| المجتمـع
* لقاء:رياض العسافي
يبدو ان اللغة العربية ستواجه مشاكل عديدة مع ثورة المعلومات والعولمة اللتين افرزتا بالتبعية بعض المظاهر التي اصبحت سائدة، فأينما تذهب الى المطعم او الفندق او السوق وحتى في العمل تجد كثيرا من الناس يتحدثون معك بلغة انجليزية ثم ينتهون بلغة عربية,, فهل يجب علينا ان نتكيف مع هذه المتغيرات، وهل هي ضرورة يجب ان نمارسها دون ازعاج، ثم هل التطور التكنولوجي هو الذي فرض مثل هذا الامر؟! الاجوبة ستجدونها عبر الاسطر التالية من خلال هذا التحقيق.
ويقول عميد معهد تعليم اللغة العربية بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية الدكتور محمد بن ابراهيم الاحيدب ان استخدام البعض لكلمات انجليزية أثناء حديثهم باللغة العربية يعد انهزاما فكريا ثقافيا وشعورا بالنقص ويمارس البعض هذه العادة السيئة للايحاء بأنهم مثقفون وانهم يتقنون لغة اجنبية ومهما كان الدافع فهو غير مبرر وغير مقبول لان لغتنا العربية التي وسعت امورا كثيرة من اهمها كتاب الله ليست عاجزة عن استيعاب تلك المفردات السخيفة التي يتشدق بها البعض.
ويتابع د, الاحيدب حديثه: صحيح ان اللغة الانجليزية اصبحت لغة عالمية وفرضت نفسها على دول العالم بسبب التفوق العسكري والاقتصادي والعلمي للدول التي تتحدثها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية، لكنها لا تصلح في مجتمعنا العربي السعودي لاننا مجتمع متجانس وليس مجتمعا توجد به اقليات عرقية متعددة يفرض وجودها استخدام لغة وسيطة او مشتركة كما هو الحال في دول تستخدم اللغة الانجليزية كلغة رسمية مثل الهند والباكستان ونيجيريا وغيرها ولنا في دول كثيرة قدوة حسنة في تعاملها مع اللغة الانجليزية ففي اوروبا مثلا تجد دولا مثل فرنسا والمانيا وايطاليا وغيرها تصر على استخدام لغاتها القومية وتحارب استخدام اللغة الانجليزية في مجتمعاتها حتى ان الافلام الامريكية التي تعرض في محطات التلفزة في تلك الدول تتم دبلجتها الى اللغات القومية لتلك الدول بعكس الحال في مجتمعاتنا العربية التي تعرض تلك الافلام ناطقة باللغة الانجليزية وتكتفي بترجمتها كتابيا، ويضيف: لاشك ان عمل تلك الدول الاوروبية وهي الاقرب ثقافيا ودينيا الى امريكا يعد مكلفا ماديا ولكنه يعبر عن اصرار تلك الدول على الوقوف بحزم في وجه المد الفكري والثقافي لأية دولة اجنبية مثل امريكا ولو انتقلنا الى الجانب العلمي والتقني لتلك الدول الاوروبية لوجدنا انها تترجم كل الكتب الاجنبية الى لغاتها القومية ولا يمكن ان تدرس العلوم وخاصة في الجامعات بلغة اجنبية لانها تدرك ان توطين العلم لا يمكن ان يتم تدريسه بلغة اجنبية ولكن لابد من تدريسه بلغاتها القومية ولو انتقلنا الى دول متقدمة غير غربية كاليابان وروسيا لوجدنا ان الحال مماثل فهناك اصرار على استخدام اللغات القومية وتهميش اللغات الاجنبية وفي مقدمتها الانجليزية, كما ان هناك حركة ترجمة نشطة لترجمة ما تقذف به المطابع في المجالات العلمية والتقنية الى اللغتين الروسية واليابانية.
ويواصل د, الأحيدب حديثه: ولو عدنا الى مجتمعنا السعودي والى حقيقة وجود ملايين من العاملين الاجانب الذين لا يتحدثون العربية فإن هذا يفرض علينا واجبا مقدسا نحو لغتنا العربية وهو نشر لغتنا بينهم وفرضها عليهم وعدم تسهيل الامر عليهم بمخاطبتهم باللغة الانجليزية لانهم قدموا الى بلادنا والواجب عليهم ان يتحدثوا لغتنا لا ان نحدثهم بلغة وسيطة كالانجليزية.
والمملكة العربية السعودية بوصفها مهد اللغة العربية ومنطلق الرسالة الاسلامية الى العالم اجمع عليها مسؤولية نشر اللغة العربية والدعوة الى دين الله في الداخل والخارج، وليس عندي ادنى شك في اننا نقوم بهذه المسؤولية بشكل كبير من خلال اجهزتنا التعليمية وفي مقدمتها جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية ووزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد والندوة العالمية للشباب الاسلامي وغيرها من الجهات الرسمية والخاصة ويؤازر هذه الجهات ويدعمها ماديا ومعنويا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وولي عهده الامين والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية وليس المجال مجال تفصيل لجهودنا الوطنية لخدمة الاسلام واللغة العربية في الخارج ولكنه تذكير لنا بأن مسؤوليتنا وموقعنا الاسلامي والاقتصادي يفرض علينا الاعتزاز بلغتنا العربية والاصرار على استخدامها في الداخل.
ولكي ندعم هذه الجهود فلابد من تعريب التعليم الجامعي في مجالات الطب والعلوم التي تدرس باللغة الانجليزية ولابد من انشاء مركز وطني للترجمة والتعريب تكون مهمته التعاون مع الجامعات على تعريب التعليم العالي وترجمة امهات الكتب العلمية والتقنية الى العربية .
|
|
|
|
|