| منوعـات
لا تحاول أن تعرف ما هو العرقوس ولست ملزما أن تعرف هذا العرقوس, فالقضية ليست في العرقوس رغم أن كل شيء في حياتك سيتحول في يوم من
الأيام الى عرقوس.
الصحافة قائمة على الأخبار، على المقالات، على الرأي، على الإعلانات، على التسلية، على التضليل، على كل شيء ولكن هناك شيء في صحفنا ليس له تحديد ولا يتصل بالصحافة ويمكن ان أسميه عرقوس فمثلا: صرح وزير العدل قبل فترة: (أن المحاكم المرورية سترى النور قريبا), الكلام واضح وعربي فصيح أو هكذا يبدو, وبتأمل بسيط ستكتشف أنه يخلو من المعنى, ما الذي يقصده ب(قريبا) وقياسا على أي الأزمنة نفهم هذه ال(القريبا), ف(قريبا) يمكن أن تكون سنة ويمكن أن تكون عشرات السنين ويمكن ان تكون قرناً من الزمان.
لنقرأ الخبر التالي: (أكد أعضاء اللجنة على ضرورة تضافر الجهود بين وزارة الصحة والغرفة التجارية ممثلة في أعضاء اللجنة الفرعية للمستوصفات والعيادات الخاصة للارتقاء بالخدمات العلاجية والحد من السلبيات).
أراهن أي واحد في العالم يستطيع أن يعطي أي دلالة أو معنى لهذا الكلام, المشكلة بدأت مع (أكد) ترى ما المقصود بقولهم (أكدت اللجنة)؟ ما هي مصلحة المواطن من تأكيد اللجنة؟ يعني ماذا يقصد كاتب هذا الخبر؟ ولماذا أكدت اللجنة؟ وما هي الصلاحيات المنطوية تحت كلمة (أكدت)؟ فلو قال (أمرت اللجنة) سنفهم ان اللجنة تتمتع بصلاحيات إصدار الأمر أو لو أنه قال (نصحت اللجنة) في هذه الحالة سنعامل اللجنة على أساس أنها هيئة نصائحجية وسنشكرها على حسن النية, لكن الذي يؤكد على الشيء ما هو دوره وما قيمة كلامه؟
فيه كلام يقال باللغة العربية ولكن اتحدى اي عربي أن يفهمه, لأن الفهم كما لا يخفى عليكم يقوم دائما على المقاييس المشتركة, فعندما أقول (كبير أو قريب أو طويل) فمثل هذه الكلمات لا معنى لها على الإطلاق بدون قياس, النحلة كبيرة بالنسبة للنملة ولكنها صغيرة بالنسبة للحمامة، والحمامة كبيرة بالنسبة للعصفور ولكنها صغيرة بالنسبة للنسر.
كلما قرأت مثل هذه التصريحات أو الأخبار من اخواننا المسؤولين اتذكر على الفور اخواننا الحداثيين الذين أخذوا يغرفون من الكتب المترجمة ويلصقونها في كتاباتهم,
أتذكر ان أحدهم شبه حبيبته بالعرقوس, وحتى يومنا هذا وأنا مبتلش لأنني لم أعرف هل كان الكاتب يعير حبيبته أم يمدحها؟ لأنني لا أعرف ما هي خصائص العرقوس بل لا أعرف ما هو العرقوس حتى أقيس عليه فهمي!
فكلمة (قريبا) وكلمة (أكد) وكلمات لا حصر لها من هذا الصنف نسمعها يوميا من المسؤولين وإذا استمر الوضع على هذا الحال فستتحول حياتنا الى عرقوس عندها سنردد مع شاعرنا الحداثي (حبيبتي كالعرقوس).
لمراسلة الكاتب:yara4me@ yahoo.com
|
|
|
|
|