| الاقتصادية
* القاهرة عبدالله الحصري
زادت أهمية الخصخصة في الوطن العربي كعنصر مهم من عناصر سياسات الاصلاح الاقتصادي واعادة الهيكلة وكواحد من الأدوات الرئيسية للتحول الى اقتصاد السوق واعادة توزيع الأدوار بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أغراض تتجاوز مجرد تحويل الملكية الى التركيز على كفاءة خصخصة الموارد وكفاءة الحجم والكفاءة الادارية وكذلك التقنية وتعزيز القدرة على المنافسة وتوسيع قاعدة الملكية والحفاظ على الأصول المملوكة للمجتمع, وتم عملية الاستخصاص عبر خطوات مترابطة في اطار بيئة مواتية تتسم بالنمو المتوازن داخليا وخارجيا وسلامة الاطار التشريعي والمؤسسي وتوافر المنافسة وتحرير الأسعار والتجارة الخارجية والاصلاح المصرفي واستقرار أسعار الصرف.
وتهدف برامج الخصخصة بوجه عام الى تقليص حجم القطاع العام ووضع حدود لنشاطه الى جانب تصفية الوحدات المتعثرة ونقل ملكية أو ادارة بعض المؤسسات الى القطاع الخاص وكذلك التخلص من الأعباء المالية على الدولة وزيادة الانتاجية في مؤسسات القطاع العام وتفعيل امكانات القطاع الخاص, في النشاط الاقتصادي واجتذاب رؤوس أموال جديدة وتطوير السوق المالية وتعويض التقصير في الخدمات التي تقدمها الدولة, حيث يتوقع في عملية الخصخصة ان يتولى القطاع الخاص المشهود له بالتميز في عمليات الادارة والانتاج والتسويق خلق تحسن في الانتاجية والربحية والكفاءة للمنشأة أو المؤسسة.
وطبقا لتقرير حول الخصخصة في الوطن العربي أعدته المؤسسة العربية لضمان الاستثمار يرى بعض المعارضين ان ذلك يتم على حساب الاعتبارات الاجتماعية والوطنية والانسانية ويقلص دور الدولة ويزيد الاحتكار ويعطي الفرصة لاستغلال المواطن, ومن هنا وتحقيقا للتوازن المنشود لابد ان تقوم الدولة بتوعية مواطنيها بأهمية برامج الخصخصة مراعاة للاجماع الوطني فيما يتعلق بالأثر على العمالة والشفافية وسلامة معايير اختبار المشروعات المزمع خصخصتها ووجود اطار قانوني سليم وآلية للمراقبة والمحاسبة وتطوير السوق المالية.
ويشير التقرير الى ان الخصخصة تتبع منهجية خاصة تتم على مراحل تبدأ بتصنيف المؤسسات العامة من حيث الأداء المالي عالي، متوسط، ضعيف ويليها تحديد الطبيعة الاحتكارية للمؤسسة وبالتالي تتم جدولة اجراءات اعادة هيكلة المؤسسات المزمع خصخصتها من حيث معالجة جوانب التنظيم ودعم الرقابة الداخلية وحل قضايا الادارة وتعبئة الموارد المالية والعمالة وتقييم القيمة المقبولة للمؤسسة بأسلوب السوق وأساليب التحليل المالي, ويتم بعد ذلك النقل الفعلي للملكية عبر منح الملكية بمختلف الطرق الخصخصة الجماعية أو العطاءات أو المزادات أو البيع لمستثمر رئيسي أو البيع بأسلوب الشرائح من خلال سوق الأوراق المالية, كما يمكن استخدام عقود الادارة وربطها بحسن الأداء كخطوة أولى نحو الخصخصة, ويمكن تمويل البيع عبر وجود سوق مالية متطورة أو عبر صناديق استثمارية وصناديق التأمين والتقاعد أو البيع المؤجل أو مقايضة الدين الخارجي بالمساهمة واتاحة الفرصة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر.
كما تحتاج الخصخصة الى انشاء جهاز مركزي لادارة العملية يجمع الخبرة المطلوبة ويتمتع بصلاحيات محددة خارج القيود الروتينية مع وضع خطة زمنية محددة لانجاز خارج عملية الخصخصة مع الالتزام بمعاييرالشفافية والعلنية وتحديد الأساليب التي تتواءم مع نوعية المؤسسات وتوفر الظروف الايجابية من حيث البيئة الاقتصادية والتشريعية والمؤسسية للدولة وتتيح الفرصة للتغلب على المعوقات الادارية والسياسية, وقد تتم الخصخصة بالجملة وبشكل عاجل أو بالتدرج على مراحل مع تحديد نطاقها واصدار التشريعات المنظمة لها وانشاء هيئات رقابية قطاعية.
وأكد التقرير ان عائد عمليات الخصخصة على مستوى العالم عام 1997م بلغ نحو 170 مليار دولار انخفضت الى 148 مليار عام 1998م بتأثير الأزمة الآسيوية ثم ارتفعت عام 1999م الى نحو 159 مليار دولار وتركزت معظم العمليات في قطاع الاتصالات,وعلى الصعيد الاقليمي وفقا للبيانات التفصيلية التي توافرت بلغت حصة الدول العربية من عائد عمليات الخصخصة التي تمت على مستوى العالم نحو 3% عام 1997م انخفضت الى 1,7% عام 1998م مقارنة مع ما تم تحقيقه في أمريكا اللاتينية 23% وفي أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفيتي 4% وسجلت 5 دول عربية مصر والأردن وتونس والمغرب والكويت ما قيمته 1,055 مليار دولار عام 1998م.
وقد شهد عام 1999م مجموعة من التطورات في مجال الخصخصة في عدة دول عربية وتعمقت مشاركة القطاع الخاص في قطاع البنية الأساسية باستخدام أسلوب البناء والتشغيل والنقل أو البوت وخاصة في مشاريع الطاقة الكهربائية واقامة محطات توليد الكهرباء المستقلة كما في الامارات والأردن واليمن ومصر مثلا وتقدر الدراسات المتخصصة ان احتياجات الدول العربية خلال العشر سنوات المقبلة من الكهرباء ستصل الى 100 ألف ميغاوات ومن المياه الناتجة عن مشاريع التحلية 800 مليون جالون يوميا بكلفة تقديرية 300 مليار دولار, كما يجري خصخصة قطاع الاتصالات في عدة دول عربية ويفتح المجال فيه لعقود وتراخيص ادارة خطوط الهواتف المتنقلة كما في السعودية ومصر والأردن والمغرب مثلا ويصاحب ذلك تطور البيئة القانونية والتشريعية والمؤسسية المنظمة للخصخصة ويجري تسهيل الاجراءات ليكون الجهاز الحكومي أكثر كفاءة في التعامل مع متطلبات القطاع الخاص.
ويؤكد التقرير على ضرورة سعي الدول العربية لاستيعاب حصيلة تجارب دول أخرى لضمان نجاح أهداف برامج الخصخصة العربية كما يجب ان تسعى للمواءمة بين متطلبات الاصلاح الاقتصادي وبين حاجات المواطنين وان تستكمل البيئة التشريعية والادارية مع الافادة من الفرص الاستثمارية التي يوفرها برنامج الخصخصة لاستقطاب حصة متزايدة من الاستثمار الأجنبي المباشر حيث لوحظ ان هناك تفاوتا محلوظا في مراحل التنفيذ بين مختلف الدول العربية التي تبنت الخصخصة كعنصر من عناصر التصحيح واعادة الهيكلة الاقتصادية.
ودلل التقرير على ذلك بأنه في مجال ادارة برنامج الخصخصة أنشأت مصر والمغرب جهازا مستقلا ومتخصصا على مستوى وزارة أما في نونس والأردن فقد كلفت بذلك وحدة مستقلة تابعة لرئاسة الوزارة.
وتجدر الاشارة الى ان بعض المشاريع العربية المشتركة مثل المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية عربسات التي انشئت عام 1976م بعضوية 22 دولة عربية تنتظر في امكانية فتح المجال لاستثمارات القطاع الخاص فيها لتحسين القدرة التنافسية وزيادة مواردها المالية والقدرة على الدخول في المشاريع العملاقة في مجالات عملها.
|
|
|
|
|