| مقـالات
عندما تحين ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية في يوم السبت الماضي 25 من جمادى الآخرة من عام 1421ه فان هذا يكون إيذاناً بمرور سبعين عاما على اعلان الملك عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله قرار توحيد مملكة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها تحت مسمى واحد وهو المملكة العربية السعودية.
وهو تعبير عملي على توحيد الأرض والشعب في دولة تنشد القوة والعزة وبداية لتخطيط دولة عصرية مؤثرة في محيطها الاقليمي والدولي، ومركز قوة لحفظ الأمن والاستقرار ليس للشعب السعودي فحسب، وانما على مستوى الوطن العربي والأمة العربية.
لقد وضع الملك عبدالعزيز يرحمه الله أسس دولة عصرية بدأت بتشكيل الادارات التي تحولت الى وزارات ومجلس للشورى,, وبدأت الطرق الحديثة التي وصلت أطراف المدن ببعضها، وإيجاد سكة الحديد التي ربطت بين الرياض العاصمة والمنطقة الشرقية، وبدأ التعليم يتبلور ويأخذ في الانتشار.
لقد كان هاجس الموحد يرحمه الله توفير الرخاء لهذا الشعب الذي كان له دور أساسي في توحيد البلاد والعباد بقيادة المؤسس الموحد، لهذا كانت الزراعة من أولويات اهتمامه الى جانب التعليم والطرق كركائز حقيقية لتنمية الانسان السعودي بالانفتاح على كل ما فيه خيره وسعادته.
إننا كشعب عندما نستذكر اليوم الوطني، فإننا نستذكره من باب انه اليوم الذي يذكرنا بجهاد الرجال الذين ضحّوا بأنفسهم وبما يملكون,, ونسعد نحن اليوم بما زرعوه من طيب الشجر الذي نتفيأ ظلاله، ونقطف من ثماره,, فما كان لنا أن نكون بالصورة الجيدة التي نحن عليها الآن لولا الله، ثم ادارة الملك عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله علاقاته الدولية برؤية واقعية وعلمية كان من نتاجها الانعتاق من الضغط الاستعماري البريطاني، الذي كان يطوق بلادنا من خلال استعماره للمناطق العربية المجاورة لبلادنا, والاتجاه لبناء علاقات متوازنة وموضوعية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكن لها أطماع استعمارية آنذاك وعقد الاتفاقيات للتنقيب عن البترول مع هذه الدولة التي بدأت الخروج عن سياسة العزلة التي كانت تلزم نفسها بها, وبدأ اكتشاف النفط الذي استثمره الملك الراحل في تطوير بلاده وتقويتها، وإيجاد سبل الرخاء لشعب كريم يستحق ذلك وأكثر.
هذا الزعيم لم تشغله همومه التي هي هموم بلاده وشعبه، عن الوقوف في وجه الزحف اليهودي والصهيوني.
وجنّد علاقاته مع أمريكا للحيلولة دون ابتلاع السرطان الصهيوني فلسطين المحتلة، وبوفاته يرحمه الله خسر الشعب السعودي والأمة العربية والاسلامية زعيماً موحداً أنجز أهمّ وحدة عرفها التاريخ الحديث لأمة العرب والمسلمين.
لقد كان أبناؤه من بعده، الملك سعود، ثم الملك فيصل، ثم الملك خالد يرحمهم الله بواسع رحمته,, كانوا على العهد ثابتين لا يقبلون مساومة أحد حول القرار السعودي على المستويين الداخلي والخارجي وعلى أيديهم يرحمهم الله عاشت هذه البلاد نقلات حضارية متميزة.
وإذا كنا اليوم نحتفل بمرور سبعين سنة على اعلان اسم المملكة العربية السعودية، فإننا نحتفي في نفس الوقت بما تحقق في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أعزّه الله والى جانبه مساعداه ولي عهده الأمين سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.
لقد كان هذا العهد الكريم الذي نعيشه يومنا هذا، عهد الانجازات الضخمة,, فعلى المستوى الداخلي أصبحت بلادنا المترامية الأطراف تتصل ببعضها بشبكة طرق حديثة وفي شأن التعليم أصبح طلاب المدارس والجامعات بالملايين التي خرّجت خيرة الشباب والرواد الذين تميزوا على المستوى القومي والدولي.
أما في مجال الطب، فيكفي أننا نضاهي دول العالم المتقدمة.
وعلى مستوى التأثير الدولي فإن هذه البلاد تحولت الى ميزان قوة قادرة على حماية المقدسات في فلسطين,, فالسياسة السعودية تجاه القدس غير قابلة، مهما كانت تطورات ومفاوضات السلام، أن تقبل بما دون القدس الشريف,, بل لا يمكن لها حتى التزام الصمت تجاه ما يدبره أعداء الأمة العربية والاسلامية بهدف ابتلاع القدس وفق سيناريوهات مخادعة تعطينا القدس شكلاً وتسلبها منا مضموناً وسيادة.
إن الموقف السعودي في ذلك العهد الزاهر تجاوز المواقف العربية، بل وبعض شرائح النخب الفلسطينية.
حتى أصبح معلوماً لدى أمريكا أن القدس حق عربي واسلامي عليها أن تتعامل في مفاوضات السلام على أساسه.
وعلى المستوى الخليجي وبعيداً عن الجعجعة التي تديرها بعض القنوات الفضائية التي تديرها عقول ماسونية غير عروبية وغير إسلامية وإن كانت تتكلم بلساننا، بل وبلهجاتنا ,, فإن هذه البلاد لو لم تهبّ لتحرير دولة الكويت لما عادت بالمرة وهو درس عملي يشهد به الواقع المعاش.
فالسلاح الأمريكي والقوة الأمريكية لم تستطع ان تنال من صدام حسين رغم طائراتها وصواريخ كروز، فالذي نال منه بطرده من الكويت هي الأرض والرجال الذين مكّنوا الآخرين عرباً وأجانب من المساهمة الفاعلة في طرد الغازي وإعادة الشرعية الكويتية لبلادها.
فالموقف السعودي هو الحاسم لمعركة تحرير الكويت.
إن الموقف السعودي في هذا العهد هو ترجمة فعلية لسياسة استراتيجية أوجدها الزعيم الراحل الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود يرحمه الله .
واليوم، ونحن نستذكر إعلان الوحدة والتوحيد لهذه البلاد، نرى أبناء الموحد يطوفون دول العالم شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً عبر زيارات يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ومثلها زيارات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وزيارات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وزيارات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بهدف تحقيق الأهداف العليا للوطن والأمة العربية والاسلامية.
إن ذكرى اليوم الوطني هي إعلان عن النقلات الحضارية للشعب السعودي الكريم الضاربة في أعماق الأرض الخيّرة.
|
|
|
|
|