المكرم رئيس تحرير صحيفة الجزيرة حفظه الله
لكل عصر رجاله,, شئنا أم أبينا ,, إلا أننا في هذا العصر نرى أن كثيرا من الرجال تخلوا عن صفاتهم الرجولية وتنازلوا عنها لأسباب دنيوية وتأثيرات طمست العقول والقلوب,.
أقنعة زائفة,, ظاهرها الانضباط وباطنها الانحطاط,.
لذا لا بد أن نقف في بداية حديثنا وقفة صادقة وفي رحاب القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لمواجهة متطلبات ومتغيرات هذا العصر المؤلم الذي تبدلت فيه أحوال كثير من الرجال وطغت فيه المادة على كل شؤون الحياة,.
والمتأمل الحكيم هو من جعل قول الله عز وجل والعصر إن الإنسان لفي خسر , إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات, وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر نصب عينه وجعله نبراسا يضيء حياته ومن ثم ينعكس هذا الضياء على من حوله,, ثم لا يلبث ان يتذكر قول الحق تبارك وتعالى ألهاكم التكاثر , حتى زرتم المقابر ,, إلى آخر السورة.
فهاتان السورتان أغفلهما كثير من الناس حتى أصبحوا يعيشون وكأنهم أجساد بلا عقول والتي ميزهم الله بها عن سائر المخلوقات ,, وإن كانت هذه المخلوقات تتفوق عليهم في بعض غرائزها وخاصة منها العاطفية, ومما يحز بالنفس ويؤلمها بل ويجعلها تتحسر ما تلاقيه بعض نسائنا من جفاء وعدم تقدير واحترام وإن كانت الوجوه الأخرى التي نشاهدها تخفي وراءها الغدر والخيانة وعدم الثقة في مجتمع إسلامي ينبذ كل هذه الصفات,, أين هؤلاء الرجال من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع,, ألا واستوصوا بالنساء خيرا.
إن كثيرا من الرجال المتخلين عن رجولتهم نسوا او تناسوا أن أفضليتهم بدأت تتلاشى من تحت أرجلهم لتتجه للنساء,, بل إن بعض صور واقعنا الآن تشير دلالاتها إلى اعتلاء المرأة على الرجل وتفوقها عليه في كثير من الأعمال والادوار التي تلعبها , وهذا واقع لا مفر منه,, إذا لم يتدارك الرجال ذلك فإن رجولتهم سوف تنعدم عندها يقع الفأس بالرأس ولا ينفع الندم.
وفي حديثي هذا سوف أخص المرأة العاملة المتزوجة وكذلك غير المتزوجة مستثنياً المرأة التي لا تعمل لأي سبب كان,, يقولون: المرأة نصف المجتمع وهي الأم والأخت والزوجة والابنة والعمة والخالة,, تتحمل الصعاب، لها أحاسيسها ,, لها ظروفها ,, لها علاقاتها ,, لها أعمالها,, لها لها ,, الخ منهن الطبيبة والمهندسة والمعلمة والموظفة والشاعرة والكاتبة,, تعايشوا مع امرأة تحمل نفسها فوق طاقتها لتسعد من حولها ولتسهم في بناء مجتمعها ,, ألا ترون أنها تستحق التقدير ,, نعم,, فهي تذهب إلى عملها بكل همة ونشاط وترتيب يصل إلى درجة التقدير ,, ثم تعود إلى منزلها منهكة القوى ولديها من الأعمال والالتزامات الشيء الكثير إلى ان يخلد أبناؤها للنوم ,, ثم تخيلوا امرأة حاملا تكابد وتتحمل التعب وتخلص في عملها طيلة فترة حملها ,, لا تشكو الآلام,, متحاملة على نفسها ,, صبورة,, تؤدي عملها بكل أمانة وعلى أكمل وجه.
حقا إنها وردة شامخة,,تعتلي الجميع,, منظرها جميل ,, وظلها فسيح,, ورائحتها أجمل من كل شيء,.
إن كل ما سبق من أدوار تلعبها المرأة في حياتها تعد إيجابية في حياتها,, ومخرجات عملها فائدة المجتمع من خدماتها وإعدادها لجيل واضح عليه الجهد والإخلاص,, وإن كان هناك بعض السلبيات التي لا تذكر فالكمال لله وحده إلا انها تتلاشى امام المنتقدين لها عند اختفاء كل هلال,, ليصبح الناقد حملا وديعا مكسور الجناح,.
وأنا هنا لست ضد التعاون بين الرجل والمرأة ولكنني أتمنى مقابلة الإحسان بالإحسان,, لقد وصل الأمر بكثير من الأزواج بعدما تبدلت حياتهم ومعيشتهم بدرجة قد لا تستطيع أيها القارئ الكريم قياسها إلى التعالي والتمرد على من أوقفهم في مصاف الرجال المكافحين الذين كابدوا الحياة وصارعوها بجهدهم وعزتهم حتى تجاوزوا الصعاب.
يقول لي عندما سألته عن راتب زوجته هل تأخذ منها شيئا,, أقسم بالله انه لا يأخذ ريالا واحدا,, قلت في نفسي ياله من رجل عصامي ,,ولكني سألته كيف؟ قال لي ان زوجته تصرف على نفسها وعلى الخادمة وعلى المنزل والأولاد (ملابسهم ومستلزماتهم وكل ما يتعلق بشؤونهم) قلت له وش بقى!! عندها قلت لنفسي انه رجل عاص وليس عصاميا,, هل تصدقون انه لم يذكرها بخير على هذه الأدوار حقا انه رجل جاحد لا يستحق حتى عباءتها ,, والأمثلة كثيرة.
أما المرأة العاملة غير المتزوجة وأخص بالذكر من تأخرت في زواجها بسبب ظروف أسرتها,, أقول لها جزاك الله خيرا وعوضك خيرا فأنت من ضحيت في شبابك,, فلا تندمي أبدا فيما تقدمينه من تضحيات تجاه والديك وأسرتك التي رعتك صغيرة حتى أصبحت تحملين الشهادة والوظيفة ووصلت إلى هذه المكانة, فحالك أفضل ممن تزوجت ولم تنجب أو أنجبت وطلقت وبدأت عليها المشاكل من كل اتجاه,, واعلمي ان الله لا يضيع أجر من أحسن عملا واجعلي أملك بالله قويا,, فإرادة الله فوق كل ما يتمناه المرء وما يسعى إليه,, لك مني ومن مجتمعك كل تحية وتقدير.
إن ما تقدمه الزوجة لزوجها من خدمات متعددة منها ما سبق ان ذكر وانتهاء بالسيارة والمنزل وتكوين الأسرة ليعد جهدا خارقا للعادة يجب ان تكافأ عليه,, فوالله لو حج بها على ظهره لم يوفها حقا.
ومع هذا نجد من لا يقدر هذه الجوهرة والألماسة الثمينة الجميلة التي تضيء كل دروب الحياة,, وياليت من أهانها أو سلبها حقها أو جرح مشاعرها يعاقب حتى ينصلح حاله ويعود إلى رجولته,, أصلحنا الله وإياكم ووفقنا لما يحب ويرضى.
عبدالعزيز الغريبي حائل
|