أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 16th September,2000العدد:10215الطبعةالاولـيالسبت 18 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

أطفال المناديل
د, خليل إبراهيم السعادات*
مكان الطفل الطبيعي هو الأسرة والبيت والمدرسة, فالأسرة هي التي تربي الطفل وتظلل عليه وتحميه مما يضره وتقوم على تنشئته تنشئة اجتماعية صالحة، حيث يتربى في كنف والديه ومع إخوته ويتشرب العادات والتقاليد الاجتماعية الطيبة, والمدرسة هي التي تكمل ما بدأته الأسرة فهي تربي الطفل تربية نظامية وتعلمه العلوم النافعة ابتداء من مراحل رياض الأطفال مرورا بالمدرسة الابتدائية وما يليها وابتداء من تعليمه الأشياء البسيطة من أناشيد وحروف ثم تعليمه القراءة والكتابة مرورا بالمراحل التعليمية المختلفة حتى يتعلم الأشياء والأمور الأكثر تعقيدا والتي تعينه وتفيده في حياته اليومية والمستقبلية, وبالنظر الى الأطفال الذين يبيعون المناديل في الشوارع فحتما هذا ليس دورهم فمكانهم الطبيعي البيت تحت رعاية الأسرة مشمولا بالتعليم المدرسي.
إن الخطورة كبيرة على هؤلاء الأطفال والصبية الذين يبيعون المناديل واسفنجات المكيفات وأغطية طبلون السيارات الواقية من الشمس, فهل هذه الأشياء تستحق مخاطرة هؤلاء الأطفال والصبية بأرواحهم وحياتهم من أجل قليل من الريالات؟ وهل قليل من الريالات إن حصلوها تستحق إذعان أسر الأطفال لهذا الأمر وإرسالهم لأطفالهم للشوارع؟!
وقد يكون هناك عدة أسباب أدت الى انتشار أطفال المناديل في الشوارع بشكل ملفت منذ مدة، وقد تكون الأسرة بحاجة لمصدر مالي وانها تعاني من هذه الناحية معاناة شديدة أدت بها الى إيجاد مصدر رزق اضافي, وقد يكون الأب هو الذي يرسل أطفاله الى الشوارع من دون رضا الأم فمن الصعب على الأم وعلى الأب المخاطرة بأطفالهم بهذا الشكل, وقد يكون الأبوان غير متعلمين وغير مدركين لخطورة هذا الأمر مع ان هناك المئات من أولياء الأمور غير متعلمين حرصوا على الاهتمام بأبنائهم وأوصلوهم للمراتب التعليمية والاجتماعية العليا.
وربما أن بيع المناديل يصدر من الطفل نفسه من دون علم والديه نظرا لغياب الإشراف التربوي والوالدي من قبل الأسرة أو نظراً لتعلم الطفل لهذا الأمر من أقرانه والأطفال الذين يصادقهم ويعرفهم فتعلم منهم واستحسن هذا العمل خاصة بعد ان حصل على عدد من الريالات بطريقة بسيطة ولكنها خطيرة, وربما هناك سبب آخر وهام وهو عدم وجود الوالدين كأن يكون احدهما او كلاهما متوفى او متزوجا كلّ في جهة ولا يجد من يرعاه ويوجهه.
أمور كثيرة قد تكون السبب في تسول الأطفال في الشوارع بهذه الطريقة ولكن مهما كانت الأسباب فيجب علاج هذه الظاهرة ويجب الالتفات والتنبيه لمساوئها على هؤلاء الأطفال أنفسهم وعلى المجتمع, وقد رأيت وأنا أقود سيارتي في احد شوارع الرياض طفلا ملقى على الرصيف بعد ان صدمته سيارة وكان هذا الطفل يحاول بيع المناديل والأشياء الأخرى التي معه ونحن نعرف كيف يتقاطر هؤلاء الأطفال عند فتح الإشارة او غلقها على السيارات للتعريف بسلعتهم وكسب زبائنهم وكيف يمرون على أكبر عدد من السيارات بسرعة مما لا يمكنهم أحيانا من العودة الى مواقعهم على الرصيف فيسرع ون ويضطربون عند فتح الإشارة مما يعرضهم للصدم كما حصل وشاهدت.
هذا الطفل المصدوم ذهب اليه بسرعة أطفال المناديل الآخرون ونزل إليه سائق السيارة والحمد لله كان يتحرك ولكنه كان يتألم ويبدو ان شاء الله انه بخير ولا أدري ماذا حصل له لاحقا ولكن هذا مثال على خطورة ما يتعرض له أطفال المناديل, فلماذا يطلقون في الشوارع بهذه الطريقة؟ ولماذا نسمح لهم بهذا؟ ولماذا نشجعهم أحيانا لأننا نعطف عليهم ونشفق عليهم من حرارة الشمس وان عشرة ريالات لا تساوي شيئا؟! وهذا صحيح فنحن نشفق عليهم ونتعاطف معهم ونريد أن نساعدهم ولكننا لا نريد أن نفقدهم.
* كلية التربية جامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved