أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th September,2000العدد:10225الطبعةالاولـيالثلاثاء 28 ,جمادى الثانية 1421

الاخيــرة

حمد الجاسر: ذكريات,, ومواقف,,
آفاق معاناته في اليمامة
عبدالله بن إدريس
لولا أن أستاذنا حمد الجاسر رحمه الله من الرجال الأجلاد على مقارعة الأحداث,, ومن القيادات التثقيفية التنويرية الرائدة في هذا الوطن لما تحّمل وصبر على ما واجهه من تعب وارهاق نفسي اكتنفه منذ أن أزمع اصدار اليمامة في البداية حتى تركها لغيره في النهاية بعد ما يقارب عقدين من السنين.
* لقد عانى الشيخ حمد كثيراً من المتاعب في استمرارية اليمامة على خط سيرها الذي رسمه لها منذ البداية، وهو ما يؤمن به ويراه الأمثل لخدمة دولته، ووطنه، وثقافة أمته العربية والإسلامية,, ولابد أن الذين أسهموا معه وساعدوا في بداية اصدارها صحيفة اسبوعية بعد أن كانت شهرية,, كالأساتذة عبدالكريم الجهيمان، وسعد البواردي، وعمران العمران، وغيرهم,, يذكرون كثيراً من المواقف والمعاناة التي عاشها مع هذه الصحيفة الرائدة أول صحيفة صدرت في نجد.
* ولعل أشد متاعبه وإحباطاته ما واجهه بعد كتابة مقاله الشهير مرحباً برسول السلام والذي كتبه بمناسبة زيارة البانديت جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند إلى الرياض حوالي منتصف السبعينيات الهجرية بدعوة من الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله.
لقد غُضب على الشيخ حمد غضباً شديداً من جراء مقاله هذا,, وأقيل من وظيفته كمساعد للمدير العام للكليات والمعاهد العلمية.
بل ولم يكتف بإقالته من وظيفته,, وانما سحبت منه الصحيفة نهائياً, وأخلد الجاسر إلى الراحة غير المريحة فترة من الزمن، ثم غادر الرياض بأسرته إلى بيروت حيث أقام هناك عدد سنين، وأنشأ مكتباً ومكتبة في عمارة العزارية المطلة على ساحة البرج في بيروت.
***
بعد سحب اليمامة من الجاسر بحثت الجهة المعنية عمن تمنح له الصحيفة ويتولى اصدارها مجدداً,, وقد دعاني سمو الأمير عبدالله بن عبدالرحمن رحمه الله وهو كبير المستشارين عند الملك سعود,, دعاني إلى جلسة منفردة معه، وكانت تربطني به علاقة جيدة,, فقال: إن الحكومة ترغب ان تعطيك اليمامة ملكاً لك كذا حرفياً وتعيد اصدارها بما يخدم الدين ومصلحة البلد إن شاء الله هذا العرض من سمو الأمير عبدالله لابد أن يكون باطلاع وموافقة من الملك سعود رحمهما الله .
كان موقفي من هذا العرض هو الرفض القاطع,, سألني الأمير عبدالله: إيش السبب؟ قلت هي ثلاثة أسباب لا سبب واحد, السبب الأول: انها ملك لحمد الجاسر كملكي لمشلحي الذي على ظهري,, قال: هي ملك الحكومة تعطيها من يصلح لها,, قلت عندي علم أن سمو الأمير طلال بن عبدالعزيز قد حاول شراءها من الأستاذ حمد ب 60000 بستين ألف ريال، ورفض حمد بيعها,, سألني والسبب الثاني؟ قلت: ان الأستاذ حمد الجاسر استاذي، وليس من المروءة أن اقبل أخذ حق استاذي بوجه غير شرعي,, قال: والسبب الثالث: قلت: انكم ستفرضون علي التوجه الذي تريدونه دون أن يكون لي حق فيما أريد,, وفي نهاية المفاهمة قال رحمه الله تأكد انك ان لم تأخدها فسيأخذها غيرك,, قلت هذا مؤكد,, وعفى الله عنا وعمن يأخذها.
للحقيقة والتاريخ أن الأمير عبدالله كان معي لطيفاً في هذه المحاورة أو المحاججة فهو لم يغضب من موقفي هذا أو يعنفني عليه.
وطبيعة الأمير الجليل عبدالله بن عبدالرحمن رحمه الله انه ليس كما يشاع عنه من القسوة أو التجبر على الآخرين أبداً,, وخاصة طلبة العلم الذين يعزهم جداً ويحترمهم فهو رجل دين وعلم وثقافة جيدة.
* بعد فترة وجيزة من اقالته من وظيفته، ومصادرة اليمامة منه سافر الأستاذ الجاسر إلى لبنان التي استقر فيها عدة سنوات.
كنت ألتقي به كثيراً في بيروت,, عندما أقضي مع اسرتي الصيف في لبنان,, كنا نتزاور بأسرتينا الرجال في همومهم الثقافية، والنساء في همومهن الخاصة كالعادة,, نسعد بأحاديثه ولطافته، وروحه الاجتماعية المرحة، إلى جانب ما يسبغه على جليسه أو جلسائه من وافر علمه، وعميق ثقافته,, ومخزون ذاكرته العجيبة في معارفه التاريخية والجغرافية، والأنساب والقبائل، ووقائع الحياة التي مرت به أو مر بها,, حيث يذكرني بجلسات أو اجتماعات كان فيها فلان من الناس حضر عندك وهو من المكروهين في المجتمع,, ونحو ذلك من عجائب ذاكرته التي لم تشخ رغم تجاوزه التسعين عاماً رحمه الله .
***
* في عام 1384ه وصله خطاب من وزير الاعلام الأول الأستاذ جميل الحجيلان يخبره بأن الحكومة قررت تحويل الصحف الفردية إلى مؤسسات صحافية يشترك فيها الأدباء والمثقفون ورجال المال ويخبره بأن اليمامة ستعاد إليه اذا رجع إلى المملكة.
ويطلب الأستاذ جميل من الأستاذ حمد العودة إلى الرياض سريعاً وتقديم قائمة بأسماء الأشخاص الذين يرغب التعاون معهم في مؤسسة اليمامة الصحفية .
زارني الأستاذ حمد ذلك اليوم الذي وصله خطاب وزير الاعلام، وأعطاني الخطاب قائلاً: اقرأه واعطني رأيك فلما قرأته قلت له رأيي أن تقبل ما جاء في الخطاب، وتعود إلى وطنك وتصدر صحيفتك على بركة الله .
وهذا ما تم له وتحقق، فقد عاد وقدم قائمة بأسماء المؤسسين المنتظرين إلى وزير الاعلام الذي رفع القائمة إلى الملك فيصل رحمة الله عليه وتم اعتماد أكثر الأسماء الواردة فيها وقامت المؤسسة وصدرت منها اليمامة والرياض وغيرهما من المطبوعات الأخرى.
* لكن متاعب الأستاذ الجاسر لم تنته بذلك,, حيث حصل خلاف بينه وبين بعض الأعضاء من رجال الأعمال، مما حمله على الابتعاد عن مجلس ادارة المؤسسة وكان في ذلك خيره,, فقد أنشأ مجلة العرب التي خدمت التاريخ العربي وجغرافية ومواقع الأحداث والقبائل والأنساب في الجزيرة العربية فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل لله فيه خيراً كثيراً وها نحن ننتظر من يحل محله في مجلة العرب ويتولى استمرارية اصدارها.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved