| محليــات
لا تزال المؤسسات التعليمية العليا تواجه حتى اللحظة طلبات الملحّين من الجنسين كي يجدوا منفذاً للقبول في الجامعات,.
مع أن الدراسة قد انتظمت لكن الرغبات شديدة، والآمال قائمة، في مواجهة غول الشباب والفراغ والجِدة,.
خطر لي أن أناقش فكرة الدراسة غير الانتظامية الانتساب بوصفها وسيلة من وسائل التغلب على ظروف الضغط في الأماكن والإمكانات المختلفة التي تقف عائقاً دون أن تفتح الجامعات الكبرى مصاريعها من أجل استيعاب كل من تنطبق أو لا تنطبق الشروط عليه!
فجامعة مثل جامعة الملك سعود كانت تطبق نظام الدراسة غير الانتظامية في بداياتها، تقف بشدة أمام الموافقة على هذا النظام ولها مبرراتها القوية والمقنعة,, ولكن ليس في هذا الوقت ,, ولعلّي أعني بهذا ما أجده في هذا الوقت من السبل والوسائل المتوفرة والمهيأة للدارسين غير الانتظاميين مما يرُد رفض الجامعة للنظام عند نقطة تتطلب منها إعادة التفكير بشكل جاد في هذا الأمر,.
فالجامعة تحرص على مستواها العلمي في الأداء,, وبالتالي فهي تتطلع إلى مستوى لخريجيها لا يقل عن طموحها في أن تكون الجامعة الأولى التي تمثل الصفوة والنخبة في أدائها ونتائجه,.
والسؤال: هل جميع من يدرس في الجامعة انتظاماً وفي كافة التخصصات يجد من العلم والخبرات والأساتذة والإمكانات ما يحقق هذا المستوى للجامعة؟ أو هذا المستوى للخريجين؟ والخريجات؟!,, هذا السؤال على درجة بليغة في الأهمية وبخاصةٍ أنه يرد من قلب الجامعة,,، كما أنه يحتاج إلى دراسة تتبعية دقيقة كي يجد الأسباب التي لا تساعد على تحقيق الطموحات العليا للجامعة ولخريجيها.
فإن وجد من الأسباب: تكدس الأعداد للمقبولين والمقبولات، وقلّة أعضاء هيئة التدريس مما لا يمكّن الواحد منهم من الوفاء بدوره على الوجه الأكمل، ولشحٍّ في الإمكانات وعلى وجه الخصوص في الجوانب التي تحتاج إلى التطبيق أو في المجالات الفنية و,,, و,,, لآخر ما يمكن أن يعيق دون الوفاء المئوي بكل هدف وبكل أمنية,, فإن الجامعة في بعض جوانب تنفيذ العملية التعليمية لا تُخرِج محصَّلة بأفضل مما يمكن أن تفعله الدراسة غير الانتظامية في الوقت الراهن لعدّة أسباب:
أولها: إن وسائل المعرفة والحصول على الخبرات العلمية أصبحت في متناول الجميع,,، إذ قبل عشرين أو أكثر أو أقل من السنوات كان الدارس غير المنتظم لا يجد المراجع، ولا المعلومات ولا تتوفر له المكتبات ولا توجد وسائل الاتصال السريع بمظانّ المعرفة,, أما الآن فقد انتشرت الوسائل السريعة والممكنة والمشبعة والقادرة على توفير ما لا يمكن أن يوفره أستاذ الجامعة في مدّة محاضرة تُذهِب في حصر أعداد الحضور جزءاً غير يسير من الزمن المحدد لها، وجزءاً في مداخلات الأستاذ وتجميع أفكاره، ويبقى ما بقي منها لمعرفة يقدمها كلٌّ بطريقته أدركها الحضور أو لم يدركوها، تمَّ ايصالها لهم أو لم يتمّ، و,.
ثانياً: إن الإحالة على مقتضيات المرحلة تؤكد أن الدارسين قبل ثلاثين عاماً أو أقل أو أكثر كانت دوافعهم للمعرفة الرغبة الأولى، ثم تأتي الرغبة في الحصول على وظيفة في الدرجة الثانية، لذلك كانت الأعداد شبه نخبوية ، أما الآن فإن التعلُّم من السِّمات الرئيسة للحياة في صورها الاعتيادية,, بدليل هذا الكم الهائل من حملة الدكتوراة بحيث فقدت هذه الدرجة وهجها وتميُّزها ودخلت في دائرة المستوى الاعتيادي للدراسة المنهجية,, ولا يتفاوت فيها إلا التميُّز الشخصي لحامليها وليست هي المعيار ولا ما يتعلق بها من مستويات درجية أعلى أو أدنى,.
من هنا فإن توفر وسائل المرجعية المعرفية على النطاق المجتمعي الواسع يساعد الجامعة على إعادة نظام الدراسة غير الانتظامية لأن الاسباب التي تجعلها ترفضها أصبحت لاغية,.
بينما التفكير في استقطاب العدد المتخلف عن الدراسة في مدينة كالرياض مثلاً يستدعي التفكير الذي لا يهدأ حتى يتم استيعابهم أمرَ ضرورة.
لذلك أقترح إعادة نظام الدراسة غير الانتظامية في جامعة الملك سعود وغيرها وبقية المعاهد والمراكز التي يمكنها التفكير في مخارج لتخصصاتها على الأقل في المقررات التي يمكن أن يُعتمد فيها على جهود الدارسين في التحصيل العلمي تحت إشراف الجامعات عن طريق الوسائل الحديثة الضامنة لتوفر الخبرات المقننة للتخصصات المختلفة، ومن ثم الثقة في أن العلم والتعلُّم حتى في الدراسة النظامية ليس حصيلة ما يتمُّ داخل قاعات الدراسة فقط وإنما هي جهود فردية على الوجه الأكبر من قِبَل كلِّ من يلتحقون بالجامعات وسواها للدراسة لأنها ضرورة حياتية ملحّة قبل أن تكون ترفاً فكرياً طارئاً.
|
|
|
|
|