أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th September,2000العدد:10225الطبعةالاولـيالثلاثاء 28 ,جمادى الثانية 1421

متابعة

جامعة الزيتونة في تونس
منارة العلم والإشعاع الديني والحضاري
يكاد يقترن على الدوام اسم تونس بجامع الزيتونة ذلك المعلم الديني والعلمي والحضاري البارز الذي تأسس منذ ثلاثة عشر قرنا وهو ثاني الجوامع المبنية في ربوع افريقية بعد جامع عقبة بن نافع بالقيروان اذ ترجع اغلب الروايات زمن بنائه الى بداية القرن الثاني الهجري، وقد قام امراء الدول الاغلبية في القرن الثالث الهجري بتوسيعه وتحسين هندسته وزخرفته ومرافقه.
وقد امكن لهذا الجامع ان يكون احد المواقع الدينية المميزة باعتباره مكان عبادة، واحدى الجامعات التي لم ينقطع فيها تدريس العلوم الدينية لابناء الغرب الاسلامي على امتداد قرون متتالية، إلى جانب كونه منارة حضارية تحمل خصائص المعالجة الاسلامية السمحة والمتفتحة لقضايا الدين والدنيا وتجسد مميزات فن التشييد الذي عرفته تونس من خلال الاضافات المتعاقبة التي ادخلتها عليه مختلف المدارس المعمارية،وتعكس بشخصية أئمته وخريجيه الادوار التي لم ينفك يؤديها في المنطقة بأسرها زمن الاختلافات الطائفية التي مرت كسحابة الصيف على افريقية في القرن الخامس للهجرة وفي عصر الانحطاط الذي خيّم بظلاله على البلاد الاسلامية بأسرها وفي زمن المواجهة مع المستعمر التي امتدت الى منتصف هذا القرن.
ومما لاشك فيه ان جامع الزيتونة قد نهل منذ تأسيسه وانتصابه معلما علميا ودينيا شامخا من المدرسة الفقهية القيروانية التي كان روادها الامام سحنون وابو زيد القرواني واشتد عوده في الدفاع عن الرؤية الاسلامية المتميزة بالسماحة والتفتح لقضايا الاختلاف واصرارها على توحيد راية الاسلام والمسلمين حول المعاني الايجابية للعقيدة.
وقد ساهمت المواجهة مع المستعمر في اخراج جامع الزيتونة من دوره التقليدي الذي كان يقتصر على الانكباب على العلوم الدينية والاستلهام من مناهل السلف، ونحو ذلك الى مركز للحركة الفكرية والاجتماعية والسياسية في البلاد التونسية التي لها اشعاعها العربي والاسلامي, ومن مشايخ الزيتونة وطلبته من قاد النضال ضد المستعمر وواجه الموت في ساحات القتال ومنهم من ألف الكتب وألقى المحاضرات من اجل توعية الشعب التونسي وترسيخ حركية التطور فيه مثل ابي القاسم الشابي والطاهر الحداد والفاضل بن عاشور والطاهر بن عاشور ومنهم من ضاقت عن كفاحه الساحة التونسية فطاف في البلاد العربية الاسلامية او استقر بها مثل الشيخ عبدالعزيز الثعالبي والشيخ محمد الخضر حسين والشيخ محمد السنوسي والشيخ صالح الشريف والشيخ اسماعيل الصفايحي, كما ساهم شيوخ وطلبة من جامعة الزيتونة في تأسيس الحركة النقابية الجديدة ببعث الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 وقد انتخب الشيخ الفاضل بن عاشور اول رئيس له.
ومنذ تحوّل 7 نوفمبر 1987 اعادت قيادة العهد الجديد الحياة الى الزيتونة وردت لها اعتبارها كمؤسسة عريقة ومنارة للعلم ورمزاً لمدرسة فكرية تقوم على التفتح والتسامح والاجتهاد المستنير بالعقل وبالقيم الانسانية الشاملة.
واصبحت جامعة الزيتونة التي تضطلع بنشر المعرفة لاتقتصر على تلقين المعرفة الدينية التقليدية بل تثريها بالمعارف والمناهج والاختصاصات العلمية الحديثة بما يجعل التعليم فيها موازناً بين مقاصد الدين والتفاعل الخلاق مع مقتضيات العصر, حيث تدرس على منابر جامعة الزيتونة دروس الاديان المقارنة والاعلامية علم النفس واللغات والأنتروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد والفلسفة والقانون اضافة الى علوم القرآن والتفسير والحديث والسيرة النبوية.
وفي اطار التعاون العلمي والثقافي ترسخت علاقات التعاون الاكاديمي مع الجامعات الاجنبية ومؤسسات البحث المعروفة على المستوى الدولي.
وان احتفال تونس خلال العام الماضي بمرور 13 قرناً على تأسيس جامع الزيتونة لم يكن صدفة بل يأتي في سياق العناية الموصولة التي توليها تونس التغيير لهذا المعلم الديني والحضاري، وقد توجت الاحتفالات باقامة ندوة الاسلام ومواكبة العصر , دعي اليها جمع من علماء الدين والتاريخ من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا والسعودية ومصر والكويت وسوريا وفلسطين والعراق بما يجعل الحاضر يرتبط بالماضي وتنفتح بتلاقيهما البواب المستقبل من اجل مواكبة التحولات الدولية وتجديد الصورة المنتشرة عن الاسلام في العالم.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved