| الاقتصادية
على الرغم من التطورات التنموية الملحوظة التي تشهدها المملكة في مختلف القطاعات التنموية خلال السنوات الماضية، الا ان حقيقة لا يمكن اغفالها وهي ان آلية صنع القرار Decision Making Process وما تستغرقه تلك الآلية من وقت طويل في العديد من الاجهزة ليقف عائقاً امام الكثير من التطورات والانجازات التي يفترض ان نكون قد اتممناها قياساً على ما تزخر به مملكتنا الغالية من امكانات بشرية ومادية، نعم فنحن نتفق جميعاً بأن هناك موضوعات استراتيجية يتطلب اتخاذ القرار المناسب بشأنها الكثير من الوقت، ولكننا نتفق ايضاً بأن هناك الكثير الكثير من الموضوعات والمجالات التنموية التي تستغرق منا السنوات الطويلة لنتخذ القرار الملائم بشأنها على الرغم من ادراكنا لاهمية سرعة اتخاذ القرار في تلك الموضوعات وعلى الرغم ايضاً من إدراكنا لحجم الخسائر التي قد تتحقق من جراء ذلك التأخير في اتخاذ القرار المناسب.
دعوني اعزائي القراء استعرض معكم الحوار المختصر التالي كدلالة مؤكدة على ما اشرت اليه آنفاً من صعوبة اتخاذ القرار التنموي لدينا وما تستغرقه تلك الآلية من وقت مبالغ فيه, فخلال تمتعي بإجازتي الصيفية ومن خلال حديث ودي مع احد الاصدقاء من امارة دبي، وعند سؤالي له عن اهم الاسباب التي ساعدت على النهوض التنموي لامارة دبي خلال فترة وجيزة جداً، اكد لي بأن السرعة في اتخاذ القرار المناسب في شتى المجالات التنموية هو ما ساهم فعلاً في بناء تلك النقلة التنموية التي حققتها امارة دبي في السنوات القليلة الماضية، وقد ذكر لي بأنه اثناء مشاركة رئيس بلدية دبي في ندوة المدن الجديدة بالمغرب ، وحيث تضمنت فعاليات الندوة عرضاً لمشروع تنموي متميز في مجال تنمية وتطوير المدن طرح للبيع على ممثلي الدول العربية المشاركة، وحيث كان الحصول على ذلك المشروع يتطلب الارتباط بمبلغ مالي معين فما كان من ممثلي معظم الدول العربية المشاركة سوى الاعتذار عن اقتناء ذلك المشروع التنموي على الرغم من قناعتهم بأهمية السرعة في اتخاذ القرار باقتنائه، حيث ذهب هؤلاء الممثلون الى ان قرار الموافقة للحصول على هذا المشروع يتطلب الكثير من الوقت بهدف الدراسة والعرض على اللجان المتعددة, وقد كان ممثل امارة دبي الشخص الوحيد الذي اقتنى ذلك المشروع حيث لم يتطلب ذلك منه سوى اجراء مكالمة هاتفية مع الشخص صاحب القرار بإمارة دبي بعد اقتناعه بأهمية الحصول على ذلك المشروع, وبالفعل كانت امارة دبي هي الوحيدة التي حصلت على هذا المشروع الذي اسهم في تطورات بلدية للامارة لم تحققها غيرها من المدن في المنطقة.
هذا المثال يقودنا الى حقيقة هامة وهي انه وعلى الرغم من اننا في المملكة نفكر وندرس الكثير من الافكار قبل غيرنا من الدول الاخرى من اجل تحقيق الكثير من التطورات التنموية الا ان غيرنا من الدول تسبقنا الى تنفيذ تلك الافكار كنتاج طبيعي لما تستغرقه عملية صنع القرار لدينا من سنوات طويلة, ففي مجال تقنية المعلومات على سبيل المثال، على الرغم من اننا في المملكة قد سبقنا كافة الدول في دراسة هذا الموضوع، وعلى الرغم من ان اسواق المملكة هي الاكبر في المنطقة استهلاكاً للاجهزة والبرامج التقنية، مما يعني امكانية ان نكون القياديين في المنطقة في هذا الخصوص، فعلى الرغم من كل ذلك، الا اننا نجد ان مدناً اخرى في المنطقة كالقاهرة وعمان ودبي قد سبقتنا لإنشاء مراكز ومدن لتقنية المعلومات بينما نحن لا نملك ذلك, فلماذا تم ذلك؟ الاجابة بكل بساطة اننا ومنذ قرابة العشرين عاماً ونحن نفكر في اقامة مدينة لتقنية المعلومات ولازلنا نفكر وندرس ذلك، دون ان يكون هناك اتخاذ قرار تنفيذي بذلك، في حين ان غيرنا فكر ودرس ونفذ ذلك خلال فترة وجيزة، ولذا فإنني لا املك سوى ان اقول اننا بالفعل نفكر قبل الآخرين وننفذ بعدهم.
|
|
|
|
|