| مقـالات
برأيك كم علامة استفهام تموت في هذا العالم يوميا؟ كم يموت منها بلغات العالم، بثقافات البشر، بمواقفهم، بشعوبهم، بقبائلهم، بظروفهم، بطبقاتهم، ببكائهم، بصراخهم، بعنفهم، بكرمهم,, بكل شيء إنساني وغير إنساني,,؟ بل كم منها يموت (فيك),, في كيانك الضئيل ضآلة الحياة: نطقا بلسانك، أو همسا بشفتيك، أو اضمارا بقلبك، أو (بتقليبك يديك)، أو بطأطأتك رأسك والمضي في طريقك مهزوما كالعادة بعلامة استفهام (غير مفهومة؟), كم مات لك من علامة استفهام منذ أن حللت على هذا الكوكب زائراً مؤقتاً ينتظر رحيلا ينتظره؟ كم وكم من لياليك المتعاقبة (ليليا) ذهبت الى الفراش وعلامة استفهام تعتلج في دواخلك، او تحتضر في خيالك، أو قد أسلمت الروح فغادرت دنيا (الأجوبة) لديك؟ هلا تخيلت لو أن كل إنسان قد منح (مقبرة علامات استفهام) في هذه الدنيا؟ هل لديك القدرة على تخيل حجم مقبرة علامات استفهامك؟ كم ياترى سوف يكون نصيبك من الأمتار من هذه المقبرة الاستفهامية؟ وفي حال عُرض عليك بيع كل (متر استفهامي!) من هذه المقبرة,, هل ستبيع؟ وكم سيبلغ المتر (بالاجابات) وليس بالفلوس؟ هل ترى أنه لو كان بالفعل لدينا كبشر فرصة لبيع مقابر علامات استفهامنا,, أقول هل تعتقد أنه سوف تنتشر (دكاكين) وشريطية بيع وشراء علامات الاستفهام في هذه الحياة انتشار دكاكين العقار، أو خزعبلات الطب الشعبي، أو حتى انتشار دكاكين (مخرجي الجن!) المجانين أنفسهم شعوذة ووهما؟ هل كل استفهام سوف يكون صالحاً للبيع والشراء؟ ألن يكون هناك استفهامات (انتهت صلاحيتها)، واستفهامات فات أوانها فانتفت حاجتها وعلى غرار (فات الميعاد!) واستفهامات رحلت برحيل قطار العمر، واستفهامات استجدت فسادت ثم بادت، بل واستفهامات أينعت كالأزهار وفجأة ماتت (عزقا لا قطفا) بمعاول الزمن مما مزقها في كيانك فلم تعد صالحة للاستخدام (البشري؟), بل وهل كل استفهام يُجاب؟ ماذا عن بعض استفهاماتك الغريبة، الخاصة، العاطفية، المخجلة، الحزينة، الغاضبة,.
بالمناسبة، هل لديك علامات استفهام (موزِّيها) عن كل البشر؟ بل هل سبق ان وجدت نفسك في مواقف ارتسمت فيها على محياك كل علامات استفهام العالم تاريخيا وبكل اللغات السائدة والبائدة ومع ذلك ركنتها جانبا آملا أن يمحوها الزمن (فهل محاها؟!).
شخصيا لا أعتقد أن الزمن يمحو ما يجلبه الزمن؟ وكيف لسم أن يزيل السم فيما لو ارتشفت المزيد منه؟ إن ما يدخل الرأس يحتفظ به الكيان في سلة مهملات ينسينا إياها (النسيان) نفسه, إن ذاكرتنا كذاكرة حاسب آلي قديم نجدده ونحسن برامجه ورغم ذلك التجديد وهذه التحسينات فالجهاز هو الجهاز بما فيه من (ملفات قديمة) وملفات جديدة وبرامج محسنة وUpgraded, إن كل إنسان لديه (سلة مهملات) لا تنفتح إلا بأمر ما (كالذكريات مثلا!) بل إن الإنسان لديه القابلية للانهيار,, انهيار الحاسب الآلي حيث ان كليهما يشتركان في عبارة الانهيار، على الأقل في اللغة الانجليزية: (Breaking down), ومع ذلك فهناك فارق وحيد بين سلات مهملاتنا الكيانية/ البشرية وسلة مهملات الكمبيوتر من حيث ان الاخيرة قابلة (للتنظيف) والتغيير، أما سلاتنا فهي للأسف تراكمية يعصرها الزمن مازجا بعضها مع بعض الى درجة المرض النفسي فالجسدي, على (طاري التنظيف!) حبذا لو أننا انتهجنا فضيلة (تنظيف سلات مهملاتنا ديتوليا!) وذلك قبل ان نطالب الآخرين (بالنظافة!): فالشاعر كان بالتأكيد يشير إلى (سلات مهملات البشر) حينما قال: لاتنه عن خلق وتأتي مثله ,, ومثله الآخر القائل: فكلك عورات أو سلات! وللناس أعين ومثلهما المثل الانجليزي القائل: كل إنسان لديه جثة منتنة يخفيها في خزانة ملابسه! ,.
إن حياة الإنسان ليست سوى علامات استفهام يموت بمجرد ان يشارف على اجابة (اسهلها!), إن في تراكم هذه العلامات الاستفهامية لدليلاً على الرحيل (بالتجزئة!) وكقول الشاعر: إذا ما مر يوم مر بعضي : وبالفعل، فكل علامة استفهام يرتفع (حجاجك!) احتجاجا على ابهامها (فعدم قدرتك على اجابتها) هو في الواقع (خلية حيوية) تسقط من كيانك فتقربك إلى مصيرك المحتوم,.
للتواصل: ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض
|
|
|
|
|