| الطبية
إن قيء الحمل هو من الأعراض الشائعة لدى معظم النساء الحوامل وخاصة في أشهر الحمل الأولى، إلا أن عدد مرات القيء عادة ما تكون قليلة ولا يظهر إلا في الصباح فقط فلا تهتم بها الحامل مطلقا، بل وتعتبرها من الأعراض الطبيعية للحمل.
إنما قد يتكرر القيء وتشتد لدرجة تزعج الحامل وتؤثر في حالتها العامة مما يستوجب معالجة خاصة، وربما ادخالها في المستشفى ريثما تتحسن حالتها العامة تبدأ هذه الأعراض منذ بداية الحمل وتستمر عادة حتى نهاية الشهر الرابع منه غير أنه وفي حالات غير معتادة، قد تستمر هذه الأعراض لفترات أطول من ذلك.
ومن المعتاد ان تشكو أكثر من نصف السيدات من هذه الأعراض منذ بداية حملهن وخاصة الحمل الأول، ويغلب لهذه المشكلة أن تتكرر في الحمول التالية.
أما أسباب اقياء الحمل فغير متفق عليها بعد، ولكن يعتقد بأن سببها ارتفاع نسبة الهرمون التناسلي المشيمي أو هرمون الاستروجين في الدم أثناء الحمل إذ أنه قد لوحظ أن النساء اللواتي يعانين من أعراض الوهم الشديدة لديهن نسبة أعلى من غيرهن من هرمون الاستروجين مقارنة باللواتي لا يعانين من هذه الأعراض, اضافة الى ذلك فإن حدوث تبدلات في فيزيولو جهاز الهضم بسبب الحمل قد يزيد من امكانية الاقياء والوحم.
أما العامل الذي يمكن اضافته الى ذلك فهو العامل النفسي، إذ تكثر مصادفة اقياء الحمل عند الحوامل العصبيات المزاج ولا سيما وأن في اعماق المرأة الحامل مخاوف وشكوكا حول الحمل والولادة وآلامهما، والخوف اللاشعوري من المستقبل.
إلا أنه من الجدير بالذكر أن النساء اللواتي يشكين من هذه الأعراض، يتمتعن بحظ أوفر لحمل سليم من اللواتي لا تحصل لديهن هذه الأعراض.
ينقسم اقياء الحمل أو الوحم الى نوعين أساسيين:
الأول هو اقياء الحمل البسيطة أو اقياء الصباح، وهذا يغلب أن يكون بنشوئه انخفاض مختزن الجسم من مائيات الفم السكريات والنشويات وغالبا ما يتحسن أو يزول بعد تناول بعض المأكولات الخفيفة, وتبقى شهية الحامل للطعام جيدة ولا تتأثر حالتها العامة.
أما النوع الثاني فهو اقياء الحمل المعندة أو الخطيرة وهي اختلاط قليل المصادفة وشديد الخطورة إن لم يعالج بشكل صحيح, يحدث فيه أن يتكرر قيء الحامل خلال النهار فلا تتحمل معدتها الأطعمة مطلقا فيتناقص وزنها مع ظهور وهن شديد وهكذا فإن حالة الحامل تسير نحو التدهور إذا لم تعالج معالجة فعالة وسريعة وتعتمد المعالجة وخاصة في الحالات البسيطة على دعم المريضة نفسيا بشيء رئيسي، ولذلك فإن طمأنة الحامل واظهار الاهتمام بحالتها هي من الأمور الهامة والمساعدة في شفائها, وكثيرا ما نرى نساء حوامل تتحسن لديهن احوال الوحم لمجرد دخولهن الى المستشفى أو تغيير مكان اقامتهن أو سفرهن لمدينة أخرى، ولذلك يجب ألا تهمل العوامل النفسية والاجتماعية كوسيلة هامة من وسائل العلاج.
وقد استعملت أدوية شتى في معالجة اقياء الحمل هرمونات فيتامينات ومضادات هيستامين وغيرها إلا أنها كلها أعطت نتائج متشابهة مما يدل على أن النجاح الذي لاقته هذه الأدوية المختلفة كان في معظمه ناجما عن التأثير النفسي وحده, والنصيحة التي يجب اعطاؤها دائما للنساء الحوامل هي أن يقمن بمراجعة الطبيب فور حدوث اقياء الحمل وعدم أخذ الأدوية مهما كات شائعة التناول بدون استشارة، إذ أن مثل هذه الأدوية قد يكون لها تأثير ضار بالحمل أو مشوه للجنين، خاصة أنها تؤخذ عادة خلال الأشهر الأولى من الحمل وهي الفترة التي يتم فيها تشكل أعضاء الجنين, أما إن كانت الأعراض من نوع اقياء الحمل المعندة أو الخطيرة، فعلى الطبيب أولا أن ينفي أعراضا أخرى قد تكون خطيرة وتؤدي لذات الأعراض, مثل التهاب المعدة والأمعاء والتهاب المرارة والتهاب البنكرياس والتهاب الكبد والقرحة المعدية وغيرها, ويعتمد العلاج على علاج السبب إن كان هناك سبب عضوي واضح, أما في حال نفي الاسباب الأخرى فيقوم العلاج على ثلاثة أمور رئيسية تجري عادة هو ادخال المريضة الى المستشفى وهي:
مكافحة الجفاف باعطاء السوائل عن طريق الوريد.
مكافحة حدوث الحماض وتعديل شوارد الدم.
اعطاء مضادات الاقباء، وتهدئة الحالة النفسية للمريضة بالدعم النفسي والاجتماعي.
وقد يتطلب الأمر منع المريضة عن الطعام والشراب عن طريق الفم والمراقبة الدقيقة لكمية السوائل الداخلة والخارجة من الجسم, فيما بعد، ولدى تحسن حالة المريضة واستجابتها للعلاج، يتم البدء باعطاء السوائل عن طريق الفم بشكل تدريجي وتوقف المصول الوريدية حينما تصبح المقادير المعطاة عن طريق الفم كافية, ويجوز في بعض الحالات الشديدة وغير المستجيبة على العلاج، ادخال أنبوب أنفي الى المعدة على أن تدخل الأطعمة السائلة قطرة قطرة ببطء، ثم لدى تحسن حالة المريضة يتم ازالة هذا الأنبوب ويبدأ باعطاء السوائل عن طريق الفم تدريجيا، ويتلو ذلك الطعام الصلب، إلا أن مثل هذه الحالات نادرة الحدوث جدا, وهكذا يمكننا القول أن الوحم أثناء الحمل وحتى نهاية الشهر الرابع منه هو من الأعراض الشائعة والمقبولة والتي ترتبط عادة بصحة جيدة للحمل والجنين, غير أن الحالات الشديدة منه قد تتطلب الدخول الى المستشفى والخضوع لمراحل علاجية متعددة من قبل أطباء ذوي خبرة في هذا المجال, وما يجب أن تتذكره كل امرأة حامل هو ألا تتناول أي نوع من الأدوية بدون استشارة الطبيب المختص لتتجنب ما قد ينجم عن ذلك من أضرار للحمل والجنين، وألا تتأخر في هذه الاستشارة اذا لاحظت أن اقياء الحمل المصابة به قد أدى الى وهن شديد ونقص في الوزن.
د, حنان القادري استشاري مشارك قسم النساء والولادة بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني بالرياض |
|
|
|
|