| محليــات
مضى زمن طويل، والفكر السياسي العربي منشغل بتأثيرات دولية للأحداث العربية، فأية اخفاقات في مشروعات تنموية، أو في علاقات ثنائية، يتم رده لأبعاد دولية، وليس لواقع الأمة وطبيعة تحولاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, ومن هنا نتج عن هذا الفكر منظور ينصرف عن مأزق التخلف وهموم الأمة، وفي الوقت نفسه عدم القدرة على انتاج خطط ومشروعات وبرامج عملية، وحلول ممكنة وقابلة للتطبيق,, وما يدور في السودان من حوار بين كافة الأطراف السياسية متأثر إلى درجة كبيرة بمعطيات الفكر السياسي العربي وما أفرزه من خطاب سياسي يعتمد الانشاء والعبارات على حساب فهم مشكلات الناس وكيفية التعامل معها.
السودان بلد كبير بامكاناته الطبيعية وخيراته وثرواته، وهو أيضا بلد كبير بخلق أهله وحصافتهم، ويفترض أن يستوعب الحوار السوداني السوداني، السودان الوطن وما يمثله، والناس هناك وما يريدونه وأن يتعامل مع همومهم اليومية بدرجة كبيرة من الحساسية واليقظة.
والشعب السوداني، شعب عربي مسلم، لا يقبل التفريط بهويته العقائدية، ولا خصوصيته الثقافية والحضارية، ولكن من المؤكد أنه لا يسمح لفئات أو أفراد يريدون توظيف هذه العاطفة الصادقة لتحقيق مكاسب سياسية بحثا عن دور أو تثبيتاً لموقع.
والشعب السوداني يطمح للاستقرار، ويريد أن يستفيد من خيرات وطنه، ويشعر بالملل من خطاب سياسي عمره أكثر من ربع قرن، خطاب يعالج مشكلات العالم وليس مشكلات السودان، وخطاب يستهلك العاطفة الوقتية، ولا يفرز مشروعا، وخطاب يعيد انتاج ذاته بتكرار دون الالتفات الى ما يتركه ذلك من سلبيات في وجدان الناس على مفردات الخطاب.
المواطن السوداني يريد الدواء، والتعليم، وطرق المواصلات التي يتمكن من خلالها تسويق منتجاته الزراعية، ويريد كمية الوقود التي تحتاجها المزارع بأسعار معقولة، ويريد إصلاحا زراعيا حقيقيا، يوفر الغذاء وفرص العمل، ويوظف امكانات السودان الهائلة ليصبح بالفعل سلة غذاء العالم العربي.
ومن منطلق محبتنا للسودان وأهله، نأمل أن يكون الحوار بين الحكومة والمعارضة حوارا مسؤولا، لا يبحث عن تقاسم أدوار ولكنه يتركز على برامج، وأن يكون السودان الوطن فوق الطموحات الشخصية.
الجزيرة
|
|
|
|
|