| الثقافية
بعد توقف دام قرابة ثلاثة اشهر لظروف الصيف وما معها من ظروف اخرى لا يعلم بها الا الله تعود زاوية صدى الابداع الى قرائها الكرام لتواصل معهم مناقشة بعض القضايا الادبية التي يرى كاتبها انها مهمة، وقد لا يرى الآخرون انها كذلك وهذه ميزة الأدب المختلف عليه دائما, لكن هذا الاختلاف ليس قطعيا حتى وان نشأت الخصومات الأدبية فانها تبقى خصومات ذات ظل خفيف لا تفسد للود قضية الهدف منها الوصول الى قناعة ذاتية تغلب عليها وجهة النظر الشخصية قبل الحقيقة العلمية المتفق عليها سلفا، حسبما تقتضيه النتائج الحتمية التي يحددها غالبا المختبر والتجريب ولا ننفي صفة التجريب الأدبي في مجال الابداع والنقد، لكنه تجريب ذاتي لا يعمم ولا يفرض على كل شرائح المتلقين بل يجب ان يؤخذ في عين الاعتبار عدة عوامل وبنود، منها السن، فلكل جيل نظرته الفنية والاسلوبية ولكل جيل طباع ومقتضيات سنية واجتماعية فجديد الأمس قديم اليوم، وجديد اليوم قديم غد، لكن هذا الجديد والقديم في عالم الأدب يختلف اختلافا بينا عن أي جديد وقديم فجديد الازياء والسيارات والألعاب يأخذ شكلا مختلفا عن جديد الفكر المبني على الأسس والأصول الثابتة والمتحولة اما الثابتة فليس فيها نقاش أما المتحولة فلنا ان نسأل من اين تحولت؟ قد تصعب الاجابة على البعض وقد تكون سهلة على آخرين، وهذا طبع الحياة قد نجد شيئا صعبا علينا للغاية، لكنه سهل على شخص نرى انه أقل منا كفاءة، لكنه يقوم بفعله في منتهى البساطة، سبحان الله كل ميسر لما خلق له هذه امور مسلم بها منذ القدم، لكن مشكلتنا ما يحدث في عالمنا الادبي اليوم من انقسام انشطاري توسعت فيه الهوة بين قديم وجديد، فمن القوم من وقف عند خط معين لم يتجاوزه، يرى ان هذا هو الصحيح وما سواه باطل والعمل به لا يتجاوز حدود العبث والترف الفكري, ولم تهدأ اللعبة بين الطرفين، حيث انكر الطرف الثاني القديم جملة وتفصيلا، وصار يردد الأقوال التي تحاول هدم القديم ولا تريد بناء جديد على انقاضه البالية، فسمعنا تفجير اللغة والهزؤ بالقديم الجامد المتحجر، ورفض هؤلاء آراء الرواد الفضلاء، ووضعوا مكانهم ثلة من اصحاب الجديد، وقاموا بالدعاية لهم والسفارة عنهم الى الدرجة التي تبعث على العجب والكره في آن واحد، صار البعض يتحدث عن هذا وذاك اكثر من ان يتحدث الشخص عن نفسه لو كان حاضرا، حتى اصيب البعض بحساسية من ذكر اسم ذلك العالم في اللغة وقد تركها الى السياسة ولم يسلم من تبعاتها, وذلك الناقد الذي صارت نظريته قديمة وصاحبه لا يدري؟ اما الذين توقفوا فقد اساؤوا الى التراث بالمبالغة فيه، ورددوا الأقوال التي مضى زمانها ولم يحدثوا لباسها الذي صار اسمالا، مع انها صالحة لكل زمان ومكان، ومنحوا الفرصة لاعدائها ليشمتوا بها ويتهموها بالجمود والتقصير, فأين الوسطية؟ ألسنا أمة وسطا؟ بهذه الطريقة سنكون امتين لقد صرنا امة انحياز للآراء والافكار القديمة والوافدة من خارج المحيط العربي ولغتنا لا تعجز عن اي شيء، ولو لم يكن فيها الا الاشتقاق الذي يتعدد بتعدد المعاني لكفاها ان الخيط يكاد ينقطع بين القديم والجديد والصلة تنبت بين الابن وابيه، وستضيع الاسرة الأدبية اللغوية بهذه الطريقة الفجة وهذا مؤشر خطير على الافلاس الفكري وان لم يوصل الجديد بالقديم فسيضيع كل من الجديد والقديم وعلينا البحث من الآن عن ثقافة تقبل بنا واشك ان لغة غير لغتنا وفكرا غير فكرنا سيقبل بنا فأين انتم؟
والى لقاء جديد في الاسبوع المقبل ان شاء الله.
|
|
|
|
|