| الاخيــرة
عندما انقطع عن الكتابة لظروف خارجة عن إرادتي أو بإرادتي فإنني اعود اليها بنهم الأطفال للآيسكريم بعد نزلة برد, ولا ادري عندها ما الذي (أبديه) من كم المواضيع المتراكمة في دمي.
والحقيقة إنني لا أفهم وهذا موقف معقد من الحياة وليس موقفا نقديا من الكتابة كيف تتطاوع بعض الكتاب اكفهم لان يكتبوا في (ما هب ودب) من المواضيع كما افعل الآن في هذه المقدمة الزائدة عن حاجة الزاوية، بينما هناك شؤون وشجون اجتماعية وسياسية محلية وعالمية من الأجدر بكُتاب الاعمدة والزوايا الصحفية خاصة الانشغال بها ولو من باب (تحليل) الريالين اللذين يدفعهما القارىء ثمناً للجريدة, وهو ثمن ليس رخيصا لو أراد القارىء الاطلاع على ست صحف رسمية، والسابعة في الطريق تؤجج أشواقنا اليها حرارة الإعلان، وأرجو ألا تعتبر جريدة الجزيرة كلامي هذا إعلاناً إضافياً فتتهمني بالتسلل أو تطالبني بالدفع لا سمح الله .
* * *
مواضيع هامة:
على اية حال هناك الآن أمامي في عدة مواضيع تتحدى الصمت بحقها في الطرح ولا ادري ما الذي اطرحه منها اليوم وما الذي اكنزه لزوايا تجيء,, ومن هذه المواضيع على سبيل المثال:
* كلمة سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في مؤتمر الألفية الكوني والتي جاءت مترعة بأحلام هذا الوطن وهذه المنطقة في علاقة عالمية أكثر عدلاً وأكثر احتراماً لتطلعات شعوبها.
* الخطوة الهامة في مصادقة المملكة على الوقوف بحزم ضد أي شكل من أشكال التمييز تجاه المرأة بمجتمعنا السعودي والتي نأمل أن تجد مصداقية عملية لها عندنا على مستوى المؤسسات والافراد من مؤسسة الأسرة الى التعامل الفردي اليومي عند ما تمشي امرأة على قدميها في شارع عام لتبتاع دواء او تقضي لزوما، وما إليه.
* ومن المواضيع الهامة ايضا هناك قرار مجلس الوزراء الإيجابي فيما يتعلق باجراءات القضاء وتعود المحاكم وإدخال تجديدات اساسية على اسلوب العمل داخله, مما ينتظر ان يعود بنفع عميم اذا أجيد التطبيق على الجانب الاجتماعي والشرعي الهام في علاقات المؤسسات والافراد.
* هناك موضوع انتشار التعليم التعويضي عن التعليم الجامعي ومدى كفاءته الأكاديمية.
* هناك موضوع اتفاق منظمة الأوبك الاخير فيما يتعلق برفع سقف الانتاج وما يتعلق به من مواضع لا تمس المواطن في البلدان المستهلكة فقط بل تمس المواطن في البلدان المنتجة لما لمثل هذه القرارات من تأثير مباشر على مستواه المعيشي.
وهذه كلها مواضيع حيوية ساخنة لي ولغيري من الكُتاب كامل الحرية والحمد لله لأن نكتب فيها أو في غيرها من المواضيع بشرط ان نساهم فيه نحن الكُتاب انفسنا وهو ألا نستثير حفيظة وزير ولا ندغدغ أحلام فقير.
الموضوع:
لعلني أبدأ بما انهيت به القائمة ولكن ليس من زاوية أوبك على وجه التحديد بل من زاوية جدل النفط والطريقة الفرنسية الواقع في قلب الأحداث هذه الأيام, على انه للأمانة فإن (اختياري هذا ليس اختيار تفضيل بقدر ما هو اختيار لعب الإعلام دورا كبيرا في إملائه عليّ وعليكم, إذ ما فتحت صحيفة من الصحف الاجنبية على الانترنت هذا الاسبوع من (الاندبندنت) البريطانية الى الواشنطن بوست الامريكية إلا ووجدت موضوع (الشغب البترولي) بتصور تلك الصحف، بما يستنفر الذاكرة لعام 73 و79.
لقد قامت قائمة المزارعين وسائقي الشاحنات والتاكسي بفرنسا احتجاجا على الارتفاع في سعر سلعة البنزين ولم تقعد إلا عندما استجابت الحكومة لذلك المطلب المدني فخفضت اسعار ضريبة الاستهلاك على هذه السلعة.
غير أن ذلك لم يكن مجرد حدث محلي فرنسي، إذ أننا نجد كما يذهب بيترفورد والكسندر ماكليد من )Christion Slience Monitor( على لسان رئيس مركز الاصلاح الاوروبي ان مشروع الاتحاد الأوروبي قد نزل من عليائه السياسية والاقتصادية لينتشر داخل المجتمع المدني على امتداد أوروبا.
فها هي عدوى (الطريقة الفرنسية) تنتقل الى بلدان أوروبية اخرى وأولها بريطانيا، على ما لها من موقف متحفظ في بعض جوانبه من ذلك الاتحاد.
ورغم ان توني بلير الرئيس الحالي للحكومة العمالية قد رفض الاستجابة (للشغب البترولي) المطالب بخفض ضريبة الاستهلاك لسلعة البترول جعل لندن تصحو وتنام على (نفاياتها) مما افرغ محطات الوقود من اي قطرة وخصوصا في وليز.
بل ان بلير في هذا الصدد قد هاتف الملكة ليبلغها عن عزمه مقاومة ذلك المطلب بالعنف البوليسي وقد كتب ان بريطانيا في خضم محاولة تفادي عدوى الطريقة الفرنسية قد منعت البث التلفزيوني للتفاعلات على الشارع الفرنسي فان موقفه لم يجدِ ولم يمنع ما يقارب عدده خمسة آلاف بين مزارع وسائق من تنظيم انفسهم عبر الهواتف الجوال لمواصلة الاحتجاج.
وفيما لا يزال من غير الواضح مدى نفاذ سياسة بلير التشرشلية كما وُصفت في ثني الشارع البريطاني عن مطالبه، فقد انتقلت عدوى الطريقة الفرنسية الى عواصم اوروبية أخرى، فبينما انطلقت مظاهرات مشابهة في كل من بلجيكا وهولندا فإن الوضع يتبلور أيضا في ايرلندا باتجاه الطريقة الفرنسية، وتعقد الحكومة من اجل ذلك اجتماعاً عاجلاً لتفادي مظاهرات شعبية يزمع القيام بها يوم الجمعة غداً في دبلن.
وهناك ضغط مدني مماثل في كل من ألمانيا وإسبانيا وان لم تتضح بعد طريقة الحكومة في الاستجابة له.
والمدهش أن إعلان منظمة اوبك بعد اجتماعها يومي السبت والأحد بفيينا وتحت الضغوط الامريكية والاوروبية برفع اسقف الانتاج بواقع 800,000 برميل يوميا وبما يعادل ستة ملايين برميل سنويا لم يفلح في تهدئة الشارع الأوروبي كما لم يفلح في خفض أسعار البترول بل إن سعر البترول قد وصل يوم الثلاثاء الماضي 35,39 دولارا.
وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا؟
وبما أن المساحة لم تعد تسمح في بحث الاسباب السياسية والاجتماعية العميقة لذلك فربما نكتفي دون ان نفقد حاسة التساؤل، بالاجابة التي ادلى بها وزير النفط الفنزويلي ورئيس منظمة الاوبك الحالي,, انهم يلومون الدول المنتجة على ارتفاع الأسعار ويتناسون عدة عوامل جوهرية في هذا التأزم النفطي ومنها عنق الزجاجي التصنيعي، قيود النقل وتكاليفه وارتفاع أسعار الضرائب على الاستهلاك الداخلي للنفط في الدول المستهلكة نفسها.
وأخيرا إذا كانت منظمة أوبك قد وعدت بمزيد من مراجعة الوضع في اجتماعها القادم 2 نوفمبر وأبدت استعداداً لإجراء زيادة على زيادة سقف الإنتاج على أمل أن تتراجع الاسعار الى سعر 25 دولارا للبرميل، كما صرح بذلك وزيرنا للنفط (نقلاً حرفياً عن رويتر) فإن مواطني الدول المنتجة نفسها وكلها يتمنون على حكوماتهم تخفيضا في سعر هذه السلعة على مستوى الاستهلاك المحلي.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
|
|
|
|
|