| عزيزتـي الجزيرة
لقد رزئ العالم العربي بصفة عامة والمملكة بصفة خاصة بنبأ وفاة شيخنا الجليل، علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر رحمه الله الذي ووري جثمانه الطاهر الثرى في جو ملؤه الكآبة والحزن، والصبر على ما قدره المولى عز وجل في هذا المصاب الجلل، ألا وهوالرحيل عن هذه الحياة الفانية إلى الآخرة الباقية إن شاء الله.
فقد كان هذا الشيخ مثالا وأي مثال؟! لقد كان أحد أركان الثقافة المضيئة في هذا البلد المعطاء حيث نشأ وترعرع منذ نعومة اظفاره على الثقافة واستقاها وأشربها جيلا طموحاً متوهجا لطلب العلم، وكانت حياته مليئة بطلب العلم وذلك بانكبابه على التأليف، في شتى ميادينه في التاريخ والأدب والثقافة والأنساب حتى أخرج حصيلة وافرة من المؤلفات قل من يبلغ شأوه في ذلك الزمان.
وقد كنت على اتصال بهذا الشيخ الجليل بين الفينة والفينة، وذلك في اليوم الذي خصصه لتلامذته وأبنائه وزملائه كل خميس وكم كنت أتذكر ذلك المكتب الذي يستقبل فيه ضيوفه في جناح من منزله الذي يسكنه، فهو إنسان يألف الضيوف ولا يمل من أسئلتهم جالسا على كرسي متواضع، وعنده عدد من النساخ الذين يأتون إليه بالمقالات التي كتبها فيراجعها ثم يعيدها إليهم.
وكم كنت أتذكر كلماته وحنوه علينا إن أقبلنا وتوديعنا إن استأذنا في الذهاب، وكم كنت أتذكر الأبجورة التي وضعت على مكتبه ليمسك بمفتاحها تارة يزيد من الإضاءة، وأخرى يجعلها خافتة، وكم كنت استصغر نفسي وأنا شاب في مقتبل حياتي عندما أرى هذا الشيخ الذي تجاوز الثمانين من عمره وكله حيوية ونشاط ومواصلة للتأليف، فهو إنسان وهبه الله العلم والصبر والجلد في سبيل نشر العلم والثقافة وفي تدوين تاريخ هذا البلد الطيب.
ألا رحمك الله يا علامة الجزيرة العربية ويا حاملا لمشعل العلم والمعرفة في هذا البلد، فقد كنت ياشيخي صفحة ناصعة مضيئة في تاريخ هذا الوطن،وانطوت هذه الصحيفة برحيلك.
ناصر بن عبدالله الخرعان -الأمانة العامة لمجلس الوزراء
|
|
|
|
|