أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 24th September,2000العدد:10223الطبعةالاولـيالأحد 26 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

بذور أثمرت حياة غنية
د, حمد المرزوقي
الدكتور المرحوم سيد عويس، عالم اجتماع يتميز عن غيره من علماء الاجتماع العرب، انه انصهر في التربة الثقافية للمجتمع المصري، وعايش تحولاتها بمقياس سياسي وتاريخي واجتماعي وحضاري، ولم يحصر نفسه في سياق البحث الأكاديمي المترف الذي هدفه التنظير أو الاعجاب بموضة فلسفية أو اجتماعية، وإنما ينحصر عمله في اطار المنجز الثقافي الاجتماعي الذي يفسر الظاهرة في سياق عملي هدفه الاصلاح والتطبيق.
ومؤلفات سيد عويس وأبحاثه متعددة، وقد ألف قبل وفاته سيرة حياته في ثلاثة أجزاء (البذور، الثمار، ماء الحياة)، وفي هذه السيرة روى كيف تطور فكره الاجتماعي، وتحدث عن جوانب شخصية ذاتية، روى فيها كيف عانى من جحود الأقران أو بعض التلاميذ,,, الخ، لذا كان أول عالم اجتماع عربي يكتب سيرة حياته ويضمنها سيرة أفكاره الاجتماعية وكيف تشكلت ونمت وكيف صاغ إطارها النظري والتطبيقي, وكنت أود لو أن المرحوم سيد عويس اكتفى بسرد تطور فكره الاجتماعي وحذف الجانب الشخصي، إذ ان هذا الجانب يعكس صورة مختلفة تماما عن الصورة العميقة التي تعكسها مؤلفاته وأبحاثه، وقد وجدت صعوبة في تصديق ما قرأت وخصوصا حول نظرته لنفسه ونظرته لزملائه ونظرائه، وأستغرب من مفكر عايش وقائع الحياة الاجتماعية بتفاصيلها اليومية وجذورها التاريخية، بعمق الباحث وألمعية عالم الاجتماع وفي الوقت نفسه يخفق في فهم طبيعة العلاقات الاجتماعية ذات العلاقة المباشرة بسلوكه مع أقرانه أو زملائه، كما استغربت كيفية نظرته لهذه العلاقة وطريقة تعامله معها في النص كتاب سيرة حياته .
وأي قارىء لسيرة هذا المفكر الاجتماعي البارز يفجع بما ورد من تعليقات ويستخلص نتيجة مفادها أن هناك شخصية مختلفة لسيد عويس، عن تلك التي برزت عبر عقود من السنين كباحث اجتماعي متميز.
والحديث عن نظرة المثقف العربي لذاته وصيغة علاقته بالأقران أو حتى لعامة الناس، هي نظرة أو علاقة بحاجة إلى دراسة جادة، دراسة تستخدم منهج سيد عويس في تحليله للظواهر، أي رد الظاهرة للاطار الثقافي والتاريخي الخاص بنمو وتحولات هذه الثقافة وعلاقتها بالانسان الذي يتنفس علاقاته الاجتماعية من خلال مناخ محدد، وطريقة للتنشئة، وأنماط للتربية، تنعكس في مجملها على هذا الانسان كقيم واتجاهات وسلوك.
سيد عويس رحمه الله درس الشخصية المصرية عبر التاريخ، واختار أنماطا أو متغيرات أو طقوسا من أجل فهم أعمق للمركبات الاساسية لهذه الشخصية، بدأ بالعصر الفرعوني، ثم العربي الاسلامي، ثم التاريخ الحديث، وحاول أن يكتشف سمات كمنت بروح الزمان وتراكمت عبر المكان لتشكل علاقة المصري بالكون، وفي الوقت نفسه لتفسر حقيقته الاجتماعية.
لقد كانت قراءته للتاريخ قراءة سياسية، اجتماعية، اقتصادية، اي قراءة تتخذ من التحليل التاريخي اداة لفهم علاقة الفرد بالمجتمع، ومن ثم تعيد تفسير هذه العلاقة في ضوء نظرة الفرد لذاته، وصيغة علاقته بالقيم الخاصة، والآخر في نسق كلي مركب يدرك العلاقة المتبادلة بين تاريخ النشأة وتاريخ الأمة.
ولعل أبرز الكتب التي جسد فيها سيد عويس هذا المنهج كتابه (من ملامح المجتمع المصري المعاصر: ظاهرة إرسال الرسائل الى ضريح الإمام الشافعي,) وكتابه (الخلود في التراث الثقافي المصري) وكتابه (الابداع الثقافي على الطريقة المصرية) وكتابه (أهم السمات الثقافية الموضوعية للشخصية المصرية,) وكتاب (الازدواجية في التراث الديني المصري: دراسة ثقافية اجتماعية تاريخية) وكتاب (هتاف الصامتين: ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات في المجتمع المصري المعاصر,) وغيرها من الكتب والدراسات والابحاث.
في سيرة حياته يشرح سيد عويس كيف تطورت فكرته عن الثقافة المصرية، إذ يقول: عندما بدأت ابلور الاطار الذهني لكتابي (حديث عن الثقافة المصرية,, الخ) شغلتني فكرة المجهول والخوف من المجهول في ثقافة المصري عبر تاريخه.
فمواجهة المجهول كأحد انماط التفكير في محيط المصريين المعاصرين، شغل تفكيري لفترة طويلة فعاش معي الموضوع في يقظتي ومنامي وعندما كنت آكل أو كنت اشرب، وعندما كنت اسير في شوارع المدينة او في كفور القرية، وعندما كنت أقرأ صحيفة سيارة أو أقرأ كتابا، وعندما كنت أتكلم أو كنت أصمت، اي ان موضوع مواجهة المجهول كأحد أنماط التفكير في محيط المصريين المعاصرين كان من خلال الفترة التي كنت أعد من خلالها الاطار الذهني لكتاب حديث عن الثقافة,,,,,, الخ,, (الثمار ص 170).
لم يتوقف سيد عويس عند حدود التفكير في الاطار الذهني للكتاب عند بعض الحقائق الثقافية التي دونها بل لاحظ ان التعامل مع قضية مواجهة المجهول تمس كافة مناحي حياة الفرد، وهي انعكاس للمناخ الثقافي الاجتماعي لهذا المجتمع وتعكس الكثير من العناصر الثقافية غير المادية التي تملأ هذا المناخ وتعيش في كيان أعضاء هذا المجتمع وفي نفوسهم، (الثمار ص 174).
ومن هنا بدأ يدرس ما يكتبه أصحاب السيارات والأوتوبيسات واللوريات والعربات، وما يكتبه سائقوها من كلمات وعبارات على هياكلها أو يعلقونها بالاضافة إلى هذه الكلمات والعبارات أو بدونها من اشياء معينة درءا للحسد او طلبا للرزق او رجاء الوقاية من المجهول،, ولاحظ ان هذه العبارات تحمل العناصر الثقافية غير المادية وتعلن عنها حيثما تسير وكأنها جهاز اعلامي شعبي، (الثمار ص 174), وقد دون نتائج هذه الدراسة في كتابه هتاف الصامتين، حيث جسد القيم الثقافية السلبية من خلال تحليل مضمون للعبارات ودلالاتها، وفي اطار تحليله لتلك القيم الثقافية مهد الطريق لدراسة اخرى أكثر عمقا كما يبدو حيث قادته ابحاثه الى استقراء الأزدواجية الثقافية.
إن مقالا واحدا لايكفي للحديث عن تطور أفكار سيد عويس، وكيف عالج مشكلات مهمة ردها الى جذورها التاريخية وحللها كسمات أو أنماط في الشخصية المصرية المعاصرة، وموضوعات مثل الخلود ومواجهة المجهول والازدواجية الثقافية وغيرها في دراساته وابحاثه تبدو وكأنه انشغال بمشكل ميتافيزيقي، أو محاولات فلسفية، وما يميز سيد عويس عن غيره في ثقافتنا العربية المعاصرة أنه لم ينشغل بالتجريد الذهني، بل كان مسكونا بهواجس الباحث الاجتماعي الذي يتخذ من وقائع الحياة المعاصرة بكافة تفاصيلها مادة خاما في محاولة للتفسير والتأثير والاصلاح الاجتماعي، ويوضح سيد عويس منهجه حول بحث ظواهر ذات طبيعة ثقافية وتاريخية معقدة، إذ يقول انه في كتابه محاولة في تفسير الشعور بالعداوة ، اتضح له (ان العلم والدين لا يتنافران بل على العكس, وجدت انه في ضوء نتائج الدراسة التي ضمها الكتاب ان العلم قد أثبت ما يدعو اليه الدين وان الدين قد أكد ما وصل إليه العلم الثمار ص 181)، لذا فان العلم الاجتماعي لاينشغل في الحقيقة المطلقة، ولكن يبحث عن قيمة عملية تطبيقية، يقول سيد عويس في الجزء الثاني من سيرة حياته الثمار مايلي: (نحن في ضوء الظروف المختلفة التي يواجهها مجتمعنا المصري المعاصر لسنا بحاجة الى الحقيقة المطلقة، إن هذا المجتمع في ضوء ظروفه الثقافية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا يحتاجها, بل بحاجة الى القضاء على الأمية والبلهارسيا وجرائم الرشوة والتهريب وتعاطي المخدرات، وغيرها وغيرها فضلا عن المشاكل الاجتماعية العديدة الأخرى، إن الحقيقة المطلقة لا تواجه هذه المشاكل الاجتماعية الخطيرة ولا تواجه غيرها مثل مشاكل الاسكان والمرور والنقل والمرافق والهجرة الداخلية والصراع الثقافي بين الأجيال) الثمار ص 188.
ان المرحوم سيد عويس الذي قال عنه الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين استاذ العلماء والذي حصل على أول جائزة للابداع في علم الاجتماع في جمهورية مصر العربية في منتصف الستينات، والذي انشغل طول عمره لكي يفهم الازدواجية الثقافية وانعكاسها في اطار الدلالة الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية، والذي يرى ان قيمة العلم تكمن في نتائجه التطبيقية، اقول سيد عويس بعد ذلك كله لم ينتبه الى الازدواجية في سيرته الشخصية، ولم يوظف معرفته الاجتماعية في اقامة صلات مع اقران او زملاء عمل، وليته رحمه الله اكتفى بكتابة سيرة افكاره الاجتماعية ولم يتحدث عن الجوانب الشخصية.
عفا الله عنه
الدكتور المرحوم سيد عويس، عالم اجتماع يتميز عن غيره من علماء الاجتماع العرب، انه انصهر في التربة الثقافية للمجتمع المصري، وعايش تحولاتها بمقياس سياسي وتاريخي واجتماعي وحضاري، ولم يحصر نفسه في سياق البحث الأكاديمي المترف الذي هدفه التنظير أو الاعجاب بموضة فلسفية أو اجتماعية، وإنما ينحصر عمله في اطار المنجز الثقافي الاجتماعي الذي يفسر الظاهرة في سياق عملي هدفه الاصلاح والتطبيق.
ومؤلفات سيد عويس وأبحاثه متعددة، وقد ألف قبل وفاته سيرة حياته في ثلاثة أجزاء (البذور، الثمار، ماء الحياة)، وفي هذه السيرة روى كيف تطور فكره الاجتماعي، وتحدث عن جوانب شخصية ذاتية، روى فيها كيف عانى من جحود الأقران أو بعض التلاميذ,,, الخ، لذا كان أول عالم اجتماع عربي يكتب سيرة حياته ويضمنها سيرة أفكاره الاجتماعية وكيف تشكلت ونمت وكيف صاغ إطارها النظري والتطبيقي, وكنت أود لو أن المرحوم سيد عويس اكتفى بسرد تطور فكره الاجتماعي وحذف الجانب الشخصي، إذ ان هذا الجانب يعكس صورة مختلفة تماما عن الصورة العميقة التي تعكسها مؤلفاته وأبحاثه، وقد وجدت صعوبة في تصديق ما قرأت وخصوصا حول نظرته لنفسه ونظرته لزملائه ونظرائه، وأستغرب من مفكر عايش وقائع الحياة الاجتماعية بتفاصيلها اليومية وجذورها التاريخية، بعمق الباحث وألمعية عالم الاجتماع وفي الوقت نفسه يخفق في فهم طبيعة العلاقات الاجتماعية ذات العلاقة المباشرة بسلوكه مع أقرانه أو زملائه، كما استغربت كيفية نظرته لهذه العلاقة وطريقة تعامله معها في النص كتاب سيرة حياته ,وأي قارىء لسيرة هذا المفكر الاجتماعي البارز يفجع بما ورد من تعليقات ويستخلص نتيجة مفادها أن هناك شخصية مختلفة لسيد عويس، عن تلك التي برزت عبر عقود من السنين كباحث اجتماعي متميز.
والحديث عن نظرة المثقف العربي لذاته وصيغة علاقته بالأقران أو حتى لعامة الناس، هي نظرة أو علاقة بحاجة إلى دراسة جادة، دراسة تستخدم منهج سيد عويس في تحليله للظواهر، أي رد الظاهرة للاطار الثقافي والتاريخي الخاص بنمو وتحولات هذه الثقافة وعلاقتها بالانسان الذي يتنفس علاقاته الاجتماعية من خلال مناخ محدد، وطريقة للتنشئة، وأنماط للتربية، تنعكس في مجملها على هذا الانسان كقيم واتجاهات وسلوك.
سيد عويس رحمه الله درس الشخصية المصرية عبر التاريخ، واختار أنماطا أو متغيرات أو طقوسا من أجل فهم أعمق للمركبات الاساسية لهذه الشخصية، بدأ بالعصر الفرعوني، ثم العربي الاسلامي، ثم التاريخ الحديث، وحاول أن يكتشف سمات كمنت بروح الزمان وتراكمت عبر المكان لتشكل علاقة المصري بالكون، وفي الوقت نفسه لتفسر حقيقته الاجتماعية.
لقد كانت قراءته للتاريخ قراءة سياسية، اجتماعية، اقتصادية، اي قراءة تتخذ من التحليل التاريخي اداة لفهم علاقة الفرد بالمجتمع، ومن ثم تعيد تفسير هذه العلاقة في ضوء نظرة الفرد لذاته، وصيغة علاقته بالقيم الخاصة، والآخر في نسق كلي مركب يدرك العلاقة المتبادلة بين تاريخ النشأة وتاريخ الأمة.
ولعل أبرز الكتب التي جسد فيها سيد عويس هذا المنهج كتابه (من ملامح المجتمع المصري المعاصر: ظاهرة إرسال الرسائل الى ضريح الإمام الشافعي,) وكتابه (الخلود في التراث الثقافي المصري) وكتابه (الابداع الثقافي على الطريقة المصرية) وكتابه (أهم السمات الثقافية الموضوعية للشخصية المصرية,) وكتاب (الازدواجية في التراث الديني المصري: دراسة ثقافية اجتماعية تاريخية) وكتاب (هتاف الصامتين: ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات في المجتمع المصري المعاصر,) وغيرها من الكتب والدراسات والابحاث.
في سيرة حياته يشرح سيد عويس كيف تطورت فكرته عن الثقافة المصرية، إذ يقول: عندما بدأت ابلور الاطار الذهني لكتابي (حديث عن الثقافة المصرية,, الخ) شغلتني فكرة المجهول والخوف من المجهول في ثقافة المصري عبر تاريخه.
فمواجهة المجهول كأحد انماط التفكير في محيط المصريين المعاصرين، شغل تفكيري لفترة طويلة فعاش معي الموضوع في يقظتي ومنامي وعندما كنت آكل أو كنت اشرب، وعندما كنت اسير في شوارع المدينة او في كفور القرية، وعندما كنت أقرأ صحيفة سيارة أو أقرأ كتابا، وعندما كنت أتكلم أو كنت أصمت، اي ان موضوع مواجهة المجهول كأحد أنماط التفكير في محيط المصريين المعاصرين كان من خلال الفترة التي كنت أعد من خلالها الاطار الذهني لكتاب حديث عن الثقافة,,,,,, الخ,, (الثمار ص 170).
لم يتوقف سيد عويس عند حدود التفكير في الاطار الذهني للكتاب عند بعض الحقائق الثقافية التي دونها بل لاحظ ان التعامل مع قضية مواجهة المجهول تمس كافة مناحي حياة الفرد، وهي انعكاس للمناخ الثقافي الاجتماعي لهذا المجتمع وتعكس الكثير من العناصر الثقافية غير المادية التي تملأ هذا المناخ وتعيش في كيان أعضاء هذا المجتمع وفي نفوسهم، (الثمار ص 174).
ومن هنا بدأ يدرس ما يكتبه أصحاب السيارات والأوتوبيسات واللوريات والعربات، وما يكتبه سائقوها من كلمات وعبارات على هياكلها أو يعلقونها بالاضافة إلى هذه الكلمات والعبارات أو بدونها من اشياء معينة درءا للحسد او طلبا للرزق او رجاء الوقاية من المجهول،, ولاحظ ان هذه العبارات تحمل العناصر الثقافية غير المادية وتعلن عنها حيثما تسير وكأنها جهاز اعلامي شعبي، (الثمار ص 174), وقد دون نتائج هذه الدراسة في كتابه هتاف الصامتين، حيث جسد القيم الثقافية السلبية من خلال تحليل مضمون للعبارات ودلالاتها، وفي اطار تحليله لتلك القيم الثقافية مهد الطريق لدراسة اخرى أكثر عمقا كما يبدو حيث قادته ابحاثه الى استقراء الأزدواجية الثقافية.
إن مقالا واحدا لايكفي للحديث عن تطور أفكار سيد عويس، وكيف عالج مشكلات مهمة ردها الى جذورها التاريخية وحللها كسمات أو أنماط في الشخصية المصرية المعاصرة، وموضوعات مثل الخلود ومواجهة المجهول والازدواجية الثقافية وغيرها في دراساته وابحاثه تبدو وكأنه انشغال بمشكل ميتافيزيقي، أو محاولات فلسفية، وما يميز سيد عويس عن غيره في ثقافتنا العربية المعاصرة أنه لم ينشغل بالتجريد الذهني، بل كان مسكونا بهواجس الباحث الاجتماعي الذي يتخذ من وقائع الحياة المعاصرة بكافة تفاصيلها مادة خاما في محاولة للتفسير والتأثير والاصلاح الاجتماعي، ويوضح سيد عويس منهجه حول بحث ظواهر ذات طبيعة ثقافية وتاريخية معقدة، إذ يقول انه في كتابه محاولة في تفسير الشعور بالعداوة ، اتضح له (ان العلم والدين لا يتنافران بل على العكس, وجدت انه في ضوء نتائج الدراسة التي ضمها الكتاب ان العلم قد أثبت ما يدعو اليه الدين وان الدين قد أكد ما وصل إليه العلم الثمار ص 181)، لذا فان العلم الاجتماعي لاينشغل في الحقيقة المطلقة، ولكن يبحث عن قيمة عملية تطبيقية، يقول سيد عويس في الجزء الثاني من سيرة حياته الثمار مايلي: (نحن في ضوء الظروف المختلفة التي يواجهها مجتمعنا المصري المعاصر لسنا بحاجة الى الحقيقة المطلقة، إن هذا المجتمع في ضوء ظروفه الثقافية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا يحتاجها, بل بحاجة الى القضاء على الأمية والبلهارسيا وجرائم الرشوة والتهريب وتعاطي المخدرات، وغيرها وغيرها فضلا عن المشاكل الاجتماعية العديدة الأخرى، إن الحقيقة المطلقة لا تواجه هذه المشاكل الاجتماعية الخطيرة ولا تواجه غيرها مثل مشاكل الاسكان والمرور والنقل والمرافق والهجرة الداخلية والصراع الثقافي بين الأجيال) الثمار ص 188.
ان المرحوم سيد عويس الذي قال عنه الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين استاذ العلماء والذي حصل على أول جائزة للابداع في علم الاجتماع في جمهورية مصر العربية في منتصف الستينات، والذي انشغل طول عمره لكي يفهم الازدواجية الثقافية وانعكاسها في اطار الدلالة الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية، والذي يرى ان قيمة العلم تكمن في نتائجه التطبيقية، اقول سيد عويس بعد ذلك كله لم ينتبه الى الازدواجية في سيرته الشخصية، ولم يوظف معرفته الاجتماعية في اقامة صلات مع اقران او زملاء عمل، وليته رحمه الله اكتفى بكتابة سيرة افكاره الاجتماعية ولم يتحدث عن الجوانب الشخصية.

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved