| الاقتصادية
كلمة بطالة كلمة ذات معان عديدة ومنها تتنوع البطالة الى اقسام عديدة أيضا قد تصل الى أربعة اقسام وهي البطالة المقنعة البطالة المؤقتة البطالة النوعية البطالة المستديمة وسبق لنا في هذه الزاوية التعريف عن بعض من هذه الأنواع في مقالة سابقة، وما نود طرحه في مقالة اليوم هو التعريف الشمولي بما تعني هذه الكلمة, فقد لوحظ أن البعض من الناس يطلق العنان لهذه الكلمة دون توخي الدقة بما تعنيه وقد يطلق ذلك على أساس مفهوم واحد وهو الاعتقاد بعدم وجود اعمال تشغل طالبي العمل ودون ربط ذلك الأمر بمقدار نسبة قوة العمل المتوافرة في حينه وكذا عدم تبيان الأسباب المؤدية في ذلك إن وجدت، التي من خلالها تحدد النسبة المئوية للبطالة وتحديد نوعها، وبالتالي فإن كلمة بطالة إذا أردنا تعريفها بمفهوم واحد وهو عدم توافر أعمال لطالبي العمل في وقت من الأوقات وجعلنا هذا المفهوم لقسم يتفرع من أنواع البطالة الأربعة وهو البطالة المستديمة فإن كان هذا ما يقصده البعض عند طرحهم لقضايا التوظيف، فإن الواقع في المملكة يختلف مع ذلك الطرح لأن عدد الوظائف المتوافرة في منشآت القطاع الخاص تربو على ما يزيد على 7 ملايين وظيفة وبمهن متعددة، التي بلاشك يشغل معظمها عمالة وافدة، وكما هو معلوم أن أية عامل وافد من وطنه الأم الى بلد آخر يعمل فيه تعتبر وظيفته في الاصل شاغرة لأسباب عديدة منها ان هذا الوافد اقامته والتعاقد معه وقتي وأن قدومه في الاصل كان بسبب عدم وجود من يشغل الوظيفة التي شغلها حاليا هذا الوافد من أحد المواطنين.
ومن هذا المنطلق فإن البطالة بمعناها المعروف علميا وعالميا خصوصا فيما يتعلق بالبطالة المستديمة انها تطلق اذا لم تتوفر أعمال نهائيا لمواطني أي بلد ويتزامن هذا ايضا مع توافر عمالة وافدة أجنبية منافسة للعمالة الوطنية آخذة في اقامتها طابع الاقامة الدائمة أو صفة المهاجرة، بالتالي فإنه عند وجود مثل هذه الحالة يمكن اصدار الحكم ان هذا البلد قائمة البطالة فيه وتحدد بعد ذلك النسبة الفعلية، ومن ثم يجب اعداد العدة للتصدي لها وبأشكال عديدة ومنها الاسراع في ايجاد اصلاحات اقتصادية لتأسيس مشاريع اقتصادية متعددة الأنشطة سعيا لإحداث وظائف جديدة لمواطني ذلك البلد، لكون الاقتصاد عصب الحياة والاهتمام والعناية بشؤونه أمر مهم وأساسي لأي مجتمع مهما كان تقدمه الصناعي والتقني سعيا للحفاظ على مقدراته ومكتسباته لاحلال الأمن والأمان على الدوام وفي كافة المجالات، ونود هنا الاشارة الى التقرير الاقتصادي للبنك السعودي الأمريكي لعام 2000 المنشور مقتطفات منه في جريدة الاقتصادية في العدد رقم 2519 وتاريخ 27/5/1421ه الذي جاء فيه التوقع أن تسجل البطالة بين السعوديين الذكور مع نهاية العام الجاري 14 في المائة على أن ترفع في وسط الشباب الذكور أيضا، الذين تتراوح أعمارهم من 20 و29 عاما الى 20 في المائة، وفي حالة اضافة معدل البطالة للفتيات في سن العمل فإن النسبة ستكون أعلى من ذلك بكثير انتهى.
هذا التوقع يلاحظ عليه مبدئيا أنه قد لا يستند الى مراجع احصائية عن عدد الوظائف الشاغرة والمشغولة في القطاع الخاص خصوصا من العمالة الوافدة سواء كان ذلك من خلال ما لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من قواعد معلوماتية أو ما لدى القطاع الخاص نفسه من احصائيات في هذا الجانب، لأن التوقع بوصول البطالة الى نسبة ما، أمر لا يمكن تأكيده إلا إذا أخذ في الاعتبار بالمبررات المنوه عنها في بداية هذا المقال الذي نوه فيه أن البطالة لا يحكم بوجودها إلا اذا توافرت تلك المبررات.
والأمر الآخر اذا افترض أن نسبة البطالة بين السعوديين هو 14% كما كان التوقع في ذلك التقرير فهذا يعني أن هناك تزايداً متوقعاً بل مؤكداً لهذه النسبة بناء على هذه الدراسة باطراد خلال الخمس السنوات القادمة على سبيل المثال التي سوف يصاحبها نمو سكاني وزيادة في اعداد الخريجين من التعليم العام والعالي مما يظهر نسبة عالية لا يمكن تخيلها اذا بني الأمر على ذلك التوقع، مما ينجم عنه توقعات مبنية على عدم مرجعية صحيحة وواقعية ودون تركيز على مفهوم البطالة الحقيقي، الأمر الذي معه يربك السياسة العامة للتخطيط ومع ما تمليه الخطط الخمسية للدولة.
فمن وجهة نظري أن هذا التقرير يحتاج الى اعادة نظر وتقييم مع السعي الى دعم مثل هذه التقارير وما يسبقها من بحوث ودراسات أظهرتها ان وجدت!!، وذلك بما لدى الجهات المختصة من احصائيات عن مقدار قوة العمل في المملكة ومنها يتم التعرف على اعداد الوظائف المتاحة أصلا في سوق العمل الشاغر منها والمشغول بعمالة وطنية بشكل عام ووافدة على وجه الخصوص، وأن تكون مثل هذه الاحصائيات حديثة لتعزيز وتقوية أية تقرير يصدر حتى تبنى مثل هذه التقارير على أسس متينة وصلبة كي يستفاد منها في أغراض عديدة خصوصا في خدمة خطط التنمية, ولكي لا نهضم للبنك المذكور ما أتى به من جزئيات جيدة ومحقة في تقريره هذا، وهو ما أشار إليه أن من الواقع أن النمو الاقتصادي الحقيقي هو الذي يساعد على حل المشكلات الاقتصادية القائمة، وليس اصدار قرارات أو أنظمة تفرض على القطاع الخاص توظيف السعوديين وأن المشكلة البارزة كيف يتم تفعيل تنويع مصادر الدخل السعودية وتوسيع نظام السوق المحلية، وانني بهذا أشارك هذا الرأي أن النمو الاقتصادي الحقيقي هو الحل الأمثل لأية مشكلات اقتصادية وأن يتم ايضا تفعيل مصادر الدخل، إلا أن موضوع اصدار القرارات والأنظمة الرامية الى وجوب ايجاد وظائف للعمالة السعودية هو أمر يجب ان يتم الجمع بينه وبين عملية الدعم والاسهام في النمو الاقتصادي لإظهار روح التكامل بين هذين الأمرين.
*للتواصل فاكس 4560386
|
|
|
|
|