| مقـالات
لعله من المفيد للقارئ الإلمام ولو بشيء يسير عن ثالث نظام تقوم عليه الدولة في بنائها السياسي والتشريعي والتنموي التنفيذي ألا وهو نظام المناطق الصادر مع نظام الحكم الأساسي ونظام مجلس الشورى, وما دعاني للكتابة عن هذا الموضوع إلا لأهميته وقلة الكتابات حوله أو قلة المهتمين بإبراز ما في هذا النظام من خدمة للمواطن وارتفاع بمستوى العمل التنموي في المملكة والمشاركة الاجتماعية والإدارية لأبناء المناطق في المملكة.
لابد من التسليم بأن هناك حركة تطور شهدتها المملكة في معظم مناحي الحياة وفي القطاعات الخدمية والإنتاجية، والمرافق الأساسية,,, وتطورت حياة المواطن بالمقابل وأصبح مستوى معيشة المجتمع السعودي أكثر تطوراً, كما توفرت الكفاءات العلمية والإدارية والعملية السعودية، ونهض مستوى التعليم كل هذه التطورات جعلت الدولة تفكر وتنفذ صياغة إدارية تضمن المشاركة الاجتماعية في عملية التنمية والإدارة تلك الصياغة هي (نظام المناطق), ويهدف هذا النظام إلى رفع مستوى العمل الإداري والتنموي في مناطق المملكة كما يهدف إلى المحافظة على الأمن والنظام وكفالة حقوق المواطنين وحرياتهم في إطار الشريعة الإسلامية (1) .
تجلت اللامركزية الإدارية في هذا النظام حيث وضعت مسئولية الخدمات في المدن والقرى والهجر تحت الإشراف المباشر لمستخدميها مما يرفع كفاءة الإدارة في هذه الأجهزة إلى حد كبير يقارب بين موقع التنفيذ وسلطة اتخاذ القرار.
وحدد النظام ثلاث عشرة إمارة منطقة، وكل منطقة تتكون من عدد من المحافظات فئة (أ) ومحافظات فئة (ب) وعدد من المراكز فئة (أ) ومراكز فئة (ب) بحيث أخذ في الاعتبار عند التقسيم الأوضاع السكنية والجغرافية والأمنية وطرق الموصلات وظروف البيئة والمكانة التاريخية ومما يميز هذا النظام إعطاؤه للإمارات مزيداً من اللامركزية المتمثلة في إمكانية الاتصال من قبل أمراء المناطق بالوزراء ورؤساء المصالح الحكومية مباشرة لبحث أمور المنطقة دون الرجوع لوزارة الداخلية التي تعتبر المرجع لكل إمارات المناطق بالمملكة, كما أعطي المحافظون الصلاحيات الكافية لإدارة وتنمية محافظاتهم والمراكز التابعة لها ومن ثم الرجوع لإمارة المنطقة التي تشكل فيها مجلس منطقة يمثل الأهالي يشارك فيه ممثلو الدوائر الحكومية في كل منطقة، وتشكلت لجان ثقافية واجتماعية وصحية، وخدمات وغيرها.
كما يتم اجتماع سنوي لأمراء المناطق بصاحب السمو الملكي وزير الداخلية كل عام (2) لبحث الأمور المتعلقة بمناطقهم، ويرفع سمو وزير الداخلية تقريراً بذلك إلى رئيس مجلس الوزراء ليتخذ المناسب من القرارات العائدة على البلاد بما ينفع المناطق ويخدم عملية التنمية.
كما اشتمل النظام على تأليف مجلس منطقة يكون مقره الإمارة لبحث احتياجات المنطقة وحدد النظام عدد أعضاء المجالس وعضويتهم واللجان العاملة به والأمانة العامة لمجلس المنطقة وشروط العضوية وآلية سير عمل المجلس وجلساته ودوراته والتوصيات التي تقترح ما ينفع المنطقة.
ويعتبر نظام المناطق أساس التنظيم المحلي في المملكة لأنه ينبثق من أعلى مستوى تشريعي وتنظيمي في الدولة وهذا النظام منح الشخصية المعنوية لثلاثة مستويات وهي:
أ مستوى المنطقة.
ب مستوى المحافظة.
ت مستوى المركز.
كما نص النظام على ان المجالس المحلية لا يرشح لها إلا من يسكن وينتسب لتلك المنطقة ويكون مقيماً فيها.
ولأهمية هذا النظام جعلت له وزارة الداخلية إدارة خاصة على مستوى وكالة وزارة لشؤون المناطق وهي التي تتولى متابعة المناطق وعلاقتها بوزارة الداخلية ومعالجتها لقضايا المجالس، والتنمية والمعلومات, وتكون حلقة الوصل بين المناطق والدولة من خلال وزارة الداخلية, كما وجه النظام جميع الوزارات للاستجابة لمجالس المناطق والتعاون معها والتنسيق في كل ما يهم المنطقة وضرورة إجابة مجالس المناطق في مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً,,, وإلا حق للمجالس الرجوع لوزارة الداخلية وإحاطتها بذلك لاتخاذ ما هو مناسب.
وفي لقائنا القادم سوف أتناول إن شاء الله دور نظام المناطق في تغير ملامح صناعة القرار التنموي في المملكة, واللامركزية الواضحة فيه.
(1) نظام رقم أ/92 تاريخ 27/8/1412ه بالمادة الأولى ص 5،(2) نظام المناطق المادة 8.
د, عبد المحسن محمد الرشود
|
|
|
|
|