أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 15th September,2000العدد:10214الطبعةالاولـيالجمعة 17 ,جمادى الثانية 1421

الثقافية

علامة الجزيرة في ذمة الله
* كتب المحرر الثقافي
غيّب الموت فقيد الثقافة والأدب والتاريخ علامة الجزيرة الشيخ المحقق حمد بن محمد الجاسر الذي انتقل الى جوار ربه بعد معاناة مع المرض ظل معها مواصلا البحث والكتابة والتأليف حتى آخر أيامه رحمه الله .
ومن المفاجآت في حياته رحمه الله أن أهله قد حفروا له أربعة قبور حية يئسوا من حياته بسبب الأمراض التي اعترت جسده الهزيل في صغره فلم يكن يحسن المشي حتى الرابعة وتشاءم اهله من مستقبله الصحي، وعاش أكثر من تسعين عاما ممتلئة بالعطاء والإنجاز ليدفن في القبر الخامس الذي سيواري جسده تغمده الله برحمته .
ابتدأت مسيرته من قرية البرود في إقليم السر ، وكتب عن ذلك الدكتور يحيى جنيد في مقدمة مؤلفه:
حمد الجاسر : دراسة مع بلوغرافيا مختارة من أعماله المتعلقة بالجزيرة العربية,.
بزوغ نجم
قرية البرود القابعة على حافة الصحراء غرب النفود في اقليم السر بمنطقة نجد العام 1328ه 1908ه يبزغ نجم إنسان من رآه حينها لم يدرك أي شأن سيناله في قادم الزمن .
الدكتور علي جواد الطاهر كتب في كتابه معجم المطبوعات العربية : ان الجاسر ولد عام 1327ه في أسرة فقيرة تشتغل بالزراعة في قرية البرود , وسواء كان ميلاده عام 1327ه أو 1328ه فليس هناك من فارق واسع بين التاريخين وغالب الظن انه ولد فيما بين التاريخين، أي نهاية عام 1327ه أو بداية عام 1328ه وليس هنالك بيان دقيق لأنه لم يكن في ذلك العهد، قيد لضبط تواريخ الميلاد.
البداية مرض ووهن
يقول الجاسر عن الفترة الاولى من حياته:
عشت بداية حياتي عليلا إذ لم أكن أحسن المشي حتى السنة الرابعة من عمري ويبدو ان المرض الذي كان يعتوره بين حين وآخر وضعفه وهزاله، دفع بأهله الى التشاؤم حول مصيره، فهو يقول عن هذا الأمر:
اخبرتني اختي بأن أهلي حفروا لي أربعة قبور, أي ان اليأس في حياتي اعترى اهلي اربع مرات بحيث كانوا يهيئون القبر لي غير ان غيري كان يدفن فيه في كل مرة .
وحين شعر والده بعدم جدواه في اعمال الفلاحة، ارسله الى كتاب في قرية مجاورة هي حزمية ، فبدأ مشواره العلمي بقراءة القرآن الكريم كاملا على يد الشيخ عبدالله بن ابراهيم، ثم ارسله والده لاستكمال تحصيله العلمي في الرياض عام 1341ه وهو ابن ثلاثة عشر عاما وهناك اخذ على نهج السلف عن مجموعة من المشايخ الذين اشتهروا في تلك الفترة فقرأ شيئا من المتون كالاجرومية لابن أجروم، والاصول الثلاثة وآداب المشي الى الصلاة للشيخ محمد بن عبدالوهاب وملحمة الاعراب للحريري, بعدها ترك الرياض قاصدا مكة المكرمة عام 1348ه وهناك التحق بالمعهد الاسلامي السعودي اول مدرسة نظامية تنشأ في العهد السعودي .
أنا
قال عن نفسه في حديث ذكريات سابق عينت مدرسا في مدرسة ينبع الابتدائية بعد تخرجي في المعهد السعودي في مكة المكرمة متخصصا في القضاء الشرعي لكنني فضلت العمل في التعليم لأسباب خاصة وكنت وانا طالب في المعهد اقوم ببعض الاعمال الاخرى، ففي اول الامر عينت اماما لمسجد ابي قبيس المطل على الحرم الشريف, بعد ذلك كان احد اخوال ابي قائدا في الهجانة برتبة شاويش في قلعة اجياد وهو حمود الفايز، من أهل آل فايز الفرعة في الوشم, فأراد مساعدتي من الوجهة المادية في وقت احتجت فيه الى المساعدة فعينني في سلك الجندية الهجانة بوظيفة مطوع في تلك القلعة وهذا لا يتعارض مع استمراري في الدراسة فما كان العمل يتطلب مني سوى الحضور بعض الاوقات التي تستلزم ذلك، ثم سعى في نقل وظيفتي للعمل في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في مركز محلة القرارة عند نقل عدد من جنود الهجانة الى العمل في تلك الهيئة مع استمراري في الدراسة في المعهد، حتى اكملتها, وحين انتقلت الى بلدة ينبع في اول وظيفة تعليم قمت بها احسست بكثير من الراحة والاطمئنان في تلك البلدة الطيبة.
وازداد تعلق التلاميذ بي لانني سرت معهم على طريقة غير مألوفة عندهم، اذ كنت اتبسط معهم في حالة التدريس وابذل ما في استطاعتي لتشويقهم بما القي عليهم من معلومات تستهوي نفوسهم وكنت لا اجلس فوق الكرسي المعد للاستاذ حيث كان التلاميذ اذ ذاك يجلسون على الارض بينما استاذهم فوق الكرسي واسير في الدراسة بطريقة سهلة فاتخذ من القصص التي يرتاحون لسماعها وسيلة لادخال المعلومات في اذهانهم واعاملهم بمنتهى الرفق واحرص على ان اتولى التدريس في الفصول الاولى المخصصة لصغار التلاميذ بينما كان الاساتذة لا يرغبون في الغالب الا في التدريس للمتقدمين في السن.
من هنا قويت صلتي بالتلاميذ، ولهذا كنت اذكر ايامي في تلك البلدة الكريمة احسن الذكرى وفي كتابي عنها بلاد ينبع لمحات وانطباعات خاصة تحكي طرفا من تلك الذكريات.
ثم توليت ادارة التعليم في نجد سنة 1368ه ولم يكن اذ ذاك قاصرا على المدارس الحكومية بل كانت الكتاتيب ايضا منتشرة في كثير من المدن، فالمدارس الحكومية في اول عهدها لم تكن على درجة القوة والتنظيم بحيث تجتذب جميع الطلاب، بل ان كثيرا من اولياء التلاميذ يرون في الكتاتيب الاهلية من وسائل التشويق من ابرزها الصرامة والشدة ما يرغبهم في الحاق ابنائهم بها, ثم ما زال الاقبال على المدارس الحكومية يتزايد بتزايد تنظيمها وقوتها حتى اقتصر التعليم الاهلي على ما يقوم به بعض ائمة المساجد وهو في الغالب لا يعدو تعليم القرآن الكريم وبعض مبادىء أصول الدين.
حين توليت ادارة التعليم وجدت من الملك سعود، رحمه الله وكان وليا للعهد مؤازرة وتعضيدا ومساعدة وادركت منه رغبة قوية بأن تنال البلاد نصيبا وافرا من جميع متطلبات تقدمها ورقيها، ومن هنا كنت متطلعا الى الاستمرار في عملي الا ان الشيخ محمد بن ابراهيم بعد عودته من رحلة الى مصر حدث الملك عبدالعزيز رحمهما الله فيما حدثه عن تلك البلاد فاثنى على المعاهد الدينية الملحقة بالازهر فما كان من المغفور له الملك عبدالعزيز الا ان أمر بأن يفتح في الرياض معهد ديني وكان الشيخ رحمه الله والمحيطون به بحاجة الى من لديه المام بمناهج التعليم الحديث ليساعدهم في انشاء هذا المعهد فنقلت بأمر ملكي، ولما كان الشيخ محمد ليس في استطاعته مباشرة ادارة المعهد بنفسه لظروفه الخاصة فقد ترك ذلك لاخيه الشيخ عبداللطيف واسند اليّ وظيفة معاون مدير المعهد .

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved