أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 15th September,2000العدد:10214الطبعةالاولـيالجمعة 17 ,جمادى الثانية 1421

أفاق اسلامية

خطورة الهَجر والقطيعة
بسم الله والحمد لله وحده وبه نستعين وصل اللهم على من لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فإن الإسلام تميز بخصائص كثيرة، منها: الحرص على تنمية العلاقة الإيمانية بين الناس من أهل الإسلام والإيمان قال الله تعالى: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون وقطع كل أسباب العداوة والبغضاء والتباعد والشتات والحسد والقطيعة، والوسائل التي جاء بها ديننا لتقوية العلاقات بين المسلمين والأساليب الواردة في قطع أسباب العداوة والبغضاء كثيرة، فمثلاً انفصام العلاقة بين بعض المسلمين وهو الهجر وهو كبيرة من كبائر الذنوب، وقد بلغني عن انفصال وفراق زوجين، وكذلك عن اثنين قريبين لبعضهما لم يحصل بينهما كلام أو سلام منذ سنين، فتناقشت مع بعض أهل الفضل فذكروا لي أمثلة كثيرة من الواقع فأحببت أن يكون هذا الموضوع عظة وذكرى لي ولإخواني المسلمين، عسى أن ينفع الله تعالى بها, فقد ورد في النهي عن الهجر منها ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنهما أن البشير النذير صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال وفي لفظ لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلقاه هذا فيعرض عنه، وأيهما بدأ بالسلام سبق إلى الجنة وروى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام وروى أبو داود في سننه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يكون لمسلم أن يهجر مسلماً فوق ثلاثة، فإذا لقيه سلم عليه ثلاث مرات كل ذلك لا يرد عليه فقد باء باثمه وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان الرجيم يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب فتحول إلى فتنتهم بأمر آخر يشغلهم به عن عبادة ربهم، ويغضب عليهم الله عز وجل، وهو التحريش بينهم وإيقاد العداوات وإشعال نار الأحقاد, ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم فإن الخلاف والخصومات والقطيعة لا شك أمر واقع بين الناس ولكن أهل الإيمان وإن اختلفوا في أمر من الأمور الدينية أو الدنيوية فإن ذلك لا يدفعهم إلى البغي والعدوان وإهدار الحقوق فإن الهجر عنوان على قطع جميع الصلات وإهدار المودة، وقد تبين أن الهجر هو: ترك الشخص محادثة الآخر إذا تلاقيا أو مفارقة المؤمن كلام أخيه مع تلاقيهما وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه عند الاجتماع، والرواية الأخرى فيعرض هذا، ويعرض هذا قال الإمام مالك رحمه الله لا أحسب التدابر إلا الإعراض عن أخيك المسلم فتدبر عنه بوجهك إن المسلم لايبغض أخاه ولا يحسده ولا يقاطعه بل هو أخ لكل مسلم إذا تألم تألم لألمه وإذا فرح فرح بفرحه يغض الطرف عن الزلات، ويتحرى ترك المناقشة على الهفوات فإذا وقع المسلم في هجر أخيه فقد وقع في معصية عظيمة، وحتى نتبين عظم خطر الأمر وأضراره وآثاره منها:
1 أن الله سبحانه أمرنا بالتعاون على البر والتقوى، لأن الهجر يعطل طاقة الخير في المتهاجرين بالنسبة إلى بعضهما فلا يتعاونان في فعل بر ولا يجتمعان على مصلحة شرعية, وكثيراً ما يتحجج المتقاطعون في ترك أبواب من الخير بوجود الآخر فيقول الواحد لن أفعل العمل الفلاني لأن فلاناً معكم أو نحو ذلك، وقد يطول الهجر مما يجعل المتهاجرين لا يجتمعان على خير أبداً فقد يترك أحدهما أو كلاهما عيادة مريض أو تشييع جنازة لئلا يقابل خصمه هناك.
2 أن الهجر يفضي إلى ألوان أخرى أشد من أنواع القطيعة كعقوق الوالدين إن كان المهجور والداً أو قطيعة الرحم إن كان المهجور قريباً وقد ورد في التحذير من العقوق وقطع الارحام ما يكفي في ردع كل مسلم عن هذا الفعل.
3 أن الهجر يجرئ المسلم على أنواع القطيعة الأخرى فمن ألف هجر المسلمين وعدم السلام عليهم سيتجرأ على ماهو أكبر كعقوق الوالدين وقطيعة الرحم.
4 ان في الهجر تعطيلاً لحقوق المسلمين فإنه إذا تهاجر مسلمان لم يؤد أحدهما حق الآخر فلا يسلم أحدهما على الآخر، ولا يرد سلامه، ولا يعوده إذا مرض، ولا يشيع جنازته إذا مات.
5 أن الهاجر لأخيه سيفرح إذا أصابت المهجور مصيبة كما يحزن إذا أصابه خير وهذا مناقض للمسلم الحق ولروح الإسلام كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه .
6 أن المتهاجرين محرومان مما يفيض الله على المسلمين في مواسم الخير فأعمالهما موقوفة حتى يصطلحا, ولو لم يكن من قبائح الهجر إلا هذا لكان كافياً في الابتعاد عنه ففي الحديث الذي أوردته آنفاً تعرض أعمال العباد في هذين اليومين فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبداً كانت بينه وبين أخيه شحناء .
7 أن الهجر فيه انعزال، والإسلام ينهى عن ذلك ويحض على الجماعة ففي الحديث الذي رواه أحمد والطبراني واللالكاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد .
8 أن المتهاجرين يتجه كل منهما إلى تعيير خصمه والفرح والسرور في إفشاء عورته وأسراره وذكر عيوبه والكذب عليه وغيبته بل قد يصل الأمر بالبعض إلى اللعن أو البهتان أي ذكر ما ليس فيه ونحوه، وقد يحزن إذا رأى أخاه أو صديقه المسلم مسروراً، ولذلك ورد في الحديث من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه وهذا يدل على ما يصل إليه انحطاط بعض الناس بسبب شكهم بالهجر المملوح الممقوت بحيث لو استطاع أن يقضي على خصمه ما تأخر لحظة.
9 أن الهجر يفوت على صاحبه ثواباً عظيماً وفضلاً جسيماً، وسلامة القلب والصدر وحب الخير للناس أمره عظيم قال صلى الله عليه وسلم: أفضل الناس كل مخموم القلب صدوق اللسان, قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب قال: التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد فانظروا عظم وخطر الهجر والتباغض والتدابر واحذروا مخالفة أوامر الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم واعلموا أن الهاجر لأخيه وإن ظن أنه سيرتاح من المشاكل كما يزعم سيبقى طوال عمره في غم وهم ونكد يتربص بأخيه الدوائر, ولو أنه غض الطرف وأصلح لكان خيراً له وأطيب لقلبه, وقال الرحيم واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام وقال سبحانه: وآت ذا القربى حقه وقال الحكيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله علكيم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون وقال سبحانه وتعالى فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين وقال سبحانه وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم وقال العفو الكريم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين وقال سبحانه وتعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون وقال الحكيم يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم وقال الرقيب الحليم ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم وقال سبحانه يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيماً وقال صلى الله عليه وسلم: التوبة تجب ما قبلها وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له قال الغفور الرحيم: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم وأنت يا أخي المصلح (الطرف الثالث) فابشر بالخير إن شاء الله وبالأجر العظيم من الله الكريم إن صلحت النية وأخلصت العمل لله تعالى وحده لا شريك له, ولا تنس أنك إذا حسنت وأصلحت علاقتك بالله تعالى بطاعته واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم على طريقة السلف الصالح، فثق بأن علاقتك مع الخلق سوف تصلح وسوف تلاحظ المحبة والمودة والبشاشة بإذن الله تعالى,,, والله سبحانه وتعالى أعلم,,, أسأل الله الكريم الرحيم أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم وأن يصلح نياتنا وأعمالنا وأحوالنا، كما أسأل القريب المجيب أن ينفعني وإياكم بما نسمع ونقول وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يصلح ذات بيننا وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يرزقنا العلم النافع والتسامح والحلم والأناة الذي نطرد به الجهل والغضب، كما نسأله سبحانه أن يوفق علماءنا وولاة أمورنا لما فيه خيري الدارين ويجزيهم خير الجزاء لما هيؤوه لنا من دروس وحلق علم في المساجد وإذاعة القرآن وغيرها من الفرص المتاحة، وأن يوفقنا لتحقيق كمال التوحيد الذي يؤهلنا به الله سبحانه لدخول الجنة بغير حساب، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يحسن خاتمتنا وصل اللهم على نبينا الحبيب البشير النذير وعلى آله وأصحابه وعلى المهاجرين والأنصار والتابعين وكل من نصر الدين من المسلمين وعلينا معهم برحمة أرحم الراحمين، آمين.
أبو ريان - الرياض

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved