| أفاق اسلامية
* كتبت فايزة الحربي
تشهد سجلات المحاكم العديد من القضايا الزوجية المتنوعة,, ومن بين تلك المشكلات مشكلة المرأة المعلقة ,, والتي سجلت الجزيرة بعضاً من حالاتها من خلال ألسنة صاحباتها، لتطرح للنقاش من قبل العلماء والقضاة والمعنيين بتلك القضية.
معلقة منذ ثلاث سنوات
تحدثت هدى ف, م من الدمام عن مشكلتها قائلة: في البداية كانت رفع قضية تتعلق بالبيت وأدرج من ضمنها طلب الطلاق مع تضمين الطلب أسباباً مقنعة بعدم أهلية الزوج للقيام بواجب الزوجية تجاه زوجته والأبوة تجاه أبنائه فطالت مدة القضية الى سنتين,, رئي بعدها أن ينظر أولا في مسألة البيت وتأجيل قضية الطلاق فيما بعد ظناً من القاضي ان سبب الطلاق طلبه ربما يكون الخلاف بشأن البيت وعندما يحل يتم التراجع عن طلب الطلاق,, ومع ذلك طالت عدد الجلسات والمدة دون حل جذري حتى ان القاضي نقل للمدينة فذهب تاركا القضية معلقة هكذا ليتولاها قاض آخر,, كان أفضل حيث استطاع ان ينهي مسألة البيت ويحكم في شأنه!
كان هذا القاضي مقرا باستحالة المعيشة مع هذا الزوج,, وبلغني من قاض آخر في محكمة أخرى بأنه سيتم مسألة الطلاق بعد انتهائه من قضية البيت لعدم توافق الزوجين كما رأى ذلك من خلال عدة جلسات ,, ولكن بعد ان انهى قضية البيت طلب ان نرفع طلبا آخر ونقيم قضية أو نتقدم بطلب طلاق مرة أخرى,, بدعوى نتقدم بها للمحكمة,, ومضى الآن على أول طلب ثلاث سنوات!!
فهل القضية صعبة حتى تستنفد من أعمارنا هذه السنوات الثلاث؟
لماذا المحكمة تطيل في اصدار الاحكام التي لو نظر لها بعين فاحصة تم انهاؤها في مدة زمنية وجيزة!
بالنسبة لقضية البيت,, أصدر القاضي حكمه ورفض الحكم الزوج فحولت على هيئة التمييز وحتى الآن هي بين يدي هيئة التمييز لها أكثر من ثلاثة أشهر؟
الى متى تبقى الزوجة معلقة,, مقيدة بتعسفات الزوج,, ومحصورة في نطاق أوامره ونواهيه وهي بعيدة عن بيت الزوجية من ثلاث سنوات؟
الى متى تحرم من الاستمتاع بمنزل بنته من مالها الخاص؟
تغير القاضي فانتهت المشكلة
وتروي السيدة ب, ر, ن, قصتها قائلة: تزوجته وتحقق لي الحمل مباشرة لكني اكتشفت انه يتعاطى المسكر والمخدر,, تركت منزل الزوجية وأنا حامل فرارا من سوء سلوكه,, طلبت منه الطلاق رفض,, وجهت طلبها جهة المحكمة,, كل الدلائل والبراهين والقرائن تؤكد سوء سلوكه,, ولكن المحكمة سلكت منهج التمديد في الجلسات، وأصبح الطفل له من العمر سنتان وما زالت القضية على وضعها في النهاية رفضت ذلك القاضي وطلبت تبديله,, وكان لي ذلك,, القاضي الجديد كان أفضل من سابقه وأكثر تفهما للوضع فكان لي الطلاق بعد بلوغ الابن ثلاث سنوات.
توفي أبنائي وعدت لزوجي
كما التقينا بالأخت ر, ب من الرياض والتي كانت عيناها حزينتين تعبران عن حزن كبير بداخل قلبها قصت علينا حياتها بكل حزن وألم قالت: شققت طريقي في الحياة وحيدة بعد أن تركني زوجي وأنا حامل بطفلي الثالث ورحل لمدينة أخرى وتركنا دون سبب وبدون أي احساس بالمسؤولية ودون نفقة وانقطع، عشت مع أبنائي الثلاثة عند اخواني كانت الحياة صعبة ومصاريف الأطفال أكثر صعوبة لم أجد سوى مساعدات من بعض اخواني رعاهم الله فوالدي متوفى يرحمه الله صبرت واحتسبت الأجر عند الله بعد مضي ما يقارب السنتين توفي ابني الصغير اثر مرض أفقده قواه, صعقت كيف هي الحياة بعد وفاة ابني ولكني عدت للصبر واحتسبت اجري عند من لا يضيع الأجر عنده، زوجي لم يرى ابنه الصغير ولم يحاول رؤيته ولم يتأثر عند وفاته وكأنه ليس ابنه لهذا الحد تصل قسوة القلوب!
تعبت كثيرا وعانيت مرارة الأحزان لسنوات طوال واصررت على متابعة دراستي والتحقت بالثانوية واتممتها بجدارة وعند التحاقي بالجامعة لا أعرف كيف علم زوجي لم أشعر الا وزوجي يطالبني بشدة للعودة له وترك الجامعة عاندت وكابرت فالجامعة سلاحي في مستقبلي ومستقبل ابنائي لرعايتهم وحمايتهم فلم أعد أثق بزوجي طالبته كثيرا بالطلاق دون جدوى.
اقتربت من التخرج وحان قطاف الثمار ولكن يشاء الله ولا مانع لقضائه ان يأخذ روح ابني الأوسط في حادث سيارة أليم لم تسع الدنيا أحزاني بكيت وبكيت ومالي سوى الله يواسيني، عاد زوجي في طلبه وكأن قلبه رق علينا من شدة ما لقينا وليعوضني وابني الذي بقي لنا في هذه الدنيا، لم استطع الرفض فحياتي أصبحت جحيماً وأملي ان يعوضني الله خيرا واتممت دراستي الجامعية وعدت لزوجي عله يتحمل بعض المسؤوليات عني.
زوجي أدمن المخدرات
أما الأخت مها من جدة فقالت: تزوجت وعشت سعيدة مع زوجي يتقاسم سعادتنا أبنائي لم تكن الحياة أمامنا الا آمالا جميلة تسعدني في تحقيقها وفجأة دون سابق انذار داهمنا شيطان حطم حياتنا الأسرية وحطم المنزل الجميل الذي سعينا سنوات لبنائه حيث أدمن زوجي المخدرات تحول من انسان في قمة الطيبة الى انسان شيطاني تثور ثائرته عند فقدان المخدر يتصرف أحيانا دون وعي خفت على أبنائي وعلى نفسي منه حاولت مرارا أن يترك المخدر دون جدوى لم يبق لي سوى الانتقال لمنزل أهلي عساه ان يعود لرشده ويلتحق بمستشفيات الأمل لكن يرفض زوجي العلاج ويطالبني بالعودة عدت عدة مرات وعادت مآسينا ولكن بعد مضي عشر سنوات على حالنا هذا فكرت بالطلاق رغم انني احبه وأتمنى أن يعود لي وهذا ما يجعلني اتردد مررت قبل شهرين بمصيبة كبيرة قد تكون سببا في عودتي لزوجي فقد اصيب أحد أبنائي بالسرطان الخبيث في المخ وأحتاج كثيرا لمساندته كي نسعى في علاج ابني ورعايته, قلبي يتقطع كثيرا والحزن يمزقني فلا أدري ما سأفعل وكيف أواجه هذه المصائب الكبيرة فالحمد لله على كل حال.
رحل زوجي إلى قريته!
وتروي الأخت م, ح من جدة معاناتها قائلة: تزوجت في الرابعة عشرة من عمري وأنا أدرس في الكفاءة واحببت زوجي رغم انه يكبرني بثلاثين سنة ولا يملك أي مواصفات تغيره عن غيره فلا جمال ولا مال ولا حسب والحمد لله رضيت بنصيبي ورزقت بطفلين منه هما زهرة حياتي بعد مضي ثلاث سنوات على زواجنا صارحني بمشكلة مع زوجته الثانية والتي هربت منه الى مكة مع ابنتها الصغيرة ولا يعرف عنها شيء وانه يود ان يأتي ببقية ابنائه منها ليعيشوا معنا تحت رعايته فجدتهم عجوز لا تقوى على تربيتهم وافقت عن طيب خاطر وبذلت قصارى جهدي لرعايتهم كأبنائي تماما حاولت ان أعوضهم حنان الأم المفقود بدأت حياتي تتغير تماما للأسوأ بسبب زوجي فبدل أن يزداد حبه واحترامه لي أخذ يسيء لي كثيرا ويهملني ويعاملني كأنني خادمة لدى أبنائه فهل الطيبة تتحول إلى عذاب بعد مضي خمس سنوات أراد زوجي الرحيل الى قريته النائية والتي تفتقد للكثير من الخدمات الأساسية اعترضت فمن شروط زواجنا ان تكون الاقامة في مدينة جدة حاولت معه البقاء دون جدوى ورحل وتركني مع طفلي الصغيرين دون مصاريف أو اهتمام عشت مع والداي المريضين أرعاهما مع أبنائي فأبي مشلول وأمي مصابة بالسكر واصبت بالغرغرينة أعاذكم الله منها خدمت الجميع بكل تفان رغم ذلك عانيت من حياتي كمطلقة فأجد الضرب من اخواني ويدفعهم لذلك والدي على اتفه الأمور وأكملت دراستي الجامعية بتقدير ممتاز بعد مضي خمس سنوات عاد زوجي يطالبني الرحيل معه وشكى لي حياته التي تحولت الى جحيم من بعدي وانه وجد زوجته السابقة واعادها في ذمته لتربي ابناءها ولكن تفاجأ بأن زوجته سافرت مع ابنائها هاربة الى جدة دون علمه ورفضت العودة وهو الآن يريدني بأي طريقة للرحيل معه وليعوضنا عن ما فات وافقت لأنه سيكون أرحم علي من والداي اللذين لم يتوانيا عن اذلالي ومهانتي وتعذيبي رغم انني اتفانا في خدمتهما, ولكني أطمح أن أجد الوظيفة المناسبة معه وأن يوفر لي منزلا هادئا بعيدا عن معاناتي السابقة.
التعصب من والدي!!
وتبدأ الأخت بدرية برواية مشكلتها قائلة: تزوجت من أحد أقاربي وقد سبق له ان دخل السجن بسبب ادمان المخدرات زوجني ابي متعصبا لقرابتنا وأملا في هدايته عشت في البداية حياة جميلة ورزقنا بطفل غنت لنا الحياة من بعده عمل زوجي في الشاحنات وكان دخلنا يكفينا لحياة طيبة لكن عاد زوجي للمرارة للادمان وابى الا ان يحطم قلوبنا وأسرتنا في أحد الأيام دون سابق انذار تركني عند أهلي وأخبرني بأنه لن يعود وسيطلقني لا أدري كيف تحملت هذه المصيبة وتركني سنوات طالب والدي بالطلاق ولكن زوجي يرفض رغم ان هذه رغبته سابقا تركني معلقة والآن مضت ثلاث سنوات دون جدوى ولا أعلم ما أفعل فالمحاكم تحتاج لوقت طويل وشخص متفرغ وأنا حالي معلق فأحب أن أوجه كلمة للامهات والآباء ان يحذروا من المخدرات ويحذروا أبناءهم ويحرصوا على مراقبتهم حتى لا يقعوا في حبالها التي تهدم البيوت وتشتت الأسر, حفظ الله الجميع من شرورها.
القضاة يتحدثون!
وبعد ان عرضنا مشكلة مجموعة من الأخوات المعلقات,, والتي غالبهن يشتكين من تأخر حل مشكلاتهن,, وان القضاة هم من الأسباب الرئيسية في زيادة مدة تعليقهن,, فطرحنا ذلك على القضاة أنفسهم حيث قال فضيلة الشيخ ابراهيم بن صالح الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض: نعم هذه مشكلة صحيحة والقضاة سبب من أسباب تعليقهن لأن القضاة قد يؤخرون هذه القضايا لوجود أولاد فيريدون ويحاولون ان يجمعوا الشمل أو أن يكون الحل نابعا من الأسرة ولهذا السبب يؤخرون بعض القضايا الزوجية للنساء المعلقات تعجب من امرأة عاشت مع زوجها ثلاثين سنة ثم تأتي بعد أن أتت له بدرزن من الأولاد والبنات وتقول هذا ما يصلح لي، اكتشفت انه لا يصلح لي زوجا ثم بعد أن يؤجل القاضي القضية سنة أو سنتين أو قل ثلاثا ويتأمل يجد ان الأسباب تافهة أحقر من أن تذكر وهي ان فلانة تزوجت برجل ثري وهذه برجل فقير فهي طمعت ان يطلقها ثم تتزوج بثري آخر ونحو ذلك من الأسباب التي تضحك وتبكي في آن واحد، فينبغي حقيقة لنسائنا المعلقات أن يمعن النظر وأن يكون للواعظين والخطباء والدعاة الاعلاميين مساهمة فاعلة في معالجة هذه المشكلة مع القضاة، والقضاة وحدهم لا يتحملون الحمل وحدهم وانما يتحملون ما يعرض عليهم ويبتلون به نسأل الله لنا ولهم التوفيق.
العلاج الرباني للنشوز
أما فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محاكم منطقة تبوك يقول: لا يخفى على ذي بصيرة وعلى من اطلع على المشكلات الزوجية ان الخلاف الزوجي متشعب وله أسباب كثيرة وان هناك أمورا قد تكون من خارج المحيط الزوجي ولعل من سنة الحياة ان يكون هناك الخلاف الزوجي والا لما شرع العلاج الرباني للنشوز الوارد في سورة النساء وغيرها قال تعالى: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً الآية التي بعدها.
اذن الخلاف الزوجي متوقع وغير مستبعد لكن هناك من يستعجل ولا يسلك الطريق الشرعي في العلاج وهذا من أسباب اطالة الخلاف وقد يكون من أسباب التعليق اذا استدعى الأمر عرض الموضوع على القضاء فالغالب ان القضاة يبتون في القضية ولا يكون هناك تعليق لها بسبب من المحكمة ولو فرض ان القاضي حكم بالانقياد لأسباب شرعية فعدم انقياد الزوجة يأتي من قبلها وليس من قبل المحكمة ثم لو فرض انه حكم عليها بالانقياد وهي غير مقتنعة فأمامها الاستئناف وهو طلب تمييز القضية,أما قضية تعنت الازواج فالأمر اذا عرض على المحاكم فلا يترك وتعنته بل لابد من ايجاد مخرج شرعي ينهي القضية سواء بالطلاق أو الانقياد والله الهادي الى سواء السبيل.
قضية التعليق قضي عليها!!
أما فضيلة الشيخ د, صالح بن غانم السدلان استاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بالرياض فيقول: مشكلة المرأة المعلقة وهي قضية تعني المرأة اذا كان منها نشوز وأدى الى ان ترافعا الى القضاء فان بعض القضاة يعلق هذه المرأة بمعنى انها لا تكون زوجة ولا مطلقة وتبقى عند أهلها ولا تمارس حقوق الزوجية وان كانت في عصمة الزوجية باقية فتبقى ثماني سنين أو عشر سنين أو نحو ذلك ولا شك ان المرأة لها اسهام في هذا بعدم التجاوب والامتثال لأوامر الزوج وكذلك أيضا الزوج وعدم انصافه لنفسه وغير ذلك من الأمور لكن الذي أقوله أخيرا ان موضوع تعليق المرأة هذا أمر قد انتهى وصدر فيه فتوى وانه لا يحكم بتعليقها أبدا فاما ان تعود الى بيت زوجها وتمارس ما لها من حقوق من ناحية الزوجية، وكذلك الزوج بالنسبة لها وأما أن يطلق أو يخالع أو تفسخ أو غير ذلك من الأمور، وأما قضية التعليق فقد قضي عليها وانتهت والله أعلم.
|
|
|
|
|