أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 20th September,2000العدد:10219الطبعةالاولـيالاربعاء 22 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

مَن يغادرُ الذاكرة,,؟!
ابراهيم عبد الرحمن التركي
1
** أسرج خيولَك
فالمدى
يشتاق صوتَ الصمتِ
صمتَ الصوتِ
إن حلَّ الرّدى,.
** هذا غدي
ينعى لي اليوم الجميل,.
هذا غدي
يغشى مجالَ المستحيل,.
ويهدهد الحُلمَ الطويل
والسائرون
إلى الوراء,.
أمامهم
ليلٌ ثقيل,.
يرتدُّ من زيف الصّدى,.

2


أرى أناساً ومحصولي على غنم
وذكر جودٍ ومحصولي على الكلمِ,.

المتنبي


وإذا قلتُ لها جودي لنا
خرجت بالصمت من لا ونعم

بشار بن برد
******
لا أحلم بالعودة إلى ينابيع الشمس,.
عبدالوهاب البياتي
3
* تُحال إلى لجنة النثر,,
** عبارةٌ شهيرةٌ تنسب إلى العقاد رحمه الله 1889 1964م حينما وجد على مكتبه في لجنة الشعر نصوصاً تنتمي إلى التوجه الجديد وقتها المتمثل بشعر التفعيلة,,!
** ماثله مع الفارق محمد مندور 1907 1965م حين شرح على احدى المسرحيات المعروضة عليه بهدف إجازتها:
* تُحال إلى بوليس الآداب ,.
** مضى زمنهما بما فيه، وأفقنا وليت أنّا,,, كما كلمات إبراهيم ناجي لا رؤيته لنجدَ أننا في زمن السح الدح ، وأن الخلط لم يطل قضايا الإبداع فحسب فغامت الصّوى، وتعددت التوجهات، وجمعنا فما أوعينا خلاصة هي كما عنوان المازني قبض الريح ,,!
4
** الكلمة لا تخلق، ولا تبلى، وقديمها يتجدد، وهي في كل أشكالها عصيّةٌ على الاندثار ,,!
** لم يستطع العقاد ومندور أن يصدّا التيّار ، وأصبح الناقد والرسالة في ذمة التاريخ ، دون أن يحتاج المناظرُ إلى إثباتٍ حول تواتر الأعمال الكتابية في مسيرة تتصل بالأزل وتمتدُّ إلى الأجل ,,!
** وإذن فتجاوز هذه البدهيّة يثير مشكلة أخرى ترى المسار الإبداعي العام في رحلة تراجعٍ مقلق، وربما افترضت ان ما مضى فات ، والغد لن يحفظ أو يحتفل بكثيرٍ مما يُتداول اليوم ، وربما تأثر الأمس بذلك فاندثر حتى لا يجد الجيل القادم معنى لاعجابٍ مستلبٍ لا يزال يحظى به المتنبي وابن خلدون وطه حسين ومَن بينهم كما قبلهم أو بعدهم,,!
5
** افترض الزيات حين أنشأ الرسالة 1352ه/1933م أن هجيراها الوقوف أمام غلبة السياسة بصقل الطبع، وبهرج الأدب بتثقيف الذوق، وحيرة الأمة بتوضيح الطريق,,!
** لم يغلُ في نظرِ اقتناعاته، فقد كان ذلك طموحاً مشروعاً له، كما هي أرضيةٌ مشرعةٌ أمام الصوتِ المبالغ الذي يعتقد أن المشروعَ الثقافي حلمٌ يُحيل الفدم إلى ذكي ، والعاثر إلى قادر، والسواد إلى إشراق ,,!
** لنا أن نحكم ، كما لهم أن يحلموا ، ولأبي تمام أن يرى السيفَ أصدقَ في أنبائه من الكتب ، وأن الرسالة في بيض الصفائح لا سُود الصحائف وللعابئ بالمصير ان يفترض النهاية كما تجيء لا كما يشتهي أو حتى يرتجي ,,!
6
* إن تشأ معرفة مكانة أمةٍ حضارياً فتأمل في صحافتها,, ,.
** هكذا المقياس ذات وعيٍ بأبعاد هذا الوسيط المختلف، وهو إن خبا فلا يزال مجدولاً في قنواتٍ إعلاميّة أخرى تأخذ أشكالاً تقليدية وحديثة، وتتخاطب مع حاسةٍ أو أختها ، وتندمج في دورٍ واحد أو تلعب أدواراً متعددة,,!
** نحن في زمن التحولات المثيرة، حيث لا ثوابت يمكن قولبُتها لتصبح جاهزةً للمحاكاة أو المتابعة ، وفي العينين كما الأذنين كما العقل مساحاتٌ ترتسم في آفاقها حدودٌ تنفتح على حدود، وسدودٌ تفضي إلى سدود، وعلاماتٌ تدلُّ على علامات ,,!
** والناتجُ أن أحكام الآن لحظويّةٌ لا تستطيع التواؤم مع متغيرات البَعد ، وهذه مع ما بعد البعد فانتفى الوقت في مهبِّ التغيير ,,!
7
** في كتابه مثل صيفٍ لن يتكرر,, تحدث محمد براده عن مثلث المكان/ الحدث/ الذاكرة/ ولخص موقفه منها حين قال:
* نلاحق الوقت الذي لا يلاحقنا وإنما يكتفي بالتفرُّج علينا، ونحن ننط، ولا نكاد نستقرُّ على شيء,,!
من ذا الذي قال أن نستعجل الساعة وأن نلاحظ عقاربها,, ذاك هو الموت، نحن جميعاً موتى متعجلون,,,, .
** هنا تلجُ العلاقة بين الشخص والحدث نفقاً زمنياً تتقاطع فيه دوائر الذاكرة بين ماضٍ غاب أو آب، وحاضرٍ موجود أو مفقود، وغدٍ يأتي ولا يأتي,,!
** في الذاكرة كما رأى رشيد درون حين قرأ محكيات براده قفزات أو ما أسماه مستويات فمن الاسترجاع المحنَّطِ النقلي إلى استرجاع ترميزيٍّ ثم ذاكرةٍ احتفائية تربط الشخص بالمكان والمتخيّل ، مما يتماثل مع نظرة ليفي شتراوس حول الارتباط بين ارتحال المكان وارتحال الزمان ,,!
** هل يعني التغييرُ تطويراً في دلالاته ونواتجه,,؟,, وإذ لا حاجة لإعمال الذهن في البحث عن الاجابة القاطعة بأن لا فإن في دنيا الكلمة التي تتمحور حول هذه المقالة أمثلةً تؤكد أن الذاكرة تختزن عطاءات ماضويّة أجلَّ وأجملَ من نماذج آنيّة ، في صراع بين فضلِ القِدَم ، وفضيلة التقدم ,,!
8
** ابتدأت الأربعاويةُ ، بالعقاد ومندور والمازني وناجي والمتنبي وطه حسين في إشارات سريعة فهل غادروا الذاكرة الثقافية، وهل عبروا الحدث الفكري، وهل أُقفل خلفهم المشهدُ الإبداعي,,؟ وهل استطاع من تصدر وسيطر بعدهم أن يحتلَّ مكانتهم ويحوز إمكاناتهم,,؟!
** ,,, وهكذا حين استشهد المقال بالرسالة ومثلها الثقافة ، والفجر الجديد ومئات من صحفٍ سادت وبادت فهل استطاعت التقنيةُ بكل ألوانها ولألائها أن تمسح هذه الإصدارات أو تأخذ موقعها,,؟
** وإذ لن تصعَب الاجابةُ فقد عاد السؤال مطلاًّ بعلاماتٍ دهشةٍ تفترض الإخفاقَ حيث لم تستطع الآفاق مع توالي الإشراق أن تنتقل إلى حيث تستطيع الشمس إضاءة مساءات العتمة والإغلاق ,,!
** هكذا سارت الحكاية في اتجاه الخَلف ، وصعد الإنجاز إلى الأسفل ، ولم نجد من يستطيع إقناع المتابع أن الرموز تتكرر، والإنجاز يتجذر، والجمالَ يتصدر,,!
** طغى الصوت ولكنه لم يلغِ الفعل ، واستنسر البُغاث ولم يطر، وتبادلت السفوح مع القمم ، وأخفقت الآلة الهادرة في ان تئِد الحرف الخافت المنبعث من روح الحق، كما لم يستطع التقادم ان يورِّث الأنصبةَ لغير أصحابها,,!
9
** يأتي مُخرجُ هذه الأربعاوية ليتأمل في حقيقة مُعَايَنةٍ تضيف إلى ما سلف، وتشير إلى ما يُتوقع,,! وتستشهد بأمثلةٍ من هنا ، كما أفصحت عن أمثلةٍ هناك,,!
** لو استطعنا قراءة المعطيات الثقافية في المملكة خلال نصف قرنٍ مضى فسنجد رغم ضآلة المحصول التعليمي، والانغلاق الإعلامي بسبب عدم وجود وسائل أصلاً، ولبعض العوائق الاجتماعية أن أعداد المثقفين والمبدعين كبيرةٌ لدرجة وسمت هذه الفترة بالخصوصبة والتميز,, وخذوا هذين المثالين:
** في المنطقة الغربية مثلاً عاش أو يعيش محمد حسن عواد/ حمزة شحاتة/ عبدالعزيز الرّبيع، عبدالقدوس الأنصاري، عزيز ضياء، ضياء الدين رجب، عبدالله عبدالجبار، إبراهيم فودة، أحمد الغزاوي، عبدالفتاح أبو مدين، حسين سرحان، عبدالله الجفري، آل حافظ,, (إلخ),.
وسواهم كثيرون ممّن قضوا نحبهم غفر الله لهم وممّن ينتظر وقد تجاوزوا عقدهم السابع والثامن ,, ختم الله لهم بالخير والأجر.
** وفي المنطقة الوسطى: حمد الجاسر، ابن خميس، ابن ادريس، الجهيمان، الغاطي، محمد الشبل، إبراهيم الدامغ، صالح العثيمين، عبدالله العثيمين، عبدالله الغذامي، سليمان الشريف، محمد الفهد العيسى، مقبل العيسى، حسن الهويمل، إبراهيم البليهي، أحمد الصالح,, ومئاتٌ غيرهم تخطى من بقي منهم أمدَّ الله في أعمارهم العقد السادس وبلغ آخرون عقدهم العاشر,.
** مجرد أمثلة لا تعني الحصر أو القصر وإنما العدّ لاجراء مقارنة عمليّة بين هذه الأسماء ومجايليها وبين شباب هذا اليوم الذين لا يزالون في عقودهم الأولى,, مما يُشعر بحجم الفارق ومقدار الفقد ,,!
10
** نبحث اليوم عن أسماء تكمل المسيرة فلا نجد، ونفتش عن نتاجٍ يتواصل مع سابقه فلا نلقى.
** ويظلُّ السؤال,, وتظلُّ القضيّةَ,,!
** إلى أين نمضي,,؟ ولماذا النضوب,,؟
** وهل هي حالة عُقمٍ,, أم طبيعةُ عصرٍ,, أم تغيُّر توجّه,, أم انحسار اهتمام,, أم كل هذه أو بعضها، أو أشياء سواها,,؟
* لمن يقرع الجرس,,؟
IBRTURKIA@ hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved