|
| اليوم الوطني
تحتفل الأرض والإنسان في بلادنا الغالية باليوم الوطني المجيد,, ذكرى توحيد هذا الكيان الكبير تحت مسمى المملكة العربية السعودية ,, حيث يظل الأول من شهر الميزان من عام 1351ه يوماً محفوراً في ذاكرة التاريخ,, منقوشاً في فكر ووجدان الإنسان السعودي على امتداد هذه الأرض الطيبة,, انه يوم من أيام التاريخ التي لا تنسى وهو رمز للوحدة والإرادة وعنوان للصمود والتحدي.
(70) عاماً مضت على مسيرة المجد,, تعيدنا اليوم إلى ذكرى الرجل الذي أيقظ التاريخ من غفوته,, حين أحال الفرقة والتناحر والتنافر إلى وحدة وانصهار وتكامل,, ليؤسس بقدراته المتفردة أكبر منجز وحدوي أممي في التاريخ الإنساني المعاصر,.
** فلقد كانت الجزيرة العربية قبل الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه وأحسن مثواه محوراً للصراعات والخلافات ومرتعاً لتناحر القبائل وتحاربها,, وكان الناس فيها يعيشون معاناة انعدام الأمن وانتشار ظواهر القتل والسلب والنهب,, حتى قيض الله لها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود يرحمه الله فوحّد القبائل ولم شملها وأشاع الأمن والاستقرار في شتى أرجاء البلاد.
** ولم يكن ذلك الانجاز الوحدوي التاريخي مرهوناً بأبعاد زمنية وقتية,, بل شكل أساساً راسخاً ومنطلقاً قوياً لاستمرارية البناء وتواصل مسيرة العطاء,, حيث تواصلت انطلاقات البناء عقب رحيل المؤسس في عهود ابنائه الملوك البررة.
فتحولت الكتاتيب الصغيرة إلى جامعات وكليات ومعاهد ومدارس,, وتحولت الصحراء القاحلة إلى جداول وارفة,, وانتشرت المصانع الوطنية والموانئ البرية والبحرية والجوية,, وافترشت البلاد نهضة عمرانية واسعة,, وشقت جبالها وسهولها وأوديتها شبكة الطرق العملاقة,, وانتشرت المستشفيات الطبية بعد أن انتهى زمن الوحدات الصحية.
وأصبح للإنسان السعودي هوية Identity وبات للمملكة ثقلها عالمياً واقليمياً,, على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.
** ولذلك فليس من الغلو القول إن الحدث والانجاز التاريخي الذي صنعه المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود,, تجاوز رؤية المفكرين العالميين الذين تناولوا بالتنظير واقع الجزيرة واحداثها آنذاك.
وتحضرني في هذه المناسبة معطيات نظرية التحدي والاستجابة للمفكر العالمي ارنولد توينبي ,, ذلك أن الملك عبدالعزيز انطلق من الكويت بارادة التحدي لاستعادة ملك آبائه وتوحيد الأرض والناس واشاعة الأمن والنماء, ولكن لم تكن رؤية توينبي في نظريته الشهيرة تحتمل استشراف حدوث هذا الحجم من التحولات الحضارية مكاناً وزماناً,,فلقد تحقق في هذه البلاد في عقود قليلة ما لم تحققه الأمم في قرون عديدة,, وكان ذلك بفضل الله سبحانه أولاً وأخيراً,, ثم بفضل القدرات الخلاقة التي وهبها الله سبحانه وتعالى للملك عبدالعزيز,, فجعلته يسبق عصره فكراً وعمقاً وقوة.
يقول المؤرخ العربي الكبير أمين الريحاني
لقد قابلت امراء العرب كلهم ولم أجد أكبر من الملك عبدالعزيز,, انه كبير في تفكيره وفي كلامه وفي نظراته وفي مصافحته .
** ولقد أرسى الملك عبدالعزيز يرحمه الله أسساً راسخة للحكم والقيادة تبدت بوضوح في التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية النجدية الصادرة في 21 صفر 1345ه التي اكدت على محورية العقيدة الاسلامية كأساس للحكم,, وكذلك تجلت اسس الحكم والقيادة التي رسخها الملك عبدالعزيز من المنهجية التي سار عليها ممارسة وتعاملاً,, ولعل من بين معالمها سياسة الباب المفتوح التي سار عليها ابناؤه من بعده ملوكاً وامراء ومسؤولين,.
** لقد وضع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه اسس النهضة الحضارية التي نعيشها في كافة مجالاتها وجوانبها,, ومن اهمها المجال الصحي,.
ذلك ان التطور الصحي الذي شهدته بلادنا منذ بداياتها الاولى وحتى اليوم,, يعكس ملحمة رائدة في حركة التطور الانساني,, فالتنمية الحضارية تظل مرهونة بالتنمية الصحية,, ومقاييس انتاجية الامة في مسيرتها التنموية تتوقف على الوضع الصحي للمجتمع كماً ونوعاً,.
وعندما نستقرئ تاريخ التطور الصحي في المملكة نجد ان الطب الشعبي والعقاقير النباتية كانت السمة السائدة في العلاج من الامراض,, وكان الوضع الصحي إجمالاً في حال سيئ,, ولم يكن في البلاد سوى مرفقين صغيرين الاول هو مستشفى جياد الذي انشئ في عام 1288ه والآخر هو مستشفى القبان الذي انشئ في عام 1289ه.
وفي عام 1344ه الموافق 1925م انشأ موحد هذا الكيان الملك عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله اول جهاز تولى ادارة الشؤون الصحية في البلاد تحت مسمى دائرة الصحة التي تحولت في العام التالي 1345ه الى مديرية الصحة والاسعاف ثم تحولت في 16/8/1370ه الى وزارة الصحة.
ومع اعلان توحيد المملكة العربية السعودية في عام 1351ه وخلال عقد الخمسينات الهجري تحققت العديد من الانجازات في المجال الصحي ومنها:
تشكيل المجلس الاعلى الصحي برئاسة النائب العام للملك.
اشتراك المملكة في المكتب الصحي الدولي.
صدور نظام الاحتياطات الوقائية من الامراض المعدية عام 1353ه .
صدور نظام جمعية الاسعاف الخيري 1354ه .
صدور نظام المستشفيات 1354ه .
صدور نظام الاتجار بالادوية والعقاقير والمستحضرات والاعشاب 1357ه .
** ولقد تواصلت مسيرة التنمية الصحية في المملكة العربية السعودية في عهود ابناء الملك عبدالعزيز البررة الملوك سعود وفيصل وخالد,, وشهد عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين نقلة حضارية صحية كمية ونوعية,, وتوجت بما نص عليه النظام الاساسي للحكم الصادر في 27/8/1421ه في مادته رقم (31) التي نصت على التالي
تعنى الدولة بالصحة العامة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن .
واصبحت في البلاد منظومة صحية متكاملة قوامها 320 مستشفى و2930 مركزاً صحياً تنتشر في مختلف ارجاء البلاد,, واصبحت الرياض عاصمة الطب في المنطقة.
** ولقد رافق هذا التطور الكمي تطور نوعي تدل عليه المؤشرات الاحصائية الحيوية ومنها نسبة السكان الذين تتوفر لهم الرعاية الصحية التي بلغت 99%، كما بلغت نسبة التغطية بالتحصين 96% وتم وبحمد الله استئصال مرض شلل الاطفال من البلاد وانخفض معدل وفيات الرضع الى 19 لكل 1000 مولود.
** وأخيراً فان الرؤية المقارنة بين ما كنا وكانت عليه بلادنا,, وبين ما اصبحنا واصبحت عليه بلادنا تجسد بوضوح ما نحن فيه من نعم كبيرة وكثيرة,, ويزداد ذلك وضوحاً وعمقاً عندما نتلفت الى واقع شعوب ودول اخرى,,ولهذا حري بناء ان نبتهل الى المولى عز وجل ونشكره شكراً لا ينتهي على كريم نعمائه,, وندعوه جلت قدرته ان يحفظ لنا قيادتنا الرشيدة,, انه سميع مجيب.
للدكتور غازي القصيبي
نفط يقول الناس عن وطني ما أنصفوا، وطني هو المجد |
|
|
|
|
|
