أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 20th September,2000العدد:10219الطبعةالاولـيالاربعاء 22 ,جمادى الثانية 1421

عزيزتـي الجزيرة

تجسد مشكلة في حد ذاتها
الأمية دلالة على واقع معتل ومتأخر
يشترك الانسان مع الحيوان في حالتي الضعف والجوع منذ الولادة ويستعين المولود من النوعين على احد والديه او كلاهما للحصول على الطعام والحماية وتستمر هذه العناية بصفة عامة الى ان يصل المولود الى مرحلة من القوة يستطيع فيها حماية واطعام نفسه.
الا ان الانسان يتميز ايجابيا بوجود العقل والذي يبقى في حالة عدم ادراك او تمييز بصفة ابتدائية ومؤقتة ينمو بعدها وبشكل تدريجي حتى يصل الى مرحلة القدرة والتمييز والادراك والتفكير واكتساب المعرفة مع وجود حالات مرضية يستمر معها العقل على حالته التي خُلق عليها اي حالة عدم الادراك او اللاوعي او ما يطلق عليه التخلف العقلي .
وفي حالات اخرى وهي كثيرة في وطننا العربي ينمو العقل والجسم بشكل طبيعي يكتسب الانسان من خلاله مهارات وحرفاً معينة الا انه يبقى محدود التفكير ضيق الافق يفتقر الى المعرفة بمفهومها الواسع والناتج عن التعلم وليست المعرفة الناتجة عن الممارسة وتسمى تلك بحالة الجهل وهي الحالة الثالثة التي يولد بها الانسان فاما ان تتغلب عليه فيكون شخصا اميا محدود القدرات واما ان يتغلب عليها بالتعلم سواء في الصغر او بمحو الامية عند الكبر من خلال برامج محو الامية وتعليم الكبار والمتاحة حاليا لكل شخص في كل مدينة وقرية في اغلب الاقطار العربية ان لم يكن كلها.
وبمناسبة الاسبوع الدولي لتعليم الكبار والذي يوافق في بدايته اليوم العالمي لمحو الامية في الفترة من 10/6 وحتى 16/6/1421ه تشارك المملكة العربية السعودية بقية العالم في بذل الجهود والامكانيات ووضع الخطط واعداد الدراسات واستخدام الوسائل العلمية التي تهدف الى القضاء على الامية عند الافراد لكي يكونوا مجتمعا صحياً متعلما يسير في ركب الحضارة ويقوم بدور فاعل على الخارطة الدولية.
والامية عند العرب تأتي بمعنى الغفلة والجهالة، والامي بمفهومه التقليدي المحدد في برامج تعليم اغلب البلدان العربية هو الشخص الذي لا يملك مهارات الكتابة والقراءة، واذا اردنا التسليم بهذا المفهوم والتقيد به ستتحدد الجهود وتقتصر على ازالة هذه الامية الصغرى من المستهدف بمجرد تعليمه الكتابة والقراءة وبمراحلها الاولية اي بمعنى آخر ان هذا المفهوم لمحو الامية سيوصلنا الى منتصف الطريق فقط مع احتمال للارتداد والعودة الى الوراء وفي هذا هدر للمبذول المادي والمعنوي.
وللقضاء على الامية وتحقيق الهدف الاساسي في مجال محو الامية وهو تخليص المجتمعات من الجهل لابد لنا من التركيز على عدة نقاط:
1 وجود قرارات عليا تؤكد على الزامية التعليم الابتدائي وتربط هذه الالزامية بكل نواحي الحياة.
2 ربط محو الامية والتعليم عموما بالحوافز المادية والمعنوية بل بالقبول الوظيفي والمهني.
3 تطوير مناهج محو الامية وربطها بالوسائل العلمية الحديثة والاستفادة من خبرات من سبقونا في هذا المجال.
4 التوسع في برامج محو الامية حتى يشمل كافة التجمعات الوظيفية والمهنية وعدم اقتصارها على مدارس ومراكز محو الامية.
5 الحرص على عدم ارتداد من مُحيت اميته الى الامية مرة اخرى وذلك باستخدام برامج التعليم المستمر سواء في مراكز محو الامية او على رأس العمل.
6 الحرص على توفير الاحصاءات الحقيقية قدر المستطاع لاعداد الاميين حتى يسهل عملية وضع الخطط المستقبلية على اساس واقعي واتاحتها لمن اراد من الباحثين والمهتمين.
7 يجب ان تتوافق برامج تعليم الكبار ومحو الامية مع حاجات المستهدفين ومجتمعاتهم وان تلبي متطلباتهم اليومية والا تتعارض مع حاجاتهم المعيشية اضافة الى توافقها مع شخصية المستهدف وطبيعته الاجتماعية.
8 عدم اقتصار برامج محو الامية وتعليم الكبار على فئة الرجال بل لابد من ان تشمل النساء بكل فئاتهن العمرية، وذلك لاهمية الدور التربوي الاساسي والخطير للمرأة في المنزل حيث تحدد البصمة الاولى لشخصية الانسان.
والامية اضافة الى انها تجسد مشكلة في حد ذاتها فهي ايضا تعكس واقعا معتلا ومتأخرا في شتى مناحي الحياة والانشطة الانسانية في العلوم والثقافة، كما تعكس شللا فكريا وانعداما في الرؤية المستقبلية سواء للفرد او المجتمع او الدولة وهو الوجه الآخر للامية والذي يعبر عن اشكالية اخرى ومنحى آخر للامية يظهر عند وجود اختلال في التعامل والتأقلم الثقافي بين افراد المجتمع الواحد او بين مجتمع ما والمجتمعات الاخرى سببه عدم فهم ثقافة الآخر او رفضها بالكلية وهو ما يطلق عليه بالامية الكبرى ، وقد قامت اليونسكو والتي تعتبر المملكة العربية السعودية احدى الدول الاعضاء العشرين المؤسسين لها بعقد عدة مؤتمرات دولية لمناقشة وتقريب وبلورة المعالم الرئيسة لتعليم الكبار جرى من خلالها تبادل وتمازج للثقافات وتقارب بين المفاهيم الدولية نتج عنه تطور في الوسائل والغايات من تعليم الكبار ابتداء من مؤتمر البسفور 1949م حتى مؤتمر نيروبي عام 1976م.
وكان من ابرز تلك التطورات انتشار فكرة تعليم الجماهير في الاربعينات وصولا الى مفهوم التعليم مدى الحياة والذي اصبح ملازما لعملية البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل الدول المهتمة بهذا النوع من التعليم.
واذا اردنا ان نخرج من محيطنا النامي لكي نعبر الى المحيط المتحظر كأمة متعلمة بل ورائدة ثقافيا وعلميا ينبغي الا نسير في طريق محو الامية لغاية اخيرة هي تعلم الكتابة والقراءة بل يجب ان نجعلها وسيلة لغاية اعظم واشمل من ذلك وهي ايجاد مجتمع مثقف ومتحضر يجمع بين الاصالة والمعاصرة بغرض المشاركة الفاعلة مع دول العالم المتقدم.
ابراهيم الهطلاني -ادارة التعليم بجدة/ التعليم الموازي

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved