدالله بن عبدالرحمن الشثري
|
|
|
|
|