| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
مع اشراقة شمس اليوم الرابع من الشهر السادس الحالي توافدت أفواج من أبناء هذا الوطن الغالي الى دور العلم وبيوت الثقافة والمعرفة التي طالما اشتاقت اليهم بعد غيبة دامت ثلاثة أشهر وها هي تحتضنهم احتضان الأم الرؤوم مادة اليهم ذراعيها.
وبعد ان كانت الكآبة والتجهم يعلوان وجهها لم تلبث الا ان برقت أساريرها فرحا وسرورا لأنها استقبلت أبناءها الأوفياء من مدرسين وطلاب والذين تعلق عليهم أمتهم آمالا كبيرة فهنيئا لكم يا معشر الطلاب بابتداء العام الدراسي الجديد ومرحبا بكم في مدارسكم التي ستقضون فيها جزءا كبيرا من وقتكم تنهلون من معين العلم وتغرفون من ينبوعه الصافي ما يعينكم على السير في هذه الحياة بكل صبر وثبات اذ انها ليست طريقا مفروشا بالورود والرياحين فالعقبات والصعوبات لا بد منها ولكنكم رجال تحملون بين جنباتكم نفوسا كبيرة لا تخشى الصعاب بل وتذلل المستحيلات وتحيل الخوف سهلا والمستحيل ممكنا تتمثلون قول الشاعر الحكيم:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال الا لصابر |
وتجعلون نصب أعينكم قول الآخر:
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر |
اننا أيها الأعزاء لنتفاءل بمستقبل مشرق لهذه الأمة ونور يسطع مبددا ظلام الذل ومزيلا دياجير الهوان التي احلولكت في هذا الزمن الصعب الذي لا تكاد تلتفت فيه يمنة أو يسرة الا وترى اخوانا لنا في العقيدة يقتلون ويتشردون ويضطهدون، تغتصب نساؤهم وييتم أطفالهم وتسلب ديارهم ويمثل بهم ويذاقون أنواع النكال وصنوف العذاب ينتظرون مساعدتنا ويتعلقون بعد الله بنا فماذا قدمنا لهم.
أخي الطالب: اني حين أحدثك في هذا الأمر ليحدوني الأمل أن تكون صاحب ضمير حي وقلب يقظ وعقل راشد تعرف حقوق اخوانك المسلمين عليك ممن تربطك بهم رابطة هي من أقوى الروابط وأمتنها رابطة العقيدة وان نأت بهم الديار وشط بهم المزار فتذكرهم دائما وليكن ما أصابهم من بلاء وشدة ومحنة درسا لك كي تراجع حساباتك وتغير أحوالك فالنعمة التي تعيشها لن تدوم والصحة التي ترفل بها لن تستمر ما دمت ترد مستنقعات الرذيلة أو تسلك طريق الهوى وتتبع شهواتك وملذاتك.
هل يعقل أيها الحبيب أن تكون أسيرا لهواك؟ تمرض قلبك بإغراقه في أوحال الشقاء والهيام ولئن كنت تملك أحاسيس مرهفة ومشاعر جياشة فوجهها توجها سليما عش معاناة اخوانك المضطهدين وأقاربك المحتاجين وجيرانك المساكين من المسلمين، ثم ان الفرق شاسع والبون واسع بين شابين أحدهما يتقلب على سريره حزنا وألما لأن محبوبه فارقه أو هجره وآخر يتقلب على سريره تقلب الأسير على الرمضاء حزنا وكمداً لمصائب المسلمين التي تقطع نياط القلوب وتفتت الأكباد,, سبحان الله أي الفريقين أحق بالأمن ان كنتم تعلمون؟!!
عزيزي: أين حياؤك ونخوتك عندما ترى أرتالا من المجلات الهابطة والتي زينت بصور الحسناوات من المنحرفات؟ لماذا تضعف أمامها؟ لماذا تطلق لبصرك العنان فتدمر قلبك؟ أين قوتك وشجاعتك؟ هل تهزمك سيجارة فترشفها بشفتيك؟ أما تدري انها تشوه وجهك وتقضي على نضارته وبهائه بل وتقضي على صحتك ومروءتك؟ أما تدري انها خطوة أولى وقوية للوقوع في شرك المخدرات؟
واسمح لي أن انثر بين يديك باقة من التوجيهات لعلها ان تجد صدى في قلبك: أخي كن على درجة من الأدب والأخلاق مع مدرسيك وزملائك وعود لسانك على الطيب من القول متجنبا البذيء الذي أربأ بك عنه الكلمة الطيبة صدقة اجعل هذا التوجيه النبوي نبراسا تستضي به ومنهجا تسلكه، ومن قدم اليك معروفا فأهده كلمة شكر تملكه بها وتأسر فؤاده كي يحس بطعم معروفه الذي قدمه وبالتالي يعيش حياته ويستمر في عطائه ولا تكن غليظا جافا يبخل بمشاعره وكلماته الجميلة على اخوانه ممن أسدوا اليه معروفا اذ ان النفس البشرية تتوق أن ترى ثمار معروفها لتستمر وتزيد في العطاء وهذا ما يشهد به الواقع.
أيها الحبيب: كن بشوشا وأطلق وجهك تكسب أجرا وابتعد عن العبوس والتجهم فهي خصلة ذميمة تعافها النفوس الكريمة,, هل تقبل أن تكون منبوذا بين زملائك مهملا من معلميك اذن ماذا ستخسر ألم تقرأ قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: وتبسمك في وجه أخيك صدقة ليكن في تعاملك رقي وفي سلوكك سمو,, صادق الفضائل من الأخلاق وعانق المحاسن من الآداب واحرص أن تكون نظيفا ظاهرا وباطنا حسن الثياب نظيف البدن طاهر القلب فإن الله جميل يحب الجمال, ولا تتردد في استشارة مدرسيك فقلوبهم مفتوحة لك بنصحك وارشادك يسعون لخدمتك ونفعك ومساعدتك على مواصلة مشوارك الدراسي بكل راحة وهدوء بال, عذرا على الإطالة سائلا الله التوفيق والسداد.
عبدالله بن سعد الغانم تمير
|
|
|
|
|