أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 20th September,2000العدد:10219الطبعةالاولـيالاربعاء 22 ,جمادى الثانية 1421

الثقافية

الجاسر ,, رجال,, في رجل ,,!
محمد بن أحمد الشدي
تعرفت على الشيخ حمد الجاسر يرحمه الله في مجلس معالي الشيخ عبدالله بن عدوان وكان في مجلس بن عدوان كل من الشيخ فيصل آل مبارك والأستاذ محمد بن صالح بن سلطان والشيخ سعود الدغيثر والأستاذ محمد حسين زيدان والأستاذ عبدالله عريف، ثم قال الشيخ عبدالله للشيخ الجاسر وانا أصافحه هذا من اخوالك نظراً لنسب بعيد، وتتالت اللقاءات مع الشيخ حمد واذكر ان أول مقال نشرته لديه في صحيفة اليمامة الاسبوعية كان تحت عنوان نحن كما يجب ان نكون والتي اخذها مني للنشر الأستاذ الكريم عمران بن محمد العمران يومها كان مديراً لتحرير اليمامة.
واستمرت اتصالاتي به، وفي بيروت مع جمع من الاخوان لقيته كان ماضياً في عمله الذي اقتنع به يبحث وينقب عن التراث والمخطوطات يغلق عليه صومعته بكل قوة ارادة فولاذية لا تقهر، شيء واحد يفضله على حبه للقراءة والكتابة هو اجتماعه بالعلماء في أي مكان وزمان,, وكان يحب الناس والاجتماع بهم وهذا يثري علم العالم بلاشك.
في تلك الرحلة إلى لبنان لقيته ومعه الأخ صالح الحيدر الملحق الثقافي هناك في ذلك الوقت والأستاذ سعد البواردي وثالث أعتقد انه الأخ ثنيان الفهد الثنيان: فقال على الفور أنا ومحمد سوف نذهب إلى المكتبة ونعود ومن يرفض دعوة للمكتبة؟ ومع شيخ الوراقين حمد الجاسر ؟ كان يبحث عن نسخة من كتاب ناصر خسرو الرحالة التركي إلى جزيرة العرب ذكرت له عند أحد مخازن الكتب في زقاق صغير متفرعاً من شارع الحمراء ببيروت ودخلنا عند الرجل وكان أحد أصدقاء الشيخ وهو الشيخ العلايلي اتصل بالوراق وأعلمه بوصول الشيخ إليه أو مندوبه,, فلما رأى الرجل شيخنا الجاسر بهيئته المتواضعة جداً ظن انه مندوب الشيخ الجاسر فأخذ يسأل الشيخ ويسألني بازالة كلفة واضحة انتما من أين فكان الشيخ يغمغم في الاجابة ويركز على بغيته أين الكتاب والرجل يسأل من أين أنتما من المشرق وأدركت ان الرجل يعتقد انني والشيخ من الهند وهذه المقولة ملاحقة لكثير منا لبعض الشبه في السحنة وكلنا أهل الجزيرة كذلك, ,وادرك الشيخ الأمر واخذ يضحك: وقال ان هذه الصفة كثيراً ما سمعتها يا ابني انا حمد الجاسر اذهب إل الكتاب وافتح على الصفحة كذا أريد الخمسة أسطر التي في آخر هذه الصفحة وبهت الرجل واعتذر وقال والله كنت أعتقد انك مرسل من قبل الشيخ: وقال الشيخ انني احتفظ برقم الصفحة في ذهني منذ عشر سنوات لانني أريد أن أنجز شيئاً يتعلق بجزيرة العرب وهذه الصورة فيها عدة أشياء لمستها فيه رحمه الله التواضع وبساطة اللبس والذاكرة الجيدة التي تسعفه دائماً.
والذكريات عن شيخنا الجاسر كثيرة وقد خدمتني الظروف وحضرت لحظة تاريخية وهي صدور جريدتنا المتوثبة الرياض فقد تمت امامي ففي شهر ذي الحجة عام 84 ه على ما اعتقد حضرت إلى مطابع الرياض للسلام على الأخ الأستاذ سعد البواردي نائب الشيخ في تحرير اليمامة فوجدت الشيخ وسعد في غرفة واحدة في الدور العلوي وكان الأخ سعد والشيخ بينهما طريقة في التفاهم لا يستطيع أحد أن يفهم حروفها إذ يبدأ احدهم الكلام عن موضوع فيكمله الآخر بنفس الطريقة ويشعر صاحبه بأنه فهم,, ولكن موضوع التفاهم هذه المرة كان واضحاً انه حول اصدار جريدة,, والتفت إلي الشيخ وقال: انت من البدة أي منا وفينا ستصدر الرياض في واحد محرم 85ه ولكن لا نريد أي أحد أن يعرف حتى نستعد والتفت إلى الأستاذ سعد وقال: انت مستعد، قال: نعم,, وجهزت الذي طلبته منك؟ قال: نعم وطلبت من الاخوان المنقور وعمران والبقية ان يساهموا؟ قال نعم ومد الشيخ يده وقد فسر اكمام ثوبه وهو حاسر الرأس إلى درج بجواره واخرج ذلك الملف العلاق الأخضر وربما أكثر من ملف وكأنه امامي الآن وقال للأخ سعد لقد راجعت هذه المادة الصحفية لك,, قم اترك ما لديك وابدأ في العمل على اصدار هذه الجريدة التي طال انتظار الناس لها.
وهكذا صدرت الرياض بافتتاحية تنازل الشيخ لمعالي الأستاذ ناصر المنقور بكتابتها وليس ذلك بغريب على الشيخ الجاسر فقد أدرك انك كتبت احسن منه قدمك على نفسه وحصل هذا أكثر من مرة أما معالي الأستاذ المنقور فقد كان مخلصاً وصديقاً للشيخ حمد منذ أيام الدراسة في مصر فقد تعاون هو ومعالي الأستاذ ابراهيم العنقري مع الشيخ على اصدار اليمامة في مصر ثم لبنان ثم الرياض,,
وكان رحمه الله يخطط لمؤسسة اليمامة بأن تكون أكبر مؤسسة صحفية في المملكة وكاد أن يصطدم بالواقع المادي الضعيف لولا ان بادر صديقه المرحوم محمد بن مشعل وأمده بمبلغ كبير في ذلك الوقت ثمانية آلاف ريال وانطلقت المؤسسة في اعمالها الناجحة حتى اليوم,.
وكان يخدمها بقوة شخصيته وحسه الاعلامي المتقدم وكما قال صديقنا الدكتور عبدالله الغذامي في ذلك الوقت كيف استطاع ابن الريف والقرية ان يدرك ما يتجه هذا العالم إليه اليوم وكل يوم من اهتمام بالاعلام ان للشيخ الجاسر عدة شخصيات فهو عالم وهو متحدث مؤثر وهو مرح وعنيف في نفس الوقت,,
وهو عنيد لرأيه لا يحيد عنه قيد أنملة ولقد شاهدت أكثر من موقف لكنه متسامح كبير.
وفي مجال المرح له جولات ففي يوم من الأيام كان هناك أحد الأخوة واعتقد انه الاستاذ فهد العريفي يمر بظروف صحية فقررت مع الأخ سعد البواردي زيارته فقال: فطلب الشيخ من الأخ سعد قائلاً: خذوني معكما لهذه الزيارة وذهبنا في سيارة التوزيع أو شيء من ذلك ولم يتأفف كعادته في الاهتمام بالمظاهر,, وبعد ذلك طلبنا سيارة غيرها لا أعلم من أين وجاء السائق يسأل عنا لدى صديق فأول من واجهه شيخنا فقال السائق من أنت من أنت فما كان من الشيخ الجاسر إلا أن قال: أنا محمد القحطاني وأخذ صاحب السيارة يردد القحطاني والشيخ يضحك على هذا المطب الذي وجد نفسه فيه وهذا يدل ان مداعباته كثيرة مع من حوله ولم يكن متجهماً دائماً كما يظن البعض: لكنه متعصب لرأيه ولا يتراجع عنه,, إلا إذا اقنعه أحد بأن الحق ليس معه وهذا يدل على أن الرجل جاء إلى هذا الميدان الثقافي الواسع وقد عركته الايام واحاط بتجارب من سبقوه في هذا الميدان في مصر والحجاز والشام وتأهب بكل سلاح لدوره الرائد الذي اختاره,, ودائماً ما كان يتمثل بهذا الشعر اعتقد انه لصفي الدين الحلي:


لا يمتطي المجد من لم يركب الخطرا
ولا ينال العلا من قدم الحذرا

وهذه صورة من تراجعه إلى الحق,, وقد حدثت هذه الصورة أمامي في مطابع الرياض والشيخ يقعد على مكتب حديدي أقل من متواضع إلى درجة ان المراسلين اذا حضروا إليه على هذا المكتب يسألونه أين الشيخ حمد فيرد هات ما عندك وعلى هذا المكتب كان يصحح ويكتب ويراجع الاخراج ويكتب الاعلانات بصيغة جديدة ومقبولة وفي هذه الزحمة تأتي بروفة مقال إلى الشيخ ويلاحظ ملاحظة املائية من تلك التي هل تأتي على نبره ام على السطر واخذ يعيدها مرة بعد مرة لقناعته إلى المصحح الذي يراجع ولم يهدأ له بال حتى يعرف من الذي لا يوافقه على ذلك وما هي إلا لحظات واذا بالاستاذ البواردي يدخل الغرفة ومعه المعجم ويفتحه امامه لحظتها ابتسم رحمه الله وقال معك حق واعترف بانه كان على خطأ قالها على طريقة الفرسان الكبار.
بقي شيء واحد أريد أن أقوله بانه اذا كانت هناك نية لكتابة سيرته رحمه الله فإني أقترح ان خير من يتولاها ثلاثة أشخاص هم الأخ سعد البواردي والأستاذ عمران محمد العمران والأستاذ عبدالعزيز الرويس.
رحم الله فقيدنا وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
انا لله وإنا إليه راجعون .
والله الهادي والموفق إلى كل خير

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved