| مقـالات
الدعوة الإسلامية ذات طبيعة اتصالية مؤثرة؛ لأنها تستمد وقودها من أهداف نبيلة، ولأن وظيفتها أن تكون رسالة راشدة ومصلحة، لذا فالناس كل الناس بحاجة ماسة إليها، يتعرفون من خلالها على حقائق الوجود وغاياته الحقيقية,.
منذ بزغت فجر الإسلام لتبدد ظلام الجهل والدعوة الإسلامية في عطاء متدفق، يحمل شعلته المضيئة بالخير في كل عصر دعاة نذروا أنفسهم لتبليغ إرث نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم, وزاد من هذه المسؤولية ان رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تميزت بخصيصتين مهمتين هما: كونها رسالة عامة ملزمة لجميع الخلق,, وكونها رسالة عالمية تخطت حدود الزمان والمكان اللذين كانت الرسالات السابقة محددة بهما,.
وفي العصر الحاضر يسر الله للناس الاستفادة من التقنيات والمخترعات الحديثة فأصبح العالم شبه قرية يعرف أقصاها ما في أدناها ويعرف من في أدناها ما في أقصاها,, وهكذا أصبحت الضرورة داعية الى ان تكون الدعوة حاضرة في كل مكان من هذه المعمورة، لأن الناس بحاجة ماسة إليها,.
بدأ انتشار الدعوة الإسلامية حين انتقلت مع المسلمين الضاربين في أرض الله طلبا للرزق أو العلم، حين تجذب شخصية التاجر او الطالب الملتزم بشرع الله عز وجل أناسا لم يعرفوا طبيعة الإسلام ومنهجه وسلوكه فيؤمنوا بهذه الرسالة التي شدهم إليها سلوك متميز يعبر عن طبيعة متميزة,.
ثم قيض الله للدعوة رجالا مؤمنين بأهميتها وحاجة الناس الى منهجها وموضوعها فأصبح انتقالها الى الناس يتم وفق تخطيط محكم يناسب ظروف العصر ويستفيد من مستجداته ومتاحاته,.
في بلادنا الحبيبة عمل جاد ومتابعة مستمرة لإيصال صوت الإسلام الى كل مكان في أرض الله، وركوب كل المراكب وسلوك كل الطرق التي توصل صوت الإسلام الى كل اذن لها قلب يعقل، إيمانا من حكام هذه البلاد بخصوصيتها الدينية حيث تحتضن مقدسات الإسلام، وحيث هي قبلة المسلمين ومرمى تطلعاتهم,.
والشواهد على الجهود الدعوية الخيرة في هذا المجال كثيرة جدا ويصعب حصرها، غير انني سأتحدث عن واحد من هذه الشواهد المضيئة وهو: تلكم الملتقيات الدعوية التي تقيمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد في الداخل وفي الخارج، بتوجيه مباشر ودعم سخي من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأجزل له المثوبة وبمتابعة مستمرة ومباشرة، معنوية وبدنية من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء وفقه الله.
في رأيي الخاص ان هذه الملتقيات أصبحت ذات أثر بليغ في مجتمعات الأقليات الإسلامية التي تعاني من صعوبات جمة وتحديات كبيرة، تتعرض لها من مجتمعها المحلي الذي قد لا يستوعب مضمون الرسالة الدعوية ومنهجها الصحيح بفعل الشبهات التي تثار حولها بغير حق لصرف الناس عنها من أناس يعرفون خطر هذه الدعوة عليهم وعلى ضلالاتهم,, ولاسيما في مجتمعات لم يكن من المملكن في وقت سابق أن يسمح للدعوة الإسلامية أن تتنفس فيها كما هو الحال في المجر,.
كما أنها تتعرض لعقبات وتحديات من خارج مجتمعها تتمثل في تلك التوجهات الإسلامية الخاطئة، وأصحاب المذاهب الضالة، مما يجعلها حائرة وظامئة بشدة الى بيان صاف يروب طمأها ويبدد حيرتها,, وليس أقدر من هذه الملتقيات الدعوية لتحقيق هذا المطلوب المشروع.
أمر آخر أرى ضرورة الإشارة إليه وأهميته ذلكم أن هذه الملتقيات المباركة جاءت بعد تلك الجوامع والمساجد والمراكز الثقافية التي أقام صروحها الشامخة في مختلف قارات الأرض خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد وفقه الله,.
يدرك العاقل أن بقاء تلك المراكز والجوامع دون متابعة سيجعلها عرضة لذوي التوجهات السيئة والعقائد المنحرفة ممن يدعون الإسلام للاستيلاء على زمام الأمور فيها,, وقد سبق أن اقترحت في مقال صحفي إنشاء مؤسسة باسم (مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الحضارية) تكون بمنزلة ناظر الوقف في الفقه الإسلامي كي تتولى متابعة مناشط تلك المراكز والجوامع ومتابعة تحقيق أهدافها.
وأقول اليوم: ان إقامة هذه الملتقيات بعد اقامة تلك المراكز يعد خطوة من خطوات متابعتها، كما أنه ساعد بقوة على تعميم وشمول فائدة هذه الملتقيات، فبعد ان تحقق للمسلمين وحدة المكان متمثلة في تلك المساجد والجوامع والمراكز الثقافية ها هي الدولة السنية بقيادةو ربان سفينتها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تحقق لأولئك المسلمين الوحدة الفكرية من خلال ملتقيات أهم خصائصها وصفة طبيعتها أنها ذات منهج إسلامي ملتزم بالرأي السديد الصادر عن فكر رشيد يتعامل مع مستجدات العصر وطروحاته وفق أصول الإسلام ومسلماته الصحيحة,.
لن يعرف أهمية هذه الملتقيات وأثرها في نشر الإسلام وتصحيح المفاهيم ولاسيما في اخطر مجال من مجالات حياة الإنسان وهو المجال العقدي، لن يعرف أثر هذه الملتقيات وأهميتها إلا الذين شاهدوا بأم أعينهم أو حكي لهم بصدق تقبل تلك المجتمعات لرسالة هذه الملتقيات وحرصهم على حضورها.
أمر آخر لا بد من الإشادة به وهو حرص المسؤولين عن تلك الملتقيات على إشراك الدعاة المحليين في توصيل رسالة الملتقيات الى مجتمعاتهم، حيث استفادت الملتقيات من طلاب الأقليات المؤهلين بالعلم الشرعي ولاسيما طلاب وخريجي جامعات المملكة العربية السعودية كجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة ام القرى والجامعة الإسلامية وجامعة الأزهر وغيرها وضمتهم الى مناشط الملتقيات.
إن اعداد الدعاة المسلمين للدعوة في مجتمعاتهم المحلية يحقق أهدافا عظيمة ومفيدة وسريعة التأثير والأثر، ولاسيما ان الدعوة الى الله منذ بزوغها كانت تركز على هذا الجانب، وقد نص القرآن الكريم في مواضع كثيرة جدا على انه سبحانه وتعالى ما بعث من رسول إلا بلسان قومه، وأنه أرسل الى كل قوم رسولا منهم,.
إن الاعتراف بالحق يوجب ازجاء الشكر معطرا بالعرفان الى من فكروا وخططوا برؤية وصبر وجلد ونفذوا ودعموا فكرة الملتقيات الدعوية في الداخل والخارج وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أمد الله في عمره على طاعته ، وأخص بالذكر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ.
إن ملتقى بودابست ليس سوى حلقة في سلسلة الخير وخدمة الإسلام والمسلمين أداء للواجب واستشعارا للمسؤولية في زمن قل فيه النصير وتعددت المصائب وكثرت العقبات والتحديات ولاسيما في مجتمعات الأقليات,, تلك المجتمعات التي تحتاج منا الى عمل جاد ومستمر على كل الصعد والمستويات أفرادا ومؤسسات خاصة وعامة,, الحاجة ماسة الى كل الجهود، وفاعل الخير لا بد أن يدعى له ويشكر,, وبالله التوفيق.
|
|
|
|
|