| الريـاضيـة
في قاعة كبيرة وجميلة وهي عبارة عن مدينة حالمة تقبع على ميناء طبيعي على المحيط الهادي ستفتح اليوم فعاليات واحدة من أكبر المناسبات الرياضية بالعالم الدورة السابعة والعشرون من الدورات الأولمبية والتي يطلق عليها سيدني 2000 .
وخلال تلك المناسبة العظيمة سيكون هناك مرحلة تقييم خطيرة للرياضة العربية وتطورها,, وعند الامتحان يكرم المرء او يهان كما يقولون.
وقد يحلو الكلام قليلاً عن تلك القاعة قبل الحديث عن طبيعة الامتحان ونتائجه المتوقعة وارقام جلوس الممتحنين فيه, فعلى الرغم من انها ليست العاصمة الا ان مدينة سيدني تعتبر اكبر المدن الاسترالية حيث يظل جسر مينائها الطبيعي ودار الأوبرا ذات التصميم الفريد اكثر رموزها السياحية جذباً لأي زائر لتلك المدينة التي يسكنها قرابة الأربعة ملايين نسمة ثلثهم ولدوا خارج استراليا.
واستراليا والتي اكتشفها الهولنديون والبرتغاليون كانت في بداية حياتها الحديثة عبارة عن ميناء لأفواج متواصلة من المستوطنين البريطانيين الجدد حيث يذكر التاريخ ان أول فوج بريطاني حط في هذا الميناء كان في عام 1788م وكان هذا الفوج عبارة عن جنود ومجرمين ومرضى ومتخلفين عقلياً,
وعلى الرغم من قيام المستوطنين الجدد بطرد سكانها الاصليين او المحليين ويطلق عليهم ابو رينجنز من أماكن استيطانهم المعهودة الا انه لايمكن لأي زائر لاستراليا ان يلاحظ اي علاقة عنصرية او عدوانية توجد ما بين الجيلين.
ونعود لنتحدث عن جدول الاختبار والذي يحتوي على جميع الألعاب الرياضية المصنفة والمسجلة أولمبياً وهي بالطبع الغالبية العظمى من الألعاب الرياضية التي نعرفها, والنتيجة النهائية يجب ان تكون مايقارب الثمانمائة وواحد وستين ميدالية ذهبية وفضية وبرونزية موزعة على اكثر من عشرة الاف رياضي يمثلون مايقارب المائتي دولة والتي اتت جميعها الى سيدني ونصب عينيها السعي والعمل بجد لزيادة رصيدها من الميداليات الأولمبية, وقبل ان نتطرق الى النتائج السابقة ونصيب الدول العربية منها وكذلك عن النتائج المتوقعة خلال تلك الدورة ربما انه من المناسب ان نتحدث قليلاً عن اهمية هذا الحدث الكبير وعن اهمية ميدالياته.
فعلى الرغم من ان اللجنة الاولمبية الدولية تواجه الكثير من المصاعب والمشاكل كما حصل في عام 1998م من فضيحة الرشاوى الكبرى والتي هزت اركان اللجنة وبسببها أُجبر ستة من اعضائها على الاستقالة وعلى الرغم من ان اللجنة تواجه الضغوط والنقد المتواصل من عدة جهات بدعوى ان الالعاب الاولمبية اصبحت اسيرة لتجارب واستخدام المنشطات وان اللاعبين تحولوا من هواة وهو الامر الذي تشدد عليه الاسس الاولمبية الى محترفين, نقول على الرغم من ذلك الا ان اللجنة الاولمبية الدولية )IOC( مستمرة في عملها النبيل والدورات الأولمبية مستمرة في اهميتها ومكانتها العالمية العالية, فالحصول على ميدالية اولمبية اصبح شرفا عظيما لايضاهيه اي شرف آخر.
وعندما يحصل الرياضي على ميدالية اولمبية فانه يدخل التاريخ الرياضي من اوسع ابوابه ويسدي لبلده خدمة عظيمة من خلال رفع علم بلاده في احتفال سيتابعه ويشاهده مليارات من البشر, وليست هذه المكافأة فقط بل ان اسمه واسم بلده سيدون في سجلات التاريخ وستتناقله الاجيال جيلا بعد جيل انشاء الله.
وانطلاقاً من هذه الاهمية نرى ان كثيراً من البلدان الكبرى والصغرى على حد سواء يتنافسون على اعداد وخطف الابطال الاولمبيين او المتوقع بطولتهم, كما ان هذه الاهمية تدفع بلداناً فقيرة جداً الى حث ووعد رياضييها بانه في حالة الفوز بأي ميدالية اولمبية سيتم صرف مبالغ كبرى كمكافأة لهم مع العلم بأنهم بعد تلك الميدالية العالمية لايحتاجون الى مكافأة اخرى ولكن كثيراً من الدول انتهجت هذا الاسلوب لتخفيز رياضييها على الاستعداد المبكر والجيد والتركيز المستمر, هكذا استعدت كثير من الدول لهذه المناسبة في الوقت الذي استعدت فيه الدول العربية نقول العربية وليست السعودية أو الدول الخليجية وحدها بالنفخ والتطبيل الاعلامي كالعادة في كل اربع سنوات وبالتفاخر والتباهي بضخامة وعدد الوفد المشارك.
وباستعراض نتائج الدورات السابقة قد يتضح لنا بعض ملامح نتائج هذه الدورة المتوقعة, فخلال الدورات الخمسة والعشرين واحدة لم تقم اتت الولايات المتحدة الامريكية والتي حصلت منذ بداية أول دورة وحتى آخر دورة اقيمت في اتلاتنا 1996م على ألفين وتسع وسبعين ميدالية منوعة ويأتي بعد ذلك الاتحاد السوفيتي الذي لم يشترك الا اعتباراً من دورة 1952م والذي تحول الى الدول المستقلة حالياً حيث بلغ نصيبه 1522 ميدالية مع ملاحظة ان روسيا لوحدها حصدت 63 ميدالية في آخر دورة لتأتي بالمركز الثاني بعد الولايات المتحدة الامريكية والتي حصدت 101 ميدالية مما اهلها للحصول على المركز الاول, ثم يأتي بعد ذلك كثير من الدول الاوربية كألمانيا والتي حصلت على 806 ميدالية مع العلم بان المانيا الديمقراطية الشرقية حازت وحدها قبل الوحدة وهدم جدار برلين على 517 ميدالية وذلك على الرغم من ان الاخيرة كانت متأخرة للمشاركة في هذه الألعاب ثم بعد ذلك تأتي بريطانيا والتي حصدت 620 ميدالية.
وهناك من الدول التي أثبتت وجودها الأولمبي على الرغم من تأخرها في المشاركة كالصين مثلاً او لضعف امكاناتها وصغرها مثل كوبا او لحرمانها من المشاركة كثيراً كجنوب افريقيا , نقول إن هذه الدول وغيرها على الرغم من التحديات والعقبات التي واجهتها الا انها اثبتت بالفعل ان التطور الرياضي والانجاز الاولمبي ليس حكراً على الغرب فقط فالصين مثلاً والتي حازت على 164 ميدالية فاجأت العالم بانجازها على الرغم من انها لم تأت الا متأخرة الى هذه المنافسات الرياضية اول مشاركة كانت عام 1956م حيث كان من انجازات الصين الجبارة حصولها على 54 ميدالية في دورة برشلونة وعلى 50 ميدالية في دورة اتلنتا الأخيرة, اما كوبا، هذه الجزيرة الصغيرة المعذبة والمنهكة بسبب الحظر السياسي والاقتصادي الامريكي والدولي ومنعها من المشاركة في بعض الدورات احياناً او مقاطعتها لبعض الدورات احياناً اخرى، فقد قدمت مستويات أولمبية ممتازة وحصلت على 115 ميدالية مائة وخمس عشرة ميدالية منها 31 في دورة برشلونة و25 ميدالية في دورة اتلنتا الاخيرة, ولذلك فالكثير من المهتمين والمتابعين يرون ان انجاز كوبا، الجزيرة التي يقل سكانها عن العشرة ملايين، يعتبر احدى معجزات وألغاز الحركة والمسيرة الاولمبية.
والحق فان هذا الانجاز يعتبر من الانجازات الرياضية والتي يجب التوقف عندها,, كما تعتبر انجازات كثير من الدول كالصين والمانيا الشرقية جديرة بالدراسة.
وهناك كثير من الدول والتي قامت بجهود جيدة وعلى اثرها نجحت باجتياز الامتحان الاولمبي وان كان التقدير العام (مقبول) وحصلت على عدد من الميداليات, فجنوب افريقيا حصدت 60 ميدالية وايران 36 ميدالية واثيوبيا 17 وباكستان 10 ميداليات وحتى اسرائيل بلد الحرب وعدم الاستقرار والأقلية السكانية حصدت ثلاث ميداليات, بل ان هناك دولاً نعتبرها في عداد الدول المتخلفة رياضياً حصلت على انجاز اولمبي مشرف ككينا, فلقد حصدت كينيا 46 ميدالية نكرر ست واربعون ميدالية .
اما نتيجة المشاركة العربية وحصولهم على الميداليات الاولمبية فهي غير محبطة وغير مشجعة, فنصيب الدول العربية مجتمعة منذ بداية اول مشاركة عربية دورة 1928م وحتى آخر دورة كان 51 ميدالية، الذهبية 14 ميدالية فقط مع التذكير بأن الدول العربية عبارة عن 22 بلداً ويسكنها مايزيد على 250 مليون نسمة حسب آخر احصائية للامم المتحدة.
وفي هذا الحصاد والانجاز الرائع!!! حصلت مصر على 16 والمغرب11 والجزائر7 وتونس6 ولبنان4 وسوريا2 والجمهورية العربية المتحدة مصر وسوريا 2 والعراق 1 وقطر 1 وجيبوتي 1.
وفي الواقع فان الدول العربية لن تأتي في سيدني بجديد بل لن تأتي بمعجزة حقيقية بعيداً عن معجزات التطبيل الاعلامي العربي، لأن النجاح يتطلب معجزة, ومهما كثرت الترشيحات فان النتيجة النهائية سوف تكون مابين 4 الى 8 ميداليات منوعة.
وحتى لو حصلت معجزة التاريخ الرياضي وحصل كل مرشح على ميدالية فلن ترفع هذه النتيجة مكانة العرب مجتمعين الى صفوف الدول الأخرى الضعيفة والفقيرة متفردة, فالعرب مازالوا يحتاجون الى مجموع كبير من الدرجات لضمان اقل درجة من القبول والنتيجة المتوقعة ستكون غير مقبول في الدور الثاني .
فما هي الاسباب وراء هذا الاخفاق؟ وماهو المخرج او الحلول لتجاوز هذه الازمةوهذه النكسة!!! العربية الأولمبية؟أو ازمة الانجاز الاولمبي؟, اسئلة حائره ومحيرة تحتاج الى اجابة شافية ووافية, ولنا لقاء قريب لتحليل ودراسة هذه المشكلة وكل دورة أولمبية والقراء الكرام والمشاهدون العرب بخير ونقول لهم الله,, الله,, عليكم بالاستمتاع بالانجازات الأولمبية للدول الأخرى.
والله من وراء القصد.
kbahouth@Yahoo.com ص,ب 599 الرياض 11342 .
|
|
|
|
|