أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 18th September,2000العدد:10217الطبعةالاولـيالأثنين 20 ,جمادى الثانية 1421

الثقافية

علامة جيل رحل
سعد البواردي
لو نشرتُ لذكراه عبر كل صحيفة ما أوفيته حقه,, ولو كتبت عن خسارتنا بفقده في كل مجلة ما أنصفته,, لا لأنه الأب الروحي,, ولا لأنه الأخ الكبير,, ولا لأنه الصديق الصادق العصامي فحسب,, انه كل هذا وأكثر من هذا,, كان المدرسة التي عرفتنا كيف نلج إلى بوابة المعرفة بعيون مبصرة,, وعلمتنا كيف نتعرف على تاريخنا غير الموثق بوعي لا ضبابية فيه,, وأفهمتنا كيف نصوغ المفردات ايصالا للمعلومة ووصلا للعلم اليقيني الذي لا يقبل الجدل,.
لم تكن خسارتنا برحيله ككل خسارة,, كثيرون وكثيرون جدا يرحلون، نفتقدهم, نترحم عليهم, أهلنا, اقرباؤنا, اصدقاؤنا, معارفنا رحلوا وسنرحل من بعدهم ولكن دون فكر او ذكر يذكر.
أما هو فإن خسارتنا بفقده كانت مضاعفة مزدوجة تجاوزت حدود فراق الجسد والاغتراب,, حدود القرابة والصلة والصداقة,, كانت أكبر من كل هذا لأنها خسارة مفكر كبير,, علامة جهبذ,, مؤرخ متمكن,, أديب واسع الأفق والاطلاع يتمتع بذاكرة متفردة لا تنسى,, قد لا يجود بمثله الزمن الا بعد اجيال واجيال,, هذا ان جاد,.
ومع احساسنا بتلك الخسارة الفادحة فإن العزاء لنا أنه ترك لنا منجزات وانجازات علمية, وتاريخية وجغرافية,, وتجربة حياتية تنم عن عصامية لا تقبل التراجع ولا التردد تؤكد لنا تواجده الحسي الروحي بيننا رغم رحيل جسده,.
اعطى لجغرافية جزيرتنا العربية وتاريخها وانسابها مرجعا كاد ان يكون مجهولا من قبل,, واعطى لمسيرتنا الفكرية دفعة قوية مليئة بنضج التجربة وجسارتها من خلال صحيفة اليمامة, ومجلة العرب وحواراته, ومناقشاته، ومجادلاته عن علم,, واحيانا وبشجاعة نحسده عليها يعترف حين يخطىء,, وجلَّ من لا يخطىء.
أعطى لبلادنا تمثيلا مشرفا في اكثر من مجمع لغوي,, وفي اكثر من محفل عربي,, كان سفير معرفة,, وخبير مشاركة,, وضمير أمة,.
حقق لمكتبتنا العربية الكثير والكثير من التراث,, وحلَّق بالذي حقق,, كان مرجعا واثقا وموثوقا به لمن فاتتهم معلومة,, ابدا لايبخل بعلم,, ولا يضن بإجابة على سؤال أو تساؤل,.
هذا هو فقيد الوطن,, بل وفقيد العرب العلامة الشيخ حمد الجاسر الذي ودعناه قبل ايام واستودعناه بأحاسيسنا الجرحى التي هان شكواها من أجله, وهان جرحها لأن الحب اعظم,, ولأنه العظيم بحبه وبحبنا له نقف صامدين صامتين فوق جراحنا,.
من اجله وقد اختاره الله جل وعلا الى جواره,, من اجل ذكراه,, ووفاء لتلك الذكرى أطرح اقتراحين متواضعين هما النزر اليسير لما يستحق,,.
اقتراح اوجهه الى الاخوة المسئولين عن مؤسسة اليمامة الصحفية الابنة الشرعية لراحلنا الكبير.
مشروع جائزة فكرية سنوية تحت مسمى جائزة الشيخ الجاسر الأدبية خاصة بالبراعم الفكرية الشابة تمنح مكافأة مادية على مستوى القصة,, والمقالة والشعر كحافز للعطاء,, وتنشيط الذاكرة الأدبية,, وقد كان الفقيد نفسه الحريص طيلة حياته الى تبني الأقلام الشابة الواعدة,, وحبذا لو كان من بين الجوائز او اضافة اليها البعض من مطبوعات شيخنا الجاسر لأنها نعم الجائزة.
جامعة الملك سعود الأعرق ذات الصلة القريبة به من حقنا عليها تخليد اسمه على احدى قاعاتها,, او اقسامها التاريخية,, انه شرف كبير لها ان تحتفظ باسم هذه القيمة والقمة والقامة.
وبعد,,.
اما نحن اهله وتلاميذه ومريدوه ومحبوه فلا نملك لراحلنا إلا الدعاء له بالرحمة,, ولنا حميعا السلوان,, مرجعين قوله تعالى في حق نبيه وافضل خلقه,.
انك ميت,, وانهم ميتون ,.
ذلك ان الموت حق,, والايمان به واجب,, والصبر على المصيبة ثواب,, إنا لله وإنا إليه راجعون.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved