| محليــات
قمة رؤساء دول منظمة أوبك التي تنعقد اليوم في كاراكاس تأتي في الوقت المناسب لإعادة صياغة العلاقة بين أعضائها من جهة، وعلاقتها بالدول المستهلكة وخصوصا الكبيرة منها، ولرسم سياسة للطاقة تخدم المنتج والمستهلك معاً.
لقد تعرضت منظمة الأوبك في تاريخها لهزات أثرت على مصالح الدول الأعضاء وفي الوقت نفسه لم تكن مستجيبة لأهدافها, ومنذ أكثر من عام بدأت منظمة أوبك تدرك الخطر المحدق بها بعد تدهور الأسعار المتكرر، وبدأت ايضا تدرك حاجتها الماسة الى مراجعة جادة للكيفية التي كانت تتعامل بها مع السوق، وكانت مبادرة المملكة مع فنزويلا والمكسيك نقطة الانطلاق في إعادة أسعار البترول إلى مستوى يحقق مصالح الدول الأعضاء في المدى القصير والبعيد، ثم جاءت قراراتها المتتالية على قدر كبير من المسئولية وفهم العمليات المعقدة التي تحكم السوق، فأوبك ليست كارتيلاً أو تجمعاً احتكارياً لمجموعة شركات تجارية مرهونة مصالحها بما تنتجه من سلعة، ولكنها تمثل دولاً، ولكل دولة ظروف اقتصادية، والدول في عصر العولمة الاقتصادية أصبحت متشابكة، ومن ثم فإن أي تأثير على النمو الاقتصادي العالمي يشترك الجميع في نتائجه.
وأوبك تدرك أنها ليست تجمعاً سياسياً، ومن ثم فإن أعضاء المنظمة يفترض ألا يوظفوا علاقاتهم السياسية كحجر أساس في صياغة قرارات المنظمة سواء تلك المتعلقة بكمية الانتاج أو آلية الأسعار, وأي دولة عضو تريد توظيف موقعها لحل مشكلة سياسية من خلال التأثير على قرارات ذات طبيعة اقتصادية انما تزجُّ المنظمة مرة أخرى في دوامة عقدي الثمانينات والتسعينيات، وتجارب المنظمة في تلك الفترة مرّة ومليئة بالإحباط.
وأوبك تدرك أن حصتها في السوق قد تراجعت كثيراً، فبعد أن كانت في عقد السبعينيات تنتج أكثر من نصف إنتاج العالم، أصبح الآن إنتاجها يتجاوز الثلث قليلاً، وتدرك أيضاً أن هناك منافسين جدداً قد يضعفون موقفها وتأثيرها في السوق، ومن هنا فإن الحرص على مكانة أوبك وتأثيرها يقتضى التوازن الرشيد في تحديد الأسعار والاستجابة لحاجة السوق في ضوء منطق الاحتفاظ بالموقع وعدم تشجيع ظهور منافسين جدد.
وأوبك تدرك أن سياستها الحالية والمسئولة جعلت الشارع الأوروبي ينتفض مطالباً دوله بخفض الضرائب، فأصبح صوتاً للأوبك بعد أن كان صوتاً ضدها, وتوظيف إنجاز كهذا يتحدد في الحوار المقترح بين المنتجين والمستهلكين.
وأوبك تدرك حاجتها للمشاركة في وضع سياسة لطاقة تحفظ مصالحها وتساهم في استقرار الأسعار، وتنضج التعاون المشترك مع الدول الصناعية في ضوء برامج واستفادة من تقنية وخبرات، وخطط طويلة المدى.
قمة كاراكاس تجتمع في ضوء المعطيات السابقة، وسمو الأمير عبدالله يشارك فيها ممثلاً لخادم الحرمين الشريفين، وممثلاً لوطن هو أكبر منتج للبترول في العالم، وحكومة خادم الحرمين الشريفين حرصت على إنضاج حوار بنّاء بين أعضاء دول أوبك، وفي الوقت نفسه حرصت على وحدتها وتماسكها، وهو ما يعكس منهج في التعامل الدولي حرصت عليه المملكة، دائماً في كل الظروف والمناسبات، وذلك ما سيعبّر عنه سموه الكريم بوضوح وبروح المسئولية.
الجزيرة
|
|
|
|
|