حمى الوادي,.
وتُصطَلي الأدمغة,.
وتنفجر الشرايين,.
ويهوي الإنسان,.
وكم من حمّى,, قد اصطلت الأدمغة,,، وانبجست لها الشرايين,, وسقط ضحيتها الإنسان,.
لكنه لم يمت,.
ظل يحتضر,, فوق بسطة البسيطة على اتساعها,, وتزاحم المناكب فيها؟,.
في الأرض كلها على اختلاف اتجاهاتها وأبعادها,.
فطاعون العصر تتفجَّر فيه كبسولة معدنية صغيرة,.
يجدها صغار الأطفال الحفاة في صعيد الريف المصري,,، يحملونها فرحين بلمعانها وبريقها ونمنمتها,,، وعندما يصلون إلى المنازل,,، تكبر الأحلام,,، وتنبسط الأماني، وتتسع الفرحة في النفوس,,، إذ يتخيل الكبير منهم مثل الصغير بأن هذه الكبسولة تحمل كنزا خرافياً فما تلبث أن تنفجر,,، فتُبقر البطون، وتُمزِّق الصدور,,، وتَهوي بالقلوب النابضة,, فتتصعَّد روح الحياة منها,.
وطاعون العصر تفجّرت له الآلة كي تمحوه,,، لكنها وطّنته ووظفته,,، وفرح الإنسان الحديث بأنه قضى على الجهل,, لكنه لم يفعل,.
بل ازداد جهلا,, وهو يزداد علماً,.
حمَّى الوادي,.
تصطلي,, وتفجر,, وتميت,.
والمبيدات وحدها لن تبيدها,.
فكيف ينتشر المرض في زمن العلم؟ ويقاوم جهود النور لينتشر,,، و,,.
وكيف تسيح الماشية وهي ملغومة بفيروس الموت؟
وكيف يعيش الصغار والتربة الافريقية ملغومة بكبسولات الموت؟
من فعل ذلك؟
ومن أين جاءت ماشية الموت,.
وكبسولة الانفجار,.
و,,السؤال:
الإنسان الذي يحارب الموت لابد أن يحارب الجهل,.
فمن هناك,.
حيث حضارة التحضُّر,,، ودعوى الوعي,,، وسمعة التقدم,,، جاء الجنون منبثقاً عن البقر، وجُنَّ المرض يفتك بالانسان,.
ومن هناك,.
حيث حضارة العصر,,، وتهمة العلم، وخبر التطور,,، جاء الفتك يعم الإنسان ليس فقط في جسده فيأكل البواقي في شرائح لحم مشوية ذات روائح تستحلب شهوة الأكل.
ترسلها نوافذ المطاعم السريعة، وخدمة الراكب والسائر، والمستعجل، والذي على سباق مع زمنه,.
ومن هناك,.
حيث الناس تدّعي العلم,, وتدَّعي البناء،,, وتدَّعي التسابق في الأخذ والعطاء،
وفي الابتكار والإبداع,, وفي الرقي,.
يجيء كل ما يجيء مغلفاً في أوراق الورد، وأغلفة العطور، وبداخلها الفتك ليتم التعامل مع الإنسان، بل الفتك بصحته العقلية والوجدانية والنفسية، والجسدية,.
حمَّى الوادي
هي هدية جديدة لمعطيات العصر,.
علاجها الوعي,.
مصلها الفهم,.
دواؤها الحذر,.
يأتي السلام منها,,، السلام من أدواء العصر,.
الذي بدأ يرسل مؤشرات أخطاء الإنسان فيه,, على صعيد الأرض القائم فوقها هذا الإنسان,, وهو فرحٌ يدكُّها سعادة بنجاحه,, فتدكُّه تنبيهاً إلى غفلته,.
فاللهم احجر على أدواء العصر في مكامنها,, كي لا تتسرب إلينا
واحفظ علينا بإيماننا بك صحتنا عن أدواء العصر وأمراضه دون ان تصل إلينا,.
واصرف عنّا السوءَ الذي تُفرزه معطيات المدنية الحديثة,.
ما كان منه سوء العقول أو سوء النفوس أو سوء الأجساد
كي لا يلحق بعقولنا ولا بنفوسنا ولا بأجسادنا منه شيء,.
وسلِّمنا مما يرد,.
كي نظل في مأمن مما يضرُّ.
|