| محليــات
يواجه الإسلام حملة تشويه مصادرها متعددة، وأغراض مروجي هذه الحملة مختلفة، وبقدر تباعد الأهداف والنوايا، إلا أن النتيجة واحدة.
ويهمنا فئة من المسلمين ، تدعي أنها تمارس الدعوة إلى الإسلام، أو تدافع عن حقوق المسلمين، وهذه الفئة رغم أنها فئة محدودة العدد، إلا أن صوتها مسموع من عالم أصبح قرية إعلامية واحدة، وقراءة الخطاب السياسي لهذه الفئة تكشف عن جهل بحقيقة الدين الإسلامي من جهة، وحقيقة العصر وظروف العالم العربي والإسلامي وموقعهم فيه من جهة أخرى، وممارسات أفراد أو مجموعات من هذه الفئة ممارسات لا يقرها الدين الإسلامي ولا تخدم قضايا المسلمين.
الإسلام دين يعتمد الدعوة كمنهج لتبليغه للبشرية كافة، ويرتكز على قواعد للفكر والسلوك تحكم آفاق هذا المنهج وتحدد مساره وكيفية تبليغ الدعوة, فهو يعطي الحكمة الأولوية المطلقة، والحكمة تفترض إدراك واقع المسلمين وإمكاناتهم عبر الزمان والمكان، وتحدد الأسلوب الأمثل للإقناع، والحكمة ترتكز على العقل وليس العاطفة، وعلى التسامح وليس التوتر، وعلى الحوار وليس الإكراه أو القسر، وعلى المنطق وليس القتل، كما يحدد الإسلام نهج تصحيح الخطأ في الاعتقاد أو السلوك فيربطه بمفهوم الموعظة الحسنة فحتى النصيحة مشروطة بشروط أهمها مراعاة المشاعر الإنسانية والتعامل مع فطرة الإنسان الخيرة، والموعظة ليست تجريحاً ولا تهويلاً ولا إساءة، وعندما يخوض الداعية في جدل، فإنه يجادل بالتي هي أحسن، وهذا المنهج القرآني الإلهي رسم روح الإسلام وجوهره، ومن هنا فإن هؤلاء الذين يثيرون الكراهية والحقد وينفرون ويفرقون الأمة ويثيرون الفتن تحت دعوى الدعوة إلى الإسلام لا يعبرون إلا عن جهل عميق بحقائق هذا الدين وعظمة رسالته.
والمؤلم أن إساءتهم للإسلام والمسلمين تفوق بمراحل ما يمكن ان يقدمه أعداء الإسلام من حملات تشويه أو تزوير للأمة ودينها وتاريخها, كما أن الذين يمارسون القتل أو التعذيب لأبرياء باسم الإسلام يرتكبون جرائم إنسانية بمقاييس الإسلام، فاختطاف ركاب من طائرة أو سياح أو ما في حكم ذلك من أعمال الإرهاب لا علاقة له بالإسلام، فالإسلام يحرم تعذيب الحيوان فضلا عن الإنسان، وما يفعله هؤلاء بادعاء أنهم يدافعون عن حقوق المسلمين إنما يمارسون مغالطة سياسية ولا أقول دينية، فنحن بالإسلام تركنا على المحجة البيضاء، وهؤلاء يمارسون السياسة في أبشع صورها، وعلى الطريقة الميكيافيلية (الغاية تبرر الوسيلة)، والإسلام وسائله وغاياته لا يجوز الفصل بينهما، لأن الإسلام دين أخلاقي، وإذا كنا في عصر يعتمد الحوار بين الحضارات، وتبحث فيه كل حضارة عن موقع للتأثير الثقافي، ويتجه البشر إلى تنمية التفاعل وتبادل الصلات والمنافع، فإن واجبنا كمسلمين أن نقدم الصورة الحقيقية للإسلام من خلال ما نقول أو نفعل، ونعمل على إزالة الآثار السيئة التي يتركها فئة من الجهال رزئت بهم الأمة.
|
|
|
|
|