| عزيزتـي الجزيرة
إن من يحمل هم هذا الدين وهذه الدعوة الإسلامية يتفانى في خدمتها ونشرها ويشعر بأن عليه واجباً خلال رحلة الحياة القصيرة ليمد بها في عمله الموصل إلى رضوان الله جل وعز فالله تعالى يقول:ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين واصحاب الهمم العالية لهم أعمال يُعلن عنها وأعمال تُعلن عن نفسها وعن هويتها ومضمونها, وتُعرَفُ سلفاً النتائج منها والثمرة التي ستتحقق من انشائها,ومن الاعمال التي تعلن عن نفسها مايعود نفعه على المسلمين اينما كانوا متمثلا في عقيدة صحيحة ولغة فصيحة وعبادة خالصة على وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على منهج السلف الصالح.
ولقد مَنَّ الله على هذه البلاد حكومة وشعبا بالالتزام بهدي الكتاب والسنة والسير في تطبيقهما على نهج السلف الصالح.
وقيض الله لنشر هذا المنهج قادة صالحين وعلماء مخلصين ينطقون بالحق ويدعون اليه ويعملون به، ويجعلونه هو المهيمن في قيادة الحياة,وقد جعل الله هذه البلاد موطنا للرسالة ومنطلقاً للهداية، ومصدراً للتلقي، واخذ العلم, فقامت بواجبها نحو هذه الرسالة العظمى في تعليمها والدعوة إليها ونشرها في بلاد الاسلام.
ولاريب ان نشر علم الكتاب والسنة يُعد من الاعمال الباقية الخالدة في سجل الحياة لان ذلك يؤثر في الانسان فكراً وسلوكاً فيسعد به مجتمعه الذي يعيش فيه وتسعد به أمته وتسعد به الانسانية جمعاء.
وخير مثال على ذلك أن القادة الذين حباهم الله بواسع الافق، ومعرفة الدور الذي يؤدونه يقومون بواجبهم نحو دينهم وأمتهم وكذلك يفعل اصحاب النظر الثاقب والفكر المستنير والرغبة فيما عند الله والشوق الى نصرة هذا الدين.
يعملون بمقتضى ما يقع في صدورهم وما تمتلىء به جوانحهم من حب للدين ورغبة في نصره.
ولقد امتلأت النفوس غبطة وسروراً بالافتتاح الكبير لمسجد ومركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي بسراييفو ومشروع مساكن برتشكو ومشروعات إنمائية وصحية وتعليمية، الذي رعاه صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض ,ومن نظر الى المسلمين في تلك البلاد وهم ينتظمون صفوفا بين يدي ربهم وخالقهم يشكرونه ان هيأ لهم هذه اليد الحانية التي سارعت فحققت احلامهم وامانيهم، مَن ينظر إليهم ليعلم يقينا انه قد تجلى بوضوح لكل ذي عينين مسارعة قادة بلادنا الى فعل الخيرات والانفاق الكبير لإظهار الدين وإحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين المسلمين ومسارعتهم كذلك الى الاهتمام بشئون المسلمين والوقوف معهم ونصرة قضاياهم في حال العسر واليسر في مثل هذا المشروع العملاق وغيره من مشاريع الخير.
وبهذا العمل الجليل ارتفعت مئذنة من مآذن الحق تعلن من جديد في اوروبا ان دولة الاسلام ودعوة الاسلام باقية خالدة وكأنها قامت من جديد لتعلن خمس مرات في اليوم (اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله).
ومن منافع هذا المركز وكلُّه منافع نشر اللغة العربية وتوفير الكتاب العربي فالاهتمام باللغة العربية في العصر الحاضر وتجهيز معامل لها مما تحتاجه الامة اليوم لإحياء لغة دينها وعقيدتها في عصر تأصيل الهوية، ودمج اللهجات والتقارب بين ابناء الامة الاسلامية لإعادة النطق سليماً فصيحا موافقا لماحفظه الله تعالى في كتابه الكريم وسنة رسوله الامين.
وما اقيم في مركز خادم الحرمين الشريفين بسراييفو من مثل تلك المعامل الحديثة التي تُعلِّم وتحفظ لغة القرآن وعقيدة الاسلام وتاريخ الإسلام، جدير بنا أن نزجي الشكر لمن تسبب في وجوده ونعرف الفضل لذويه ونخصهم بحب ودعوة خالصة ان يتقبل هذا العمل وان يكثر منه في كل مكان بين ابناء امة الاسلام,ان قيام سمو الامير سلمان وفقه الله بمتابعة هذا المشروع العملاق ليدل على نفس سمحة مملوءة بالرحمة وحب العطاء النافع للمسلمين وهو جزء من أعماله الخيرية التي يقدمها لابناء أمة الإسلام وبخاصة في البوسنة والهرسك,, فقد كان من قبل واقفاً معهم في محنتهم وبلائهم في الإغاثة والإعانة وجمع التبرعات وإعادة البناء من جديد لبلادهم,وحَدِّث بكل فخر واعتزاز عن الأهداف والمقاصد التي دعت إلى إنشاء هذا المركز المتقدم في أوربا لدعم الإسلام ونشره والدعوة إليه وتقديم صورة حسنة عنه وعن أهله, بعد أن حاول بعض الحاقدين تشويه صورة الرحمة والدعوة الحسنة, ومن هذه الاهداف:
تقديم رسالة صحيحة عن الاسلام عقيدة وعبادة وسلوكا، ونشر اللغة العربية، وتوفير الكتاب العربي، وبناء وحدة معلومات متكاملة باللغتين العربية والبوسنية، والتعريف بالمنجزات الحضارية للبلدين السعودي والبوسني، وإقامة الدورات العلمية وإتاحة الفرصة للباحثين في مجالات التعليم في مراحله المختلفة وتجهيز وسائل الخدمات المعيشية والاسكانية، ونشر العلم الشرعي في وسط المجتمع البوسني وربطهم بالعقيدة الاسلامية الصحيحة على وفق منهج السلف الصالح، وتحفيظ وتعليم القرآن الكريم وعلومه وتنظيم الملتقيات العلمية والدعوية في البوسنة والهرسك وتنظيم دورات شرعية للدعاة وطلبة العلم في المجتمع الى غير ذلك من الاهداف السامية والمقاصد العالية ,إنها اهداف تذكر فتشكر ويشكر من سعى لتحقيقها وإنشائها لما فيها من اجر يساق الى هذه البلاد التي تعمل قياداتها الراشدة على اظهار الامانة العظمى التي تحملها نحو دينهم وأمتهم فكانت بلادنا بحمد الله من اول الدول التي تشارك المسلمين في آلامهم وآمالهم ومحنتهم وتطلعاتهم المستقبلية، فنحن اولى من غيرنا في انشاء هذه المشروعات الخيرية الانمائية لنضع بصمات لنا في كل مكان نطلب بها الرحمة من الله ونقوم بأداء الرسالة نحو اخواننا المسلمين ونلغي فيها التبعة الملقاة على عواتقنا بمشاركتنا لنفع المسلمين فيما ألمَّ بهم، وهذا أمر دعانا اليه ديننا وحثت عليه عقيدتنا والله تعالى أمر بالقيام بالنصرة فقال: وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر , وبخاصة في اوقات الشدة والحوادث والنكبات فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.
والنفوس إذا كانت كبيرة فإنها تصنع الافعال الكبيرة وتؤثر مالديها لغيرها كما قال تعلى في وصف الصحابة:
ويؤثرون على انفسهم ولوكان بهم خصاصة وقال جل ذكره : ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا ,ومنذ أن مَنَّ الله جل وعز على هذه البلاد بالملك عبدالعزيز رحمه الله فوحد قلوبها وحدودها وجعل منها دولة واحدة متفقة قائمة على هدى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملة بما جاء به الانبياء من نوح عليه السلام الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالتوحيد الصحيح والعبادة الخالصة والفهم الصحيح لمقتضيات لا اله الا الله محققة لشروطها,
من ذلك الوقت وإلى الآن فإن الله يرفع الذكر في الدنيا ويوفق اليه بل ويلهم قادتنا طرق الخير التي منها إنشاء مثل هذه المراكز والمساجد في شتى البقاع فهي ذكر في الدنيا وأجر في الآخرة.
د,عبدالله بن عبدالرحمن الشثري
|
|
|
|
|