أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 15th September,2000العدد:10214الطبعةالاولـيالجمعة 17 ,جمادى الثانية 1421

شرفات

في قلب الشيخوخة يقبع الأنسولين ,,, ؟!
الأبحاث تؤكد أن الأنسولين هو أحد أهم مفاتيح الشيخوخة
يمكن أن يقوم الانسولين بالإضافة الى كونه هرمونا مفتاحا للاستقلاب,, أي استخدام طاقة الغذاء,, بدور مسرع للشيخوخة اذا انتجه الجسم بكميات كبيرة وهنا يقبع احد مفاتيح الشيخوخة الإنسانية، وهو يظهر بوضوح في مورثات الدودة كانورا بديتيس ايليفانس البالغة الصغر، وقد اهتم الباحثون بدراسة الحبليات وهي الطائفة التي تنتمي لها هذه الدودة منذ نحو ثلاثين سنة لكشف السر الذي يقف وراء قدرتها على ايقاف شيخوخة اجسامها، ففي فترات زيادة عدد الأفراد او عندما ينقص الغطاء تخزن هذه الديدان الدهون حول امعائها وتتوقف عن تناول الغذاء تمهيدا للدخول في مرحلة سبات خاص بها تعيش في خلالها حياة بطيئة اصطلح الباحثون على تسميتها ديور dauer وهي تسمية مأخوذة من الكلمة الألمانية التي تعني دائم ويمكن ان تستمر هذه المرحلة عدة أشهر ويشبه سبات الدودة هذا سبات شخص يجمد نفسه اليوم ليستيقظ سنة 2299 .
وبعد انتهاء المرحلة ديور تستأنف الديدان حياتها بصورة طبيعية ثم تموت بعد أربعة عشر يوما، لقد اثارت هذه الظاهرة اهتمام الباحثين في السبعينيات لكنهم لم يكونوا على علم بالآليات الحيوية التي تسيرها، وفي عام 1992 قامت سينتيا كينيون وهي باحثة من جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو بإجراء تغيير في الشيفرة الوراثية لعدد من الديدان ك,ايليفانس ووجدت نفسها على إثر ذلك أمام جيش صغير من الديدان الطافرة وفوجئت بأن بعض هذه الديدان عاش مدة تزيد ما بين ضعفين الى ثلاثة أضعاف على عمر أقرانها الطبيعي.
وبينت سينتيا انه يكفي تعديل مورثة واحدة اسمها def2 للحصول على ديدان تعمر أضعاف ما تعمره أقرانها والأمر الذي يبعث على الدهشة أكثر هو ان اطالة العمر هذه هي نتيجة لمدة فترة الشباب وليست آتية من تأخير نهاية العمر، وشهد يوم الخامس عشر من آب في سنة 1997 حدثا هاما عندما أعلن غازي رو كس وهو باحث من مدرسة هار ارد الطبية في بوسطن ماساشويث عن كشفه سر هذه الموروثة الساحرة وقد بين ذلك بقوله: تصنع المورثة def2 عند الديدان ك,اليفيانس بروتينا مسؤولا عن استقبال احد الهرمونات وهو هرمون غني عن التعريف: انه الانسولين، ذلك الهرمون الذي يفرزه الجسم عند تناول الغذاء استجابة لارتفاع نسبة السكر في الدم,يصدر الانسولين أوامره للخلايا لكي تستفيد من السكر المتاح لها، ويقوم بذلك عن طريق التوضع على بروتين موجود في الخلية يدعى مستقبل ويتوضع الانسولين على بروتين الخلية بنفس الطريقة التي يدخل فيها المفتاح في القفل، تقوم المورثة daf2 بصنع بروتين يتشارك في 35 في المائة من سلسلته مع مستقبل الانسولين وفي 34 في المائة منها مع مستقبل IGF .
الانسولين عامل النمو، لقد بينت التجارب ان الآلية التي تتحكم باستقلاب السكر قديمة جدا، كما اوضحت ان كلا من الديدان والبشر اتخذت منحى تطوري مختلف عن الآخر على شجرة التطور منذ فترة ما يقرب من سبع او ثمان ملايين سنة، لكن اهم ما قدمته هو الكشف عن وجود علاقة وثيقة بين الاستقلاب أي استخدام طاقة الغذاء والشيخوخة تقول الباحثة سينتيا كينيون: يشرف عدد من الهرمونات على آليات استخدام الغذاء، وقد يكون لهذه الهرمونات دور كبير في التحكم بحياة الإنسان.
إبطاء الاستقلاب ,,, ؟!
في فترات القحط يصبح لزاما على المتعضية ايجاد وسائل تعينها على البقاء بانتظار أيام افضل ولا يمكن لذلك ان يتم إلا بإبطاء عملية الاستقلاب، ويعرف عدد كبير من اللافقاريات وبعض الفقاريات مراحل مشابهة لتلك المرحلة وهي تساعدها على البقاء في فصول الشتاء الأكثر برودة كما تمكنها من الصمود أمام قحط أشد فصول الصيف حرا,وفي سياق هذه الما بين قوسين الاستقلابية تنعدم الشهية ويتم تعليق النمو، كما يتوقف التناسب ويتم ابطاء الشيخوخة في انحاء الجسم كلها.
وعندما يتوفر الغذاء بكثرة يصبح الانسولين منتجا ينبه الخلايا ان لها مطلق الصلاحية في حرق السكر دونما تأخير وبذلك تشهد العضوية نموا يتيح لها بلوغ مرحلة النضج الجنسي في أقصر وقت ممكن وانجاز المهمة التي هي مبرمجة للقيام بها وهي الانجاب ونشر موروثاتها,في عام 1998 قدم الباحث جاري ري كي دليلا جديدا على وجود علاقة واضحة بين الشيخوخة والجنسية، وبين ان طفرات الموروثة daf2 لا تزيد من طول عمر الديدان فحسب وإنما تقلل خصوبتها ايضا، وهكذا يتضح لنا ان الانسولين يقوم بدور منظم للقدرة الانجابية بالإضافة الى كونه مفتاح لطول العمر.
تبدو الاستراتيجية التي كونتها المورثات عبر مراحل التطور المتلاحقة بجلاء الآن وهي تقوم بالاعتماد على الوقود الغذاء بتأمين جميع الشروط اللازمة للنمو السريع عبر الانسولين بقصد بلوغ النضج الجنسي في اقصر وقت ممكن، وفي الحقيقة يعدل الانسولين مستوى IGF1 في الجسم والIGF كما تقدم وهو عامل نمو يصدر للخلايا أوامر الانقسام والتكاثر والتضخم لبناء الأنسجة وبقدر ما يكثر الغذاء بقدر ما ترتفع نسبة الانسولين وتزداد بالتالي كمية الهرمون IGF عامل النمو المتوفرة لتنشيط نمو الجسم، لكن إذا كانت هذه الاستراتيجية تخدم مصالح الDNA فإنها تحمل في طياتها بذور شيخوخة الجسم الذي يؤديها، هذا ما اثبته مؤخرا ليكر بار وهو باحث امريكي مختص في الكيمياء الحيوية من شولافيستا chula vista اذ بين هذا الباحث ان استجابة خلايا الأحياء الشبعانة ونحن منها لنداءات الانسولين تضعف مع التقدم في العمر، ويقوم الجسم كرد فعل على ذلك بإنتاج المزيد من الهرمون لمساعدته في التغلب على المقاومة التي يصادفها وينتج عن ذلك زيادة مزمنة في كمية الانسولين، تؤثر هذه الزيادة على خلايا الغدة النخامية المسؤولة عن تركيب هرمون النمو GH، ويفسر ذلك الفرق الكبير في إنتاج هذا الهرمون بين الأشخاص المسنين واليافعين إذ يكون عند هؤلاء الأخيرين اكبر بكثير مما هو عليه عند المسنين ويؤثر انخفاضه هذا عند المسنين على مستوى الهرمون IGF1 الذي يتناقص على الرغم من تزايد كمية الانسولين يتبين لنا مما تقدم ان استهلاك كميات كبيرة من الغذاء يجعل الإنسان عرضة لفيض من عوامل النمو في المرحلة الاولى من الحياة في حين يحرمه من هذه العوامل نفسها هي فترة الشيخوخة وتكمن هنا آلية تضر بطول العمر ايما ضرر ففي الربع الاخير من العمر تبرز أهمية الIGF1 القصوى في الحفاظ على الكتلة العضلية والكتلة العظمية، كما تنشأ في هذه الفترة ايضا صلة بين نسبة IGF1 من جهة وتحسن الجهاز المناعي خاصة ووضع الجسم عامة من جهة اخرى,وتبين الدراسات انه بقدر ما يرتفع مستوى الIGF1 عن المسنين الذين تبلغ أعمارهم مائة سنة فما فوق بقدر ما تحافظ قدراتهم الادراكية على مستوى ثابت.
سكر مزيف لخداع المورثات
العيش فترة أطول دون حرمان النفس، تلك هي خلاصة الرهان الذي يحاول جورج روث ودونالد انفرام وهما باحثان في المعهد الوطني للشيخوخة في بالتيمور ميريلاند على كسبه وتقوم فكرته على خداع أجهزة الخلية الحساسة للطاقة دون التأثير على الشهية ويشرح الباحث دونالد انفرام ذلك بقوله: اننا نبحث عند الثديات عن المورثة المكافئة للمورثة التي تضع الدودة في مرحلة السبات دوير ونهدف من خلال ذلك الى تنشيط برنامج يمد العمر دون المساس فعليا بالتغذية ,لقد أطلق الباحثون سلسلة من الدراسات، قاموا فيها بتغذية مجموعة من الجرذان على سكر مزيف هو السكر منزوع الاكسجين 2DG وتبين انه يدخل بصورة طبيعية إلى الخلايا لكن استقلابه فيما بعد يكون كاملا وبينت النتائج الأولية ان حمية غذائية تحتوي 0,4 في المائة من هذا السكر تؤدي الى خفض حرارة الجسم نصف درجة مئوية كما تساعد على هبوط معدل الانسولين بنسبة 3 في المائة فضلا عن انها تنقص 10 في المائة من الوزن الأمر الذي يعني ابطاء للشيخوخة,وتحيي هذه التجربة أملا في إمكانية تقصير دارة عدد من البرامج الخلوية المرتبطة بالشيخوخة وتنشيط برامج اخرى مقترنة بطول العمر.
عن البحث

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved