| عزيزتـي الجزيرة
لقد رحل الشيخ الجليل حمد الجاسر يرحمه الله ولقد تبارى ذوو القلم والشأن في رثائه بمحض عواطف صادقة يحدوها عبق الوفاء لرجل وهب حياته للجهاد النقي في سبيل التنوير فاستحق التكريم وهو على قيد الحياة لمواقفه التي لامست عمق الحقيقة وآزرت العلم.
كان عالما وفاضلاً وقد لمست ذلك في أول لقاء لي في منزله قبل حوالي عشرين عاما عندما أشار عليّ الأستاذ عبدالله القرعاوي أن أستزيد من علم الشيخ وتجربته أثناء إعداد بحث كنت أقوم به خلال خوضي مجال الدراسات العليا، فجلست بين يديه أتتلمذ أسجل ملاحظات مما يقول، فإذا به يشدد علي بأن أسجل كل كلمة يقولها، فأخذت أسجل ما يفيض به من معرفة زاخرة لمدة قاربت الثلاث ساعات فكان يرحمه الله شعلة فكرية متقدة وذا بصر وبصيرة فيما يملي من حقائق وأفكار متقنة بالدقة والتسلسل الفطن والعمق الذي يليق بأستاذ علم معلم.
ولا أخال، ان كل من عرفه شخصيا أو من خلال جهده العلمي إلا وقد أدرك ان الشيخ كان حريصا على الشمول والدقة والسعي الدؤوب لاستجلاء الغامض ليصبح متاحا وهذه صفات العلماء الذين يخشون ربهم.
ثم ماذا بعد رحيل الجسد والروح إلى بارئها؟ فالشيخ لم يجاهد في سبيل العلم والتعليم ليكون جهده منقطعا من بعده بل كان يسعى إلى استيلاد العلم من عقول الرجال، وهناك أفكار كثيرة من شأنها ان تجعل آثار علمه مضيئة بإذن الله، ومنها أن يخصص أحد القادرين شخصا أو جهازاً مسؤولاً جائزة علمية سنوية تحمل اسم الراحل، ليبقى لنا امتدادا فاعلا واستمرار للعطاء فعليه الرحمة ومنا الدعاء.
فؤاد أسعد كماخي
|
|
|
|
|