| منوعـات
تثور في الولايات المتحدة هذه الأيام وبالتبعية عندنا قضية كفرات فايرستون التي قضت على عدد من الناس في حوادث سيارات بسبب خلل تصنيعي في الكفرات وكنا قبل سنتين أو أكثر قليلاً بدأنا نضجُّ في المملكة من كثرة حوادث الجموس سيارات السوبربان والله أعلم ان عدد ضحايا حوادث الجموس عندنا أكثر من عدد موظفي فايرستون وفورد مجتمعين رغم أنهم يعدون بمئات الألوف.
ولكن رغم ما كان يحدثه السوبربان من حوادث مريعة فقد صمتنا صمت القبور على القضية فلم تتفاعل ولم تقدم الشركة أي تفسير، بل قد اختفت الظاهرة فجأة من على صفحات الجرائد ولا أعرف ما الذي حصل هل أجرت الشركة تعديلات على تصنيع سيارتها وأخطرت الصحف بذلك أم أن الصحف عدلت من تركيزها على نوع من السيارات دون الآخر، واختفاء قضية السوبربان المفاجئ من على صفحات الجرائد صاحبه في الوقت نفسه ظهور نوع من الإعلان لم يكن معروفاً بكثرة في المملكة.
ليس غريباً الآن أن نقرأ في الصحف مواد إعلانية في صورة مادة تحريرية وليس غريباً ان نقرأ حواراً مع صاحب منشأة أو تاجر يكيل المديح لمصنعه أو بضائعه دون أدنى إشارة من الجريدة الى حقيقة هذه التصريحات المدفوعة القيمة.
تمتلئ الصحف في الفترة الأخيرة بمواد إعلانية تختفي في ثياب أخبار أو تحقيق صحفي ,, إلخ، وهذه بداية أخطر مرحلة إعلامية في المملكة، فالصحف كما نعرف وكما يجب ان نعرف هي الحارس الأمين على قيم الناس وعلى حرية الرأي وعلى حقوق الناس، ولكن في السنتين الاخيرتين تغير الأمر فمن يفتح الجريدة أو المجلة سيلاحظ سيلاً من الاخبار التافهة بدأت شركة كذا تسويق عطر الكذا وهو عطر جديد من شركة كذا أو قامت مؤسسة كذا بافتتاح فرع لمطعمها في حي كذا ، ويلاحظ أن هذه الأخبار المدفوعة تندس بين الأخبار الحقيقية مما يوهم القارئ وكأنها أخبار حقيقية لا تختلف عن بقية الأخبار الأخرى، وأمام التنافس الجنوني على الإعلان أخذت صناعة الإعلان في المملكة تتغلغل في القيم الصحفية وتوجهها، فبعد أن كان القارئ هو المركز أصبحنا نلاحظ ان المعلن هو مركز الجريدة ومناط اهتمامها، ولم تعد المادة الصحفية مجال اهتمام القائمين على الصحف، فنجاح الجريدة يتوقف على كمية الإعلان فيها، فمن السهل جدا حذف مادة تهم كل القراء وأن ينشر مكانها إعلان لأحد المشروبات الغازية، ولم يعد الأمر غريباً أن ترسل مادة تحريرية الى معلن من الوزن الثقيل ليجيزها حتى لا تؤثر على منتجاته وبالتالي تؤثر على كمية الإعلان التي ينشرها في الجريدة.
نعود ونتساءل مرة أخرى لماذا اختفت قضية السوبربان فجأة من على صفحات الجرائد وكأن الأمر لم يكن؟
مع أن صحفنا ما زالت تبحث عن حريتها إلا أن القائمين عليها استطاعوا أن يضيفوا رقيباً جديداً عليهم يختلف عن الرقيب التقليدي بخلوه تماماً من القيم.
لمراسلة الكاتب yara4me@ yahoo.com
|
|
|
|
|