أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 15th September,2000العدد:10214الطبعةالاولـيالجمعة 17 ,جمادى الثانية 1421

الثقافية

وينفض سامر ندوة الخميس
د, حسن بن فهد الهويمل
عمالقة الفكر والأدب، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر والموت غاية كل حي، ويجب أن نستعد لما بعده.
إذا مات الاستثنائيون هل يخلد من دونهم، الموت حق ونهاية طبيعية لكل حي، ومن ثم فليس غريبا أن يقال: مات فلان وما من صرخة وضع إلا وتليها أنة نزع طال الزمن أو قصر والاسلام أباح الحزن والبكاء، ولكنه منع السخط والاعتراض على القضاء.
والمسترجعون الصابرون المحتسبون موعودون بصلوات الله ورحمته وهدايته.
وعلامة الجزيرة حمد الجاسر حين يموت يحس الوسط الفكري والأدبي والعلمي بفراغ، وينتاب أفراده الألم والحزن فشخصية كالجاسر من العمالقة، والعمالقة يتركون فراغا وقد لا يسد مكانهم، والأمة حين تصاب بنخبها ينتابها الألم والاحساس بالوحشة ولكنها تتجاوز محنتها بالتصرف الايجابي إذ الموت من النوازل المرتقبة.
عرفت العلامة في مطلع حياتي ورجعت إليه واستزدت من علمه وأنا أعد رسالة الماجستير عن اتجاهات الشعر العربي في نجد وكان يرحمه الله حفياً بمن يتزود من معارفه، وتعمقت صلتي به فيما بعد وكنت كلما زرت الرياض هاتفت الزميل سهم الدعجاني لترتيب زيارته وحضور ندوته التي يعقدها صباح كل خميس.
وكان يؤتى به يتهادى بين رجلين حتى إذا أخذ مكانه بين طلبته ومحبيه تجلت امكاناته وبهرتك سماته المعرفية وتدفقت مشاركاته وكانت ندوته رحمه الله ملتقى الأدباء والعلماء وكبار المسؤولين وكان في نيتي أن أزوره في ندوته ولكنني فوجئت بمهاتفة الاخوة بجريدة الجزيرة، ثم سمعت ذلك من بعض القنوات الفضائية.
والعلامة حمد الجاسر من أعلام الفكر والأدب في الوطن العربي وله اسهاماته ومشاريعه التي ستكون مدرجة واضحة المعالم لكل المهتمين بتاريخ الجزيرةالعربية وجغرافيتها، وقد انجز الكثير في هذا المجال، حتى لقد أثنى عليه عمالقة الفكر والأدب ولا أحسبني قادرا على تناول مشاريعه العلمية والتاريخية في لحظة ألم كهذه، والأوفياء من أصدقائه وأبنائه والمستفيدين من علمه الغزير سيغطون جوانب مهمة من حياته الحافلة بجلائل الأعمال، وسوف يواصلون ما انقطع بموته لكيلا يترك موته فراغا في مجال مهم.
لقد كان رحمه الله جواب أرض تقاذفته فلوات وراء تراث الأمة العربية والاسلامية في مكتبات العالم وكان دأبه ودربته ودرايته سببا من أسباب اكتشاف كنوز الحضارة الاسلامية المبعثرة في مكتبات العالم، وكم من اكتشاف حققه غير به المسلمات ووصل به الحلقات، ولأنه خبير بالتراث حفي به فقد كان له اسهاماته التي يثمنها أرباب صناعة الكتابة.
وما من عمل جليل في خدمة التراث إلا كانت له اليد الطولى.
ولعل آخر مشاريعه مجلته العلمية العرب حيث رصد من خلالها أعمالا في غاية الأهمية واستمر يغالب الظروف الصحية والمشاغل والطموحات الواسعة حتى أدركه الموت، وعلى الرغم من اعتلال صحته وضعف بصره وتقدم سنه فقد ظل حاضرا بمقالاته ومجلته وندوته التي يحضرها كبار العلماء والمسؤولين.
ومما يثلج الصدر أنه كان في حياته محظياً بالاحترام والتقدير من كل الأوساط الرسمية والعلمية، وقد حصل على جائزة الدولة وجائزة الملك فيصل ومنح الأوسمة وشهادات التقدير، وهيئت له الأجواء المناسبة لمواصلة العطاء.
رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته والهم أبناءه الصبر والسلوان.
ومن حقه علينا الدعاء بالمغفرة وتضافر الجهود لمواصلة مسيرته وحفظ تراثه واعادته الى المشهد الثقافي عبر دراسات أكاديمية وتطوعية والاجتهاد في سد الفراغ الذي سيتركه.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved